سياسة عربية

عون يقترب من رئاسة لبنان بدعم الحريري.. وبرّي أبرز الرافضين

الحريري جاد في دعمه عون - أرشيفية
تقترب أزمة انتخابات الرئاسة اللبنانية من خط النهاية، بعد عامين على انطلاقها، بانتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في عام 2014، وذلك بتقدم الحريري بـ"مبادرة" يعلن فيها دعمه للنائب الجنرال ميشال عون، المدعوم من حزب الله من اللحظة الأولى، والتخلي عن ترشيح النائب سليمان فرنجية.

وذكرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، جدّي في دعمه للجنرال عون، "ولا يناور في هذا الموضوع، بل يكمن في ترقب رئيس المجلس نبيه بري، بعدما باتت الكرة الآن في ملعبه، باعتبار أنه المعقل الوحيد الذي لا يزال يرفض ترشيح عون".

وأشارت الصحيفة إلى اتصال الحريري برئيس القوات سمير جعجع؛ لإبلاغه بأنه سيعلن خلال الأيام القليلة المقبلة تأييده لعون، وبذلك يملك عون أصوات "المستقبل" و"القوات" و"حزب الله".

وكان مصدر مقرب من زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، تحدث لـ"عربي21" قبل أيام عن تذليل العقبات أمام استمرار الفراغ الرئاسي، في ظل تفاهمات حول المرحلة القادمة على المستويين الداخلي والخارجي، وفق قوله.

وقد لفت رئيس حزب التوحيد العربي، وزير البيئة اللبناني السابق، في تغريدة له على "تويتر" إلى إتمام طبخة الرئاسة، وقال: "انقضى الأمر، ميشال عون رئيسا للجمهورية".

وتشير الصحيفة إلى أن "عون ماض في تقديم كل التسهيلات أو التنازلات التي من شأنها أن تلاقي قبولا ورضى حتى عند بري؛ إذ لم يعد قانون الانتخاب أول بند على الجلسة التشريعية، كما كان يطالب نواب عون، بل بات هناك بنود أخرى تسبقه".

بدورها، ذكرت صحيفة المستقبل أنه من المرتقب أن ينطلق رئيس "التيار الوطني الحر"، الوزير جبران باسيل، في جولة على الأطراف السياسية، موفدا من عون، في محاولة لفتح قنوات رئاسية متقاطعة تزيل ما أمكن من العوائق المعترضة طريقه نحو قصر بعبدا، في حين يستعد التيار على خط مواز للحشد الشعبي على هذا الطريق نهار الأحد.

ورغم أن حزب الكتائب لم يكشف عن موقفه الحالي بعد الاتفاق على عون، إلا أن صحيفة المستقبل تقول إن الحزب الرافض لأي تساهل في العمل التشريعي قبل إتمام المجلس النيابي مهمته الانتخابية الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية، سجّل عبر مكتبه السياسي موقفا متقدما من الاستحقاق الرئاسي، طالب فيه القوى المعترضة على التعطيل المستمر في نصاب انتخاب الرئيس إلى "التكتل في وجه الاستيلاء على البلد والمؤسسات؛ منعا للسقوط في المحظور والانتقال من حكم القانون إلى حكم الأقوى".

يشار إلى أن المهل الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد بدأت في 25 آذار/ مارس 2014، وانتهت في 25 أيار/ مايو من العام ذاته، وهو اليوم الأخير من ولاية الرئيس ميشال سليمان، وذلك وفق نص المادة 73 من الدستور اللبناني. 

ويُنتخب الرئيس بأكثرية الثلثين في جولة الانتخاب الأولى، وبالأكثرية المطلقة في الجولات اللاحقة. لكن منذ الاستقلال حتى اليوم، تُبين الانتخابات السابقة أن الممارسة استقرت على اعتماد نصاب الثلثين في كلّ جلسات انتخاب رؤساء الجمهورية منذ عام 1943.

بري وجنبلاط وفرنجية


في هذا المشهد، الذي يبدو أن عقده قاربت على الحل، ما زال رئيس مجلس النواب نبيه بري ثابتا على موقفه برفض ترشيح عون للرئاسة، إلا أنه لا ينوي تعطيل الأمر، على ما يبدو، حيث تجاوز رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس إشكالية جدولة أعمال التشريع، بإحالتها إلى مكتب المجلس الجديد بعد انتخابه وأعضاء اللجان النيابية في الجلسة العامة، المقرر انعقادها الثلاثاء المقبل.

واقتصر الاجتماع الأخير لهيئة المكتب الحالية على استمزاج الآراء النيابية وتسجيل المواقف السياسية إزاء المستجدات الرئاسية. 

وتوضح صحيفة المستقبل أنه في خضم النقاش، الذي دار خلال الاجتماع حول خارطة مواقف الأفرقاء والحلفاء من ترشيح النائب ميشال عون، برزت مجاهرة بري علنا، ومن دون أي مواربة، برفضه القاطع لتبوؤ عون سدة الرئاسة الأولى، قائلا بصريح العبارة لأعضاء هيئة المكتب، وفق ما نقلت مصادر متقاطعة في الهيئة: «لا أريد عون رئيسا».

وقد حصلت ملاسنة بين عون وبري سابقا، فقد وصف عون بري بالـ"غير شرعي"، وعاد ووضح أنه كان يقصد "المجلس كاملا" بوصف "غير شرعي"، وليس رئيس المجلس بعينه. ونقل مصدر نيابي بعدها عن بري قوله: "هل أنا "بندوق" حتى يقول عني (عون) إنني غير شرعي؟".

ولا يبدو أن بري سيبقى وحيدا؛ حيث إن رئيس تيّار «المردة»، النائب سليمان فرنجية، مستمر بترشحه للرئاسة الأولى، "ولو بقي نائب واحد معه، ولن يتراجع عن هذا الموقف"، بحسب كلامه.

وبذلك، بدأت معالم جبهة تحالفات انتخابية، يريدها الرئيس بري والنائب فرنجية شبيهة بتلك التي حصلت عام 1970، وقد ينضم إليها وليد جنبلاط، الذي لن ينتخب عون، وسيكون بصف بري، بحسب مصادر صحفية.

ويشير محللون إلى أن الأزمة اللبنانية لا تنتهي بانتخاب رئيس جديد فقط، بغض النظر عمن سيكون هذا الرئيس، وما يحمله من أفكار ومشاريع سياسية، فالأزمة تتطلب تسوية شاملة وحوار معمق لكل الملفات العالقة.

لكن، لم يخف الكاتب قاسم قصير أن "الوصول إلى اتفاق لانتخاب رئيس جديد قد يساعد على حلحلة بقية الملفات، وفتح المجال أمام الحوار لمعالجة القضايا الأخرى، كقانون الانتخابات، والحكومة المقبلة، والاتفاق على رؤية موحدة حول الأزمة السورية، ومناقشة مستقبل سلاح حزب الله والمقاومة، ودور الحزب الإقليمي، وإعادة النظر بالنظام السياسي القائم؛ من خلال مراجعة تطبيق اتفاق الطائف، وإجراء التعديلات المناسبة عليه، على ضوء ما طبق منه حتى الآن خلال خمس وعشرين سنة ماضية.