كتاب عربي 21

رابعة.. جمرة لا تنطفئ

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
مجزرة رابعة والمجازر التالية عليها لم تكن عشوائية أبداً.

كانت مجزرتا الحرس الجمهوري والمنصة، مجازر تمهيدية الهدف منها قياس رد الفعل الشعبي في ظل سيطرة إعلامية كاملة. يمكن القول بغير كثير من التجاوز أن مجزرتي الحرس الجمهوري والمنصة كانتا اختبارا لستارة الخداع الإعلامي الذي تطلقه قنواتهم. 

الإعلام خدر المصريين بل كل الشعوب العربية منذ بداية انقلاب 1952 وحتى هزيمة يونيو 1967. 

 بل لقد نجح الإعلام في أن يخلق لك عالما وهميا تعيشه أنت وحدك. 

الإعلام هو من استطاع أن يجعلك تظن أن حرب أكتوبر سابقة التجهيز كانت تخطيطاً وخداعاً استراتيجياً، الإعلام هو الذي أقنعك أن هزيمة أكتوبر المرتبة بين كيسنجر وديان وصبيهما السادات، والتي أسر فيها العدو 8 آلاف مصري ووصل إلى مشارف القاهرة وعلى بعد أقل من 100 كيلومتر منها، هي نصر للعرب. 

الإعلام الذي استطاع تخديرك طيلة عقود منذ انقلاب 1952 إلى الآن هو نفسه الإعلام الذي استطاع أن يقنعك أن متظاهري الحرس الجمهوري هم من قتلوا بعضهم البعض. 

بحث أسباب تصديق البعض للإعلام وتكذيب أعينهم قد يحتاج إلى دراسة نفسية وتاريخية وإعلامية طويلة لا يتسع لها هذا المقام، إنما يمكن القول اختصارا إن من صدقوا أكاذيب الإعلام صدقوها لأنهم أرادوا أن يصدقوها. 

الرغبة في الانخداع التي تخفي خلفها الخوف من تحمل تبعات الحقيقة. 

الزوج المخدوع الذي يصدق تبريرات زوجته الخائنة، لأنه يريد أن يصدق، لا يريد أن يعترف لنفسه أنه مخدوع، لا يريد أن يهدم حياته المستقرة. في ركن منزوِ من نفسه يعلم أن زوجته خائنة وأنه مخدوع ولكنه يقنع نفسه بالاستمرار لأنه لا يتحمل تبعات مواجهة نفسه.

البعض يدرك أن الانقلاب لم يكن ليتم لولا البنتاجون ورضا الموساد ولكنهم يتعامون عن الحقيقة حتى لا يدفعوا ضريبتها الباهظة. 

يعلمون أن رابعة لم تكن مجزرة عشوائية، وربما قرأ بعضهم عن مجزرة شابلا التي ارتكبها الجيش والشرطة البنغاليان قبل أقل من ثلاثة أشهر من مجزرة رابعة وأدرك أن الروح الشيطانية التي دبرت مجزرة شابلا هي نفسها التي حركت العسكر لارتكاب مجزرة رابعة، فتفاصيل المجزرتين تكاد تكون متطابقة. 

في شهادتها نقلت ابنة الرئيس حواراً دار بين الدكتور سليم العوا وعسكري الانقلاب بتاريخ 2\7، كان الأول يحاول فيه إقناع الأخير بالقبول بمبادرة الرئيس مرسي, فرد عليه عسكري الانقلاب قائلاً: "أنا بعمل انقلاب عسكري يا دكتور عارف يعني إيه انقلاب يا دكتور سليم، يعني مينفعش أسيب حد منهم على وش الأرض". 

كانت الوحشية المفرطة إذاً تهدف إلى كسر إرادة معسكر الثورة. 

وكان العسكر يسمحون للإعلام بالعمل على جانبين, فمن ناحية يسمحون للإعلام الرافض للانقلاب بتسريب أخبار وصور المجزرة لتوفير الردع النفسي اللازم لمعسكر الثورة، ومن ناحية أخرى يغرقون جمهورهم في شلال من الأكاذيب عبر إعلامهم ليوفروا لهم المخدر النفسي اللازم لإسكات ضمائرهم. 

ولما لم تكن مجزرة رابعة كافية لردع معسكر الثورة, فكانت مجزرة رمسيس ثم كانت مجزرة عربة الترحيلات.

وفيما بعد تولت أجهزة المخابرات الغربية والمخابرات الروسية (بحسب اعترافات المدعو طارق حجي نقلاً عن بوتين كما قال للدكتور جمال حشمت في رسائله) مسؤولية تبريد روح القصاص وإطفاء جذوة الثورة.

ففي البداية وبعد مرور فترة المجازر الوحشية المتعمدة والأنباء غير المعقولة عن التنكيل بكل من يرفع علامة رابعة (خذ عندك مثلاً خبر القبض على إخواني رفع علامة رابعة بعد أن شاهده طيار إف 16 أثناء طلعة تدريبية !!!!!)، جاء دور المنظمات الحقوقية لتحقق انتصارات على الورق لمعسكر الثورة وتحاول امتصاص بعض من غضبه. 

