كتاب عربي 21

الحريق القادم من الصعيد

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
أقاوم بشدة رغبة قلمي في السخرية من زيارة عسكري الانقلاب للولايات المتحدة وعناوين صحف الانقلاب التي تُطبع في (السرايا الصفرا) والتي تتحدث عن (تهافت) هيلاري كلينتون وترامب للقاء عسكري الانقلاب، وهي عناوين تُشعرك أنك أصبحت مواطنا في كوريا الشمالية. 

من الكوميدي أن تتخيل ما سطرته صحف الانقلاب عن (طلب) هيلاري كلينتون لقاء أضحوكة انقلابات العالم، ومن الممتع أن تحلق بخيالك وتتصور مشهدا تبدو فيه كلينتون باكية تنهمر دموعها وهي تسطر رسالة استعطاف، تتوسل فيها لعسكري الانقلاب ليقبل لقاءها على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، يبدو أنهم يحاولون بها تعويض المهانة التي تعرض لها حين وقف في آخر الصف؛ منتظرا أن يمد له أوباما يده، بينما لم يلاحظ هذا الأخير وجوده أساسا، ومشهد سفاح روسيا، الذي لم يلحظ وجوده انهمك في حوار مع الرئيس أردوغان، متناسيا ذكريات عشاء برج القاهرة والجاكت الأحمر. 

مشاهد خيالية مسلية يحاول إعلام الانقلاب أن يقنع بها جمهوره، حتى وصل الأمر بأحد مواقع الانقلاب إلى القول بأن أخبار لقاء كلينتون بذلك النكتة، قد أثارت الرعب لدى الإخوان المسلمين، وهي عناوين لا يستفيد منها سوى باعة الفشار. 

الأمر مسل حقا، ومن المغري أن تكتب عن مصر التي تحولت إلى كوريا الشمالية وعن ذلك المزيج من عيدي أمين والقذافي ورئيس كوريا الشمالية (وإن كان الأخير اكثر ذكاء بشكل واضح)، الذي لا ينقصه سوى طاسة على الرأس لتكتمل الصورة وعن الرغبة المحمومة لدى إعلام الانقلاب لتمجيد عسكري الانقلاب، ولو على حساب الواقع ودون النظر لقدراته العقلية المحدودة. 

ربما كان من المسلي أن تتخيل الاستقبال الذي تعده الجالية المصرية له في نيويورك وحالة الهلع التي اصابت الانقلاب، فجعلت الكنائس تحشد كعادتها، والحقيقة أن ما حدث بسوهاج بالأمس يفوق في أهميته تلك النكات التي دأبت صحف الانقلاب على نشرها، ويفوق في أهميته ذلك الاستقبال الذي تجهزه الجالية المصرية لعسكري الانقلاب في نيويورك. 

حادثة لم تأخذ نصيبها من التركيز الإعلامي وقعت بالأمس في أحد مراكز سوهاج. 

عشرون من المسلحين قاموا بإيقاف عدد من السيارات التي تحمل أنابيب الغاز وباعوا الأنابيب للأهالي بسعرها الرسمي (13 جنيها)، ثم سلموا حصيلة البيع للمسؤولين عن السيارات وانصرفوا إلى حال سبيلهم.
 
سُحُب غضب شعبي مكتوم بدأت تتجمع  هناك في الصعيد وربما غطت مصر كلها. 

لم يسفكوا دما ولم يسرقوا مالا، فقط أرادوا أن تصل الأنابيب إلى الأهالي بسعرها الرسمي. 

بوادر غضب شعبي أفصحت عن نفسها في حادثة صغيرة تكشف عن انفجار قريب لشعب غاصت منه ملايين إلى طبقات أدنى، تحت ثقل الأسعار وتهاوي سعر الجنيه أمام الدولار. 

المياه التي بدأت تفور وتقترب من الحافة لتكتسح ما أمامها ووقتها ستقف مؤسسات العسكر عاجزة. 
إنذار باللهجة الصعيدية، واكب قرض صندوق النقد الدولي والحديث عن زيادات الأسعار المرتقبة. 

