قضايا وآراء

مؤتمر للحفاظ على التراث الثقافي أم لفرض الثقافة الفرنكوفونية

1300x600
بدأت في السنوات الأخيرة تتفتح شهية الفرنكوفونية للتمدد والتغول في فضاء عربي وإسلامي جديدة في شرقنا العربي والإسلامي بعد أن ارتكبت المجازر الثقافية في حق هويتنا العربية والإسلامية في دول المغرب العربي وتعرت سياساتها الاستعمارية الهمجية في المغرب  بعد الاستقلال وما تزال دول المغرب العربي تصارع في سبيل استعادة هويتها والتحرر من أغلال التبعية الفرنكوفونية الثقافية.

 ويبدو أن الشهية الفرنكوفونية وجدت في الإمارات مرتعا خصبا في الفترة الأخيرة لترويج ثقافتها بل وجدت من يشتري هذه الثقافة بالمال العربي ويتحمل تكاليف ترويج التبعية الثقافية الفرنكوفونية على حساب الثقافة العربية والإسلامية ففي الوقت الذي ما تزال ترفض فيه دولة الجزائر الانضمام إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية بعد أن ذاقت ويلات الاستعمار الثقافي الفرانكوفوني يعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خلال زيارته الحالية للإمارات أنه سعيد بإعراب دولة الإمارات العربية المتحدة عن إرادتها للانضمام بصفة كاملة، لا كمجرد مراقب فحسب، إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية وهذا الإعلان كما هو معروف يأتي تتويجا لسياسات ثقافية بدأت منذ عشر سنوات عندما استعارت الإمارات 300 عمل فني لــ13 متحفا في فرنسا في إطار اتفاقية إعارة بمليون يورو وقعت في 2007 بين البلدين وفي نفس الفترة الزمنية تم افتتاح الفرع الوحيد لجامعة السوربون الفرنسية في أبو ظبي، وهو الفرع الوحيد في العالم العربي والإسلامي، ومن الواضح أن الزيارة الحالية للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند للإمارات تأتي استكمالا لمحاولات ترويج هذه التبعية بصورة ناعمة وتحت عناوين خادعة، ومن المثير للضحك أن يعلن الرئيس الفرنسي أن من أهداف زيارته المشاركة في مؤتمر حماية التراث الثقافي والجميع يدرك موقف الاستعمار الفرنكوفوني من الهويات الثقافية الأخرى وكيف عمل على اجتثاث هذه الهويات في سبيل نشر هويته الاستعمارية وفرضها بالقوة، فجميع الدارسين لتاريخ وحاضر الاستعمار الغربي يدركون اختلاف الاستعمار الفرنكوفوني عن الاستعمار الأنجلوساكسوني فالاستعمار الفرنسي لا يتوقف عند نهب الثروات وتوفير العمالة الرخيصة وتأسيس سوق استهلاكية جديدة وفرض التبعية الاقتصادية والسياسية، فقد انتهج الاستعمار الفرنسي بالإضافة إلى نهب الثروة وفرض التبعية السياسية والاقتصادية سياسة ثقافية خطيرة ومدمرة تستهدف جذور الهويات الثقافية والحضارية وتحاول اقتلاعها من الأعماق وطمسها واقتلاع جذورها التاريخية وفرضها ثقافتها الفرانكفونية وفرض لغتها بقوة في التعليم والإدارة مع منع التعليم باللغات الأم للبلدان المستعمرة وما تزال فرنسا كما يؤكد المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز "لا ترى في مجتمعاتنا غير أملاك استعمارية تقدم لها الجزية الثقافية"، ويؤكد بلقزيز أن الاستعمار الفرنكوفوني كان يحرص على "إنجاز جراحة ثقافية ولغوية تستتبع المستعمَر للمستعمِر، وتأتي بمعاول الهدم على استقلال شخصيته وكيانه، فتدفعه إلى اقتداء الغالب والإذناب له، والتماهي معه، وفقدان القدرة على وعيه لذاته إلا في علاقته الانجذابية به".

وما سبق يؤكد أن حضور الرئيس الفرنسي مؤتمر الحفاظ على التراث الثقافي مجرد عنوان خادع لفرض تبعية ثقافية فرنكوفونية جديدة سيتم تتويجها بالإعلان الرسمي عن الانضمام إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية كما صرح الرئيس الفرنسي بذلك حسب صحيفة الاتحاد.