كتاب عربي 21

تُؤمم مصر شركة مساهمة عسكرية

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
بعد انقلاب العام 1952 قال شمس بدران أحد جلادي عصابة ضباط يوليو تعليقاً على نجاح الانقلاب (هما هياكلوها لوحدهم؟). كانت تلك الجملة العابرة تعبيرا عن أكثر من ستين عاماً من النهب واللصوصية. 
هكذا رآى العسكر مصر وشعبها، شركة مساهمة يتكسبون منها.

ربما كان الرجوع لظروف نشأتهم أمراً مهما من الناحية البحثية ولكنه على الأغلب غير متاح نظراً لتعمد العسكر إخفاء ماضيهم والظهور بصورة مختلفة عن الحقيقة. 

في كتاب اعترافات اعتماد خوشيد، نقلت حديثاً دار بينها وبين صلاح نصر قال لها فيه (قبل الثورة "يقصد انقلاب يوليو" كنا ديدان الأرض)، هكذا وصف ثالث رجل في الدولة حاله قبل الانقلاب بكثير من المرارة. عبد الناصر نفسه طلب من محمد نجيب طباعة 10 آلاف جنيه جديدة لكل ضابط من ضباط الانقلاب لتأمين مستقبلهم وهو ما رفضه محمد نجيب وكاد يلقي به من السيارة كما روى في مذكراته. 

وبعيدا عن الهالة الإعلامية الملائكية المكذوبة التي روجها العسكر عن الزهد المزعوم لعبد الناصر، بإمكانك أن تقرأ في كتاب "تجربتي" لعثمان أحمد عثمان كيف قام ببناء فيلتين في مصر الجديدة لابنتي عبد الناصر ثم تقاضى 3 آلاف جنيه فقط عن كل فيلا ومن مصروفات الرئاسة أي من جيب الشعب.

بعيدا عن شاشات إعلام العسكر ومؤرخيهم وكتبهم الدراسية والصحفيين الغاطسين حتى ذقونهم في وحل السرد الحكومي والذين لا يتوقفون عن ترديد الخزعبلات الرسمية عن زهد عبد الناصر ونزاهته المزعومين، بإمكانك أن تقرأ عن التفاح الذي كان يأتي لمنزل عبد الناصر بالطائرة من لبنان ومخزن الجبن السويسري في منزله بمنشية البكري بل بإمكانك إن بحثت قليلاً أن تشاهد صورة أو صورتين لعبد الناصر وهو يحتسي مشروباً كحلياً مع خروشيف.

الأمر بسيط، هؤلاء العسكر الذين يحكمون مصر بتفويض من السي آي إيه منذ انقلاب يوليو يرون الشعب سوقاً تجارياً، مصر بالنسبة لهم سوق تجاري يمارسون فيه البزنس. 

اختارتهم المخابرات الأمريكية بعد دراسة مستفيضة، والصفقة في منتهى البساطة، هم ومؤسساتهم يعملون غفرا ووكلاء للاحتلال ويقومون بحماية حدود الكيان الصهيوني وفي المقابل يُسمح لهم بالسرقة بلا سقف. 

لا توجد استثناءات، عبد الناصر والسادات والمخلوع الذي لا تخفى أرقام ثروته التي سرقها من الشعب على أحد، والعسكري الحالي. 

وما الشعارات الجوفاء كـ"تحيا ماسر" والوطن وما إلى ذلك إلا عناوين تسويقية يخفي خلفها العسكر حقيقتهم. 

فلا تستغرب طرح شركة البقالة المسلحة 30 مليون علبة حليب أطفال، ولا تستغرب ما تداوله بعض شهود العيان على مواقع التواصل الاجتماعي من إزالة لعربات الفول التي كان يفطر عليها السائقون على طريق مصر السويس الصحراوي ثم ظهور عربات فول يقف خلفها "عساكر" وليس من المستغرب أبداً أن ترى صوراً لأشخاص يرتدون الزي العسكري يفتتحون مدرسة لغات. 

وليس من المستغرب أن يتم رفع سعر ألبان الأطفال من 17 جنيهاً إلى 60 جنيهاً حتى لو مس ذلك حياة الأطفال، فالمهم أن تظهر شركة البقالة المسلحة بمظهر المنقذ وتطرح 30 مليون علبة حليب أطفال ليراكم أحدهم أو بعضهم أرباحاً بالملايين من جوع الأطفال، ولا أستبعد أبداً أن يكون عسكري الانقلاب شخصياً هو من يقوم باستثمار بعض الأموال التي حصل عليها مع بداية الانقلاب. 