حريق قادم من الصعيد قد يبتلع العسكر ومؤسساتهم، ولن تفلح كل مؤسسات العسكر في إطفائه.

الحادثة على صغرها، لها جانب رمزي آخر يكشف عن قناعة شعبية عميقة بفشل العسكر في إدارة المرافق. 

العسكر بعد الانقلاب وصلوا بمصر للحافة، ويمكن القول بأن عصابة الانقلاب تجلس الآن فوق بركان لم يتبق الكثير على انفجاره، والسؤال هو متى!!
التعليقات (5)
ظافر
السبت، 17-09-2016 09:03 م
هل اصبحت مصر دولة داخل دولة العسكر في السودان التي يشقها نهر النيل والارض خصبة عزف الفلاح السوداني عن خدمتها لان زمن حمع المحصول ياتي الجيش وياخذ 90% من المحصول على اساس البلاد في حالة حرب وفي الحقيقة هي حرب ضد شعبها امامصر اختارت الخيار الاستراتيجي هذا يذكرني بالظابط سيف شديد عبد القوي اختصاص مدفعية بعد التخرج وجه للاشراف على ميس الظباط يعني يشرف على الفول والطعمية والبيشمال والراقصات فهو كان يحلم بتحرير فلسطين والاراضي المغتصبة فلما دقت ساعة الحرب بدأ في الرقص لانه لا يعرف الا ذلك.
على عامر
السبت، 17-09-2016 12:08 م
والله رغم إنى حزين على قول هذا الكلام لأنى من أبناء العيد ومن سوهاج لكن لا أنطق إلا بالحق أن تستقر الأوضاع فى ليبيا عند80فى 100افضل من استقرار مصر من أبناء الصعيد الصعايدة كل همهم أن يحصلوا على فيزه او كارت زياره لا يهمهم إلا لقمه العيش أما موضوع الكرامه والحرية موضوع ثانوى محتاج سنين من التنوير الجهل مرض قاتل
ميرنا
السبت، 17-09-2016 02:15 ص
الكلام ممتاز والتنفيذ صعب .................
مصري
الجمعة، 16-09-2016 11:05 م
مطلوب تحرك شعبي من هذا النوع و في كل محافظات مصر للوقوف ضد غلاء الأسعار الناتج عن سوء التوزيع والنهب الممنهج من قبل العسكر .
محمد الدمرداش
الجمعة، 16-09-2016 08:06 م
السلاح و فرض واقع ..................... هناك بون شاسع بين الواقع و المفروض في جوانب شتى من الحياة المصرية و منها أن ثور 25 يناير 2011 أفرزت مفروض ينسجم مع رؤية و تطلعات غالبية المصريين و لكن العسكر خلقوا واقع بقوة السلاح و لكن هذا الواقع لا يفي بحاجات و حياة المصريين الذين يقع حوالى 40% منهم تحت خط الفقر 40% في خط الفقر و يتجسد ذلك بوضح في الصعيد و على الأخص في محافظة سوهاج التي صدرت لعشوائيات العاصمة حوالى 3 مليون هارب من الفقر و باحث عن خبز ليقيم حياته المعوزة و حياة ذويه الذين يعانون الفاقة و ينظرون شعاع نور انفراج في الأحوال و واقعة الهجوم المسلح على سيارة أنابيب غاز البوتاجاز بالقرب من أحدى قرى فقراء محافظة سوهاج له قراءة اختصارها أن العسكر فرضوا واقع بقوة السلاح و قطاع من الشعب يحاكى العسكر في فرض مفروض بقوة السلاح و لأن الواقع و المفروض في مصر نقيضان و العامل المشترك بينهما استخدام السلاح فأن الأحوال المصرية على شفى مواجهات مسلحة بسبب أخفاقات نظام في أدارة متطلبات شعب و دولة يواكبان المفروض المقبول الذى يقصى لغة السلاح فيا ترى هل فهم أحد الإرهاصة أم أن الغطرسة و الكبر و التكبر متمكنان من عسكر مصر و السياسة الناعمة غائبة و الصدام هو الحل لكل المواقف ؟ أسلوب الإجابة هو مستقبل مصر .