فكان تقرير هيومان رايتس ووتش الذي تنفس الكثيرون بعده الصعداء، بعد فترة من قمع وحشي بدأت تخفت وقتها تدريجياً بإيقاع غير ملحوظ. 

محاولات لإطفاء جمرة رابعة في النفوس.

ثم جاءت بعد ذلك خدعة الاصطفاف. توجيه الدعوة لمعسكر متماسك ملتف حول هدف عودة الرئيس مرسي والقصاص من القتلة للاصطفاف!! 

وهو يشبه أن ترى منزلك مرتباً، فتقول لزوجتك رتبي المنزل!

كانت الأجهزة التي تقف خلف تلك الألعاب تتوقع الفوضى التي ستحدث في معسكر الشرعية وتقصدها تماماً ثم خدعة الحل السياسي الوهمي عن طريق السعودية، وحملة العلاقات العامة الشرسة التي هدفت للإيحاء للجميع بقرب حل سياسي يعيد الشرعية حتى أفاق الجميع على صفعة تيران وصنافير. 

مخابرات العسكر من جانبها قامت بمناورات شبيهة ضد معسكر الثورة وإن كانت مناورات أقل ذكاءً وأكثر انفضاحاً من الألعاب الغربية، فأطلقوا رجلهم هشام جنينة قبل ذكرى 25 يناير ليتحدث عن مستندات فساد ثم لعبة خالد علي الذي قام بصرف متظاهري تيران وصنافير مع وعد برفع قضية أمام القضاء الشامخ!! 

الانتباه لتلك الألاعيب في نظري هو صمام الأمان الأول لنجاح الثورة وإزالة حكم العسكر.
التعليقات (2)
واحد من الناس ... الشرارة .... قرار جمهوري رقم1 لسنة 2016 من رئيس الجمهورية الشرعي د: محمد مرسي:...
السبت، 20-08-2016 09:20 ص
.... فليتفق ثوار مصر على قرارات تكفل انهاء حكم العسكر و يصدرها الرئيس الشرعي من محبسه و لتكن اهمها: ..... تأميم كافة مؤسسات الجيش و اعلانها شركة مساهمة مصرية لكل مصري سهم فيها و بذلك يشترك كل المصريين في المكاسب المادية...... الغاء التجنيد الاجباري اعتبارا من 6 اكتوبر القادم لكافة المجندين و المطلوبين للتجنيد حتى هذا التاريخ .. و بذلك تنكسر شوكة المماليك الجدد........ الاعلان عن محاكمة كل من شارك او ساهم او ساند الانقلاب بتهمة الخيانة العظمى ... وبذلك سيراجع الجميع مواقفهم من الانقلاب....... قرار بتطهير الجيش و الشرطة و القضاء و الاعلام باقالة من تحوم حولهم الشبهات و محاكمتهم و استبدالهم بشباب مصر الثوري و بذلك يشارك الجميع في تطهير البلد ..... علاوة على الاعلان عن الانتخابات المحلية على الا يترشح لها الا شباب الثورة ليشاركوا في تطهير البلد و يكتسبوا الخبرات اللازمة التي تؤهلهم لقيادة البلد في المستقبل.....
محمد الدمرداش
الجمعة، 19-08-2016 10:52 م
لا يفلح الفاشل مهما فعل ............... أن ثورة 25 يناير 2011 لم تكن إلا ثمرة معاناة شعب من انقلابي 1952 الذين أحكموا قبضتهم على البلاد و أعملوا فيها الفساد و التجريف حتى صارت على قاب قوسين أو أدنى من دولة فاشلة يتتابع على حكمها عسكر لا يجدون صنعا في شأن دولة بحجم مصر و شعبها و تطلعاته و آماله و لما كان للعسكر الحاكمين لمصر صفات و حيثيات كما و صفها الدكتور جمال حمدان في موسوعته شخصية مصر و تتركز في المفاوضة و ممارسة السياسية المرنة مع الخارج و القمع و القهر و الاستعباد للمواطنين كان نسق و أخراج ثورة العسكر المضادة على ثورة الشعب بكل ما تحتويه من مجازر و قنص و قتل و سجن و تعذيب و تشويه للحق و الحقيقة و موالاة الخارج صاحب المصالح و المطامع الإقليمية و الاستراتيجية في الشرق الأوسط و لأن شخصية عسكر مصر لا تتطور و لا تتجمل بما فيه الكفاية لأقناع عموم المصريين فإن عوامل الثورة موجودة و أن كانت دفينة أو مكبوتة أو مقهورة أو يخيل للمشاهد للمشهد السياسي أنه مسيطر عليها و لابد أن تلك الثورة ستعود أشد و أشرس مما كانت عليه و تأتى على كل جذور منْ اساء إلى هذا الشعب لعدة أسباب أولها و أهمها استمرار العسكر في مسيرة فشلهم و لا يرجى لهم نجاح و من بعد نجد ان التغيرات الإقليمية و العالمية تصب في أتجاه وجوب نجاح الثورة و أن كل الذين راحوا ضحيا مجازر كرابعة و أخواتها السابقين و اللاحقين في عمر الثورة ما هم إلا وقود حى للاستمرار الثورة و عموم طوائف الشعب المصري يعرفون " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " حق المعرفة و لن يتركوا أنفسهم للضياع و انهيار الأمل بصناعة العسكر .