ملفات وتقارير

الملك سلمان يصل مصر.. ما ملفات الاختلاف المتوقع مناقشتها؟

العاهل السعودي غادر الرياض متوجها إلى القاهرة تلبية لدعوة السيسي- واس
تثير زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، الخميس، الكثير من التكهنات لا سيما أنها تأتي في ظل التوترات والصراعات التي تشهدها دول المنطقة العربية، وتعدّ حدثا مهما على مستوى التوقيت والرهانات التي تنتظرها.

إذ وصل الملك سلمان الخميس، إلى القاهرة في زيارة تستغرق خمسة أيام هي الأولى التي يقوم بها إلى مصر منذ توليه السلطة مطلع العام الماضي.

واللافت في هذه الزيارة وفق ما تابعته "عربي21" أنها تأتي رغم الكثير من اختلاف الأولويات ووجهات النظر في بعض الملفات الإقليمية، بين الرياض والقاهرة.

وبات متوقعا بالنسبة إلى المحللين السياسيين والمراقبين أن يجري في هذه الزيارة بحث الملفات الخلافية، التي تأتي في مقدمتها الأزمة في سوريا، وترسيم الحدود البحرية، والخلافات بين القاهرة من جهة والدوحة وأنقرة من جهة أخرى، وأخيرا الأزمة اليمنية.

وما زاد من حدة هذه الخلافات أن دول الخليج العربي، التي أغدقت المساعدات على مصر منذ عام 2013، شعرت على نحو متزايد بأنها تعرّضت للخذلان بسبب ما اعتبرته قصور السلطات المصرية في معالجة الفساد المترسخ، وضعف الاقتصاد، وتقلص الدور المصري على الصعيد الإقليمي.

النفوذ الإيراني

يذهب كثيرون إلى القول بأن القاهرة لا يبدو موقفها واضحا فيما يخص سعي السعودية ودول الخليج إلى تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، والتفاهم بشأن آليات حجب تدخل طهران في دول عربية.

من جهته، علّق المحلل الأمني العراقي، مصطفى العاني، الذي نقلت تصريحاته وكالة الأنباء الفرنسية، بالقول إن "السعوديين يحرصون على عدم السماح بانهيار مصر. لكن لا يمكنهم في الوقت ذاته أن يواصلوا الدفع إلى الأبد. وأعتقد أن الملك سلمان بن عبد العزيز سيشرح هذه المسائل"، أثناء زيارته.

وأضاف أن الزيارة جاءت لتخفف من التوترات الأخيرة في العلاقات، وجذب المزيد من الاستثمارات السعودية، وطمأنة الرياض بشأن دعم القاهرة لموقفها إزاء إيران، وبحث إمكانية إبرام صفقات السلاح.

إلى جانب ما ذهب إليه العاني، فإن معلقين رأوا أن الزيارة تدعم "أهمية التنسيق المصري السعودي في الحفاظ على استقرار المضايق البحرية، خصوصا باب المندب عند مدخل البحر الأحمر، الذي كانت تستغله إيران في تقديم الدعم لجماعة الحوثيين في اليمن، وتوظيفه ضدّ مصالح السعودية".

وبحسب رئيس وحدة دراسات الخليج في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، معتز سلامة، فإن التحدي الأكبر بالنسبة إلى الرياض والقاهرة حاليا مواجهة وتحجيم التواجد الإيراني في المنطقة.