ملفات وتقارير

دعم معلن لفلسطين واتفاقات سرية مع الاحتلال.. كيف أوقفت غزة تطبيع إندونيسيا؟

تعد إندونيسيا من أشد المؤيدين للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية- جيتي
كشفت تقارير إسرائيلية عن وثائق لعمليات شحن تثبت إتمام صفقة لبيع أدوات مراقبة وتجسس وتقنيات حساسة إلى إندونيسيا.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الدولة التي تعد ثاني أكبر دولة إسلامية، تتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال صفقات استخباراتية، وعسكرية رغم عدم التمثيل الدبلوماسي لعدم اعتراف إندونيسيا بدولة الاحتلال الإسرائيلي.


التقارير العبرية تأتي بعد أن أكد نائب الرئيس الإندونيسي معروف أمين في آذار/ مارس الماضي، أن بلاده لن تؤسس أي علاقة دبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي قبل تحقيق أي تسوية شاملة، تضمن للفلسطينيين دولة مستقلة وذلك خلال زيارته لنيوزيلندا.

وجاءت تصريحات نائب الرئيس الإندونيسي بعد أيام من نشر موقع "جويش إنسايدر" اليهودي الأمريكي تقريرا أشار إلى أن إندونيسيا كانت في طريقها إلى تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأكد التقرير أن معركة طوفان الأقصى، أجلت إتمام الترتيبات.

تعد إندونيسيا من أشد المؤيدين للفلسطينيين، وللقضية الفلسطينية ويدعم الشعب الإندونيسي حقوق الشعب الفلسطيني، حيث لا تهدأ الاحتجاجات والوقفات الداعمة لفلسطين منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.


وبعد تناقل الأخبار عن التطبيع بين إندونيسيا والاحتلال جاء رد رسمي من القصر الرئاسي الإندونيسي، حيث قال منسق موظفي مكتب الرئاسة آري دوي بايانا إن "كل القصة التي أوردها التقرير المذكور غير صحيحة".

ونفى المسؤول في القصر الرئاسي بشدة الخبر بأن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الذي تنتهي ولايته الثانية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قد أرسل مبعوثا خاصا لمناقشة إنشاء قنوات تواصل مع إسرائيل، بهدف تطبيع العلاقات معها.

إندونيسيا تحرم دعم الاحتلال

وأصدر مجلس العلماء الإندونيسي - أعلى هيئة دينية إسلامية في إندونيسيا - في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي فتوى تدعو إلى مقاطعة بضائع وخدمات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في خطوة تضامن مع الفلسطينيين.

وحرمت الفتوى الصادرة عن مجلس العلماء الإندونيسي على المسلمين دعم الاحتلال الإسرائيلي أو مؤيديه.



الحديث عن التطبيع بين الاحتلال والدولة الإسلامية أو التعاون دون وجود علاقات دبلوماسية لم يكن وليد اللحظة، ففي صيف 2020، تم استدعاء مسؤول كبير من دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى سنغافورة، بعد أن علمت السلطات أن شركات "إسرائيلية" تحت إشراف حكومة الاحتلال باعت تقنيات تجسس متقدمة، بما في ذلك جواسيس لاختراق الهواتف الذكية، إلى إندونيسيا.

وبحسب التقارير آنداك تعاونت شركة استخبارات السايبر الإسرائيلية Cognyte، وهي فرع من مجموعة "فارينت" الإسرائيلية، مع الشركة الأوكرانية Infozahyst لتوفير أنظمة اعتراض إلى أجهزة المخابرات الإندونيسية، بحسب ما أفاد به موقع "يسرائيل ديفنس".

وذكرت تقارير إعلامية أن "الشركة الإسرائيلية" تلقت طلبا في نهاية عام 2021 من إندونيسيا، بشأن توفير هذه المنظومة، لكنها لم تنجح بإيجاد شريك قادر على توفير نظام التقاط اتصالات القمر الصناعي المطلوب من قبل العميل الإندونيسي".

علاقات إندونيسيا بالاحتلال تاريخيا
وتاريخيا انطلقت العلاقات بين إندونيسيا والاحتلال الإسرائيلي بعد وقت قصير على إعلان قيام دولة الاحتلال، لكن ظلَّت هذه العلاقات محدودة للغاية حتى وصول نظام الرئيس محمد سوهارتو إلى السلطة عام 1968 واقتصر التعاون آنذاك على المجال العسكري عبر مجموعة اتفاقيات سرية.


فيما اشترت إندونيسيا في السبعينيات والثمانينيات أسلحة من الاحتلال، وتلقَّى الجنود الإندونيسيون التدريب داخل الأراضي المحتلة، كما انخرطت الحكومتان في تعاون أمني غير معلن بعد توقيع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين عام 1993.

أما في المجال الاقتصادي، فقد ارتكزت العلاقات التجارية على تصدير إندونيسيا للكثير من المنتجات الزراعية كزيت النخيل والورق والأخشاب إلى الاحتلال، في المقابل حصلت على تكنولوجيا وبرامج إلكترونية إسرائيلية.


وبدأ التوسع في العلاقات مع وصول الرئيس عبد الرحمن وحيد عام 1999 الذي يعتبر أول مَن سعى إلى التطبيع، ورغم المعارضة الداخلية القوية فقد شهدت تلك الفترة سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى بين جاكرتا وتل أبيب، خاصة تلك التي عُقدت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وحتى تلك الآونة لم يصل قطار التطبيع إلى محطته الأخيرة بين إندونيسيا والاحتلال حيث توجد قيود إندونيسية كبيرة على التجارة المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ تُمنع الشركات الإسرائيلية من الحصول على شهادة ممارسة الأعمال التجارية في إندونيسيا كون دولة الاحتلال غير معترف بها رسميا، إلا أن غرفة التجارة الإسرائيلية الإندونيسية في تل أبيب أنشئت عام 2009 بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية بعدما بلغ حجم التبادل التجاري بينهما عام 2008 نحو 100 مليون دولار.


وكشفت وسائل إعلام أمريكية عن تناول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ملف تطبيع العلاقات بين إندونيسيا والاحتلال خلال زيارته الأخيرة لجاكرتا في كانون الأول /ديسمبر 2021، بعد جهد إدارة ترامب من قبل في ضم البلد الآسيوي إلى قائمة الموقِّعين على اتفاقيات أبراهام ليُسجَّل ذلك ضمن إنجازاتها، وطلبت وقتها إندونيسيا اتفاقا تجاريا مُطوَّرا مع الولايات المتحدة مقابل اتخاذ خطوات نحو التطبيع، حسبما أشارت بعض المصادر الإسرائيلية حينها، لكن مع انتهاء عهد ترامب توقَّفت المفاوضات.