ملفات وتقارير

تقرير عن تنامي التعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل

شكري ونتنياهو مصر إسرائيل
أشار معهد واشنطن للدراسات في تقرير حول العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل، إلى أن البلدين يسعيان إلى تنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة بعد سنوات من العلاقات الباردة بينهما في هذا المجال، مستندا إلى تقرير لموقع "واينت" الإخباري.

وبين أنه "لا يزال المسؤولون يعملون على تسوية التفاصيل، إلّا أنّ هذا الخبر يعكس المرحلة الآتية لعلاقة اقتصادية شهدت تقلباتٍ ملحوظة منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين عام 1979. كما يسلّط الضوء على امتداد هذا التعاون الثنائي، فيما يتخطّى التحسُّن في المجال الأمني".

وقال إنه "في عام 1980، بدأت العلاقات الاقتصادية الرسمية بين البلدين. وفي 8 أيار/مايو 1980، وبعد التوقيع على معاهدة السلام، وافق البرلمان المصري على الاتفاق التجاري الأول مع إسرائيل. وتمّ تشكيل عدد من اللجان المشتركة لتعزيز المشاركة في مختلف القطاعات، إلّا أنّ التعاون الفعلي بقي ضئيلا خلال فترة الحكم الطويلة للرئيس الأسبق حسني مبارك".

وأوضح أنه "في نيسان/أبريل من هذا العام، وللمرة الأولى منذ عشر سنوات، زار وفد إسرائيلي مصر للبحث في سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وكانت القاهرة تحرص على زيادة صادرات "المناطق الصناعية المؤهلة" إلى الأسواق الأمريكية، ولذلك رحّبت بمساعدة إسرائيل".

 وتتوزع "المناطق الصناعية المؤهلة" في مصر على مناطق القاهرة الكبرى والإسكندرية ومنطقة قناة السويس ومنطقة وسط الدلتا والصعيد،  وهي تضمّ أكثر من 700 شركة وتوظف نحو 280 ألف عامل. وحاليا، تمثّل هذه المناطق 45 في المائة من الصادرات الوطنية إلى الولايات المتحدة.


وقال المعهد في ورقته إنه "في كانون الأول/ديسمبر 2004، تمّ التوقيع على البروتوكول لتحديد المناطق كملحق لـ "اتفاقية التجارة الحرة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي ذلك الوقت، كانت هذه المناطق حيوية لاستمرارية صناعة الأقمشة في مصر، إذ دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في وقت كانت فيه "منظمة التجارة العالمية" تلغي قيود الحصص ذات الصلة، وتوقّع اتفاقيات تفضيلية مع دول أخرى".

وأشار إلى أنه "تسعى مصر منذ ذلك الحين إلى تخفيض المدخلات الإسرائيلية في "المناطق الصناعية المؤهلة" (أي نسبة المنتَج المصدّر الذي يجب أن يكون من صناعة شركات إسرائيلية، وذلك بناء على الصيغة الواردة في الاتفاقية الأساسية). وقد عُقدت دورتا حوار لمناقشة هذه المسألة، فوافقت إسرائيل في الدورة الأولى عام 2008 على تخفيض مدخلاتها من 11.7 إلى 10.5 في المائة.

"أمّا الدورة الثانية، فقد عُقدت قبل أسبوعين من تولي حكومة «الإخوان المسلمين» السلطة في عام 2012، ووافقت خلالها إسرائيل شفهيا على تخفيض المزيد من مدخلاتها، إلّا أنّها لم تفِ بالوعد فعليا. ولم يبحث الطرفان في المسألة من جديد قبل كانون الأول/ديسمبر 2015، عندما تناقل أن إسرائيل سلّمت 2 في المائة إضافيين من حصّتها في "المناطق الصناعية المؤهلة" إلى مصر"، بحسب الموقع.

على صعيد السياسة "تراجعت السياحة الإسرائيلية في مصر بشكل ملحوظ في أعقاب الانتفاضة الشعبية عام 2011، لينخفض عدد السياح من 226,456 زائرا عام 2010 إلى 133,620 عام 2012. وبدأت هذه الأرقام ترتفع من جديد بشكلٍ تدريجي بعد ذلك، لتصل إلى 140,425 سائحا عام 2014 و148,336  عام 2015".

وبين أنه "على الرغم من أنّ أرقام عام 2016 ليست نهائية بطبيعة الحال، زار البلاد حوالي 15 ألف سائح إسرائيلي بين شهرَي كانون الثاني/يناير وآذار/مارس، وهو عددٌ ضئيل نسبيا، يعكس انخفاضا حادا في السياحة الأجنبية الشاملة لمصر بعد تفجير طائرة روسية، كانت تنقل المسافرين في تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم. إلّا أنّ هذه الأرقام ارتفعت طوال فصل الصيف".

وأشارت إحصاءاتٌ من معبر طابا الحدودي إلى أنّ 14,270  إسرائيليا عبروا الحدود في شهر حزيران/يونيو، وتبعهم 29 ألفا في تموز/يوليو و45 ألفا في آب/أغسطس، وهي أعدادٌ مشابهة لتلك التي شهدتها مصر في صيف العام المنصرم (حوالي 90،000 إسرائيلي سافروا من إيلات إلى معبر طابا بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2015).

وقال إنه "في السنوات الأخيرة، تحوّلت مصر من دولةٍ مهمّة مصدّرة للغاز إلى دولةٍ مستورِدة له. ومن المتوقّع أن يستمر هذا الاتجاه حتى بعد بدء إنتاج الغاز من حقل «ظُهر» الضخم، قبالة الساحل المصري في العام المقبل".

وفي الوقت نفسه، اكتشفت إسرائيل حقول الغاز الكبيرة الخاصة بها، وهي اليوم أحد الموردين المحتملين للغاز إلى القاهرة بعد أن كانت قد استوردت الغاز المصري لسنواتٍ طويلة. وكانت عمليات استيراد الغاز هذه تُجرى عبر خط أنابيب يمرّ شمال سيناء وفي قاع البحر من العريش إلى عسقلان، إلّا أنّ عوامل دبلوماسية وأمنية واقتصادية مختلفة أدّت إلى توقف هذا التدفق بحلول عام 2012.

ومنذ ذلك الحين، بحسب المعهد، اقترحت الأطراف المعنية بهذا القطاع أن يتم عكس اتجاه خط الأنابيب موضع البحث، إلّا أنّ هذه الجهود تورّطت في فوضى قانونية بقيمة 1.8 مليار دولار، بعد أن لجأت "شركة الكهرباء الإسرائيلية" إلى التحكيم الدولي بسبب قطع مصر للغاز عنها عام 2012.

ويوضح المعهد أنه "منذ ثورة 25 يناير 2011، تضاءلت الخيارات المتاحة أمام مصر لإنقاذ اقتصادها، كما يتضح من كفاحها من أجل إصلاح العجز المتزايد في ميزانيتها، ونسبة البطالة المتزايدة في البلاد، وتراجُع السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة".

ويبين أنّ حوالات المصريين المغتربين - ومعظمهم يعيش في دول «مجلس التعاون الخليجي»، وتشكّل حوالاتهم المالية أصولا اقتصادية مهمة - قد شهدت تراجعا منذ الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية. وسيزداد الوضع الاقتصادي المصري خطورة إذا استمرت هذه المشاكل، وهي ليست على الإطلاق في مصلحة الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فحتى في خضم هذه الاتجاهات السلبية، تتطوّر في الآونة الأخيرة ديناميكيةٌ ثنائية إيجابية في مصر. فقبل ثلاثة عقود، وجدت واشنطن ضرورة لإدارة العلاقة المصرية - الإسرائيلية بشكلٍ مباشر. أمّا اليوم، فإن التغيرات في الديناميكية الإقليمية قد سمحت لهذين البلدين بالتقارب من دون وساطة أمريكية.

ويختم بقوله "نظرا للتعاون الأمني العميق بين مصر وإسرائيل والانهيار الاقتصادي المستمر في مصر، قد تكون الجارتان على أبواب مرحلةٍ جديدة من التعاون، ولكن فقط إذا كانتا على استعداد لتقديم الحوافز الكافية الواحدة إلى الأخرى".

وأكد أنه "من شأن هذا التحوّل أن يتناسب بشكل جيد مع المصالح الأمريكية الأوسع  المتمثلة في السلام والاستقرار الإقليميين. لذلك، يتعيّن على المسؤولين الأمريكيين تشجيع المبادرات المصرية - الإسرائيلية الأخيرة، واستكشاف سبل جديدة تسهم في توسيع آفاق هذا التعاون الاقتصادي وتعميقه".