وليس من المستبعد أن نرى صورا لضباط "يسرحون" في المواصلات العامة بـ"فلايات".. هذا ليس مشهداً بعيداً، ففي كتاب مذبحة الأبرياء للكاتب وجيه أباظة، ذكر قصة عن قيام ضباط جيش عبد الناصر بتجارة "إبر وابور الجاز" أثناء حرب اليمن. 

والمشكلة الكبرى أن معسكر الثورة الآن بحاجة إلى استجماع قوته من جديد، واتخاذ إجراءات ثورية حقيقية لمنع التدهور المتسارع الذي أصاب مصر، فالعسكر يتصرفون حيال مصر كعصابة سطو مسلح اقتحمت قصراً فخماً، وتراهم الآن يخلعون الأبواب والنوافذ ويحملون قطع الأثاث الثمينة بينما يكتفي البعض بالمشاهدة أو الحسبنة. 

على معسكر الثورة أن يفيق من هذا الكسل الثوري وأن يدرك أنه حارس مصر وأن الكسل الثوري ترف لا يملكه. 

علينا جميعا أن نضع حدا لأكثر من ستين عاماً من النهب المنظم حتى لا نسمع يوماً على الشاشات جملة: تُؤمم مصر شركة مساهمة عسكرية.
التعليقات (3)
محمد الدمرداش
السبت، 03-09-2016 12:26 م
مصر رهينة دولة العسكر ................ منذ انقلاب 1952 و مصر و شعبها رهينة سبى دولة العسكر و ما أفلحت حكومة عسكرية في تاريخ جميع دول العالم في أدارة دولة و النهوض بشعب و تنمية اقتصاد و وضع البلاد على خريطة الدول المتقدمة لأن التنشئة و العقلية العسكرية لا تصلح إلا لقتال و كسب أو خسارة معركة حربية أم الدول المتطورة الناهضة ففي قمة أدارتها ما يعرف برجال الدولة ذوى الأفق و القدرات المحلية و الإقليمية و العالمية على العمل البناء المتطور و استمرار مصر في قبضة العسكر هو خيار شعبها و نخبته لأنهم لم يجمعوا أمرهم على نفض غبار أسباب التخلف عن الأمم التي كانت خلفهم و اليوم أصبحت أمامهم كما أن تشكيل الوعى الجمعى و الرأي العام في عموم مصر مازال إلى اليوم بيد مستعبد مصر الأدارة الأمريكية التي ورثت استعبادها من المحتل الإنجليزي و لن يرحل عسكر مصر عن سدة الحكم حتى ينضج الوعى نضوجاً كاملاً أو أن يستمر العسكر في الأخفاقات التي تبعث إيمان الشعب بأنه لابد من رحيلهم .
واحد من الناس .. ارجو ان يصل تعليق للكاتبة المحترمة آيات العرابي
السبت، 03-09-2016 08:36 ص
...ماذا يحدث لو اجتمع الثوار على عدة مطالب فقط لتطهير البلد و منها مثلا: - تطهير الجيش و يتأى ذلك بإلغاء التجنيد الاجباري فورا و بأثر رجعي حتى تكسر شوكة المرتزقة بانهاء عهد العبيد و للابد- تأميم كافة مؤسسات الجيش الاقتصادية و اعلانها شركة مساهمة مصرية لكل مصري سهم فيها- احالة من تثبت ادانته بالمشاركة في الانقلاب الى المحاكمة العسكرية - فتح باب التطوع ممن سبق له الخدمة في الجيش كمجند او احتياط لسد الفجوة - تطهير الشرطة و القضاء و الاعلام بالمثل - مقاضاة كافة الدول التي ساندت الانقلاب دوليا و مطالبتها بتريليونات الدولارات كتعويضات. مطالبة الرئيس الشرعي للبلاد باصدار قرارا جمهوريا بكل تلك الطلبات الملحة و غيرها مما يجتمع عليها الكل و يقوم السيد الرئيس المنتخب بالموافقة على اصدار القرارات الجمهورية الخاصة بتلك الطلبات من محبسه على ان يكون عيد الجيش (6 أكتوبر) هو موعد اعلان هذه القرارت و موعد اشعال الثورة من جديد ليسقط مرتزقة الجيش في عيدهم كما سقط مرتزقة الشرطة من قبلهم في عيدهم.
غالي
الجمعة، 02-09-2016 08:11 م
الله يحفظك وينصرك انتي ومن معك من من المجندين في الحق <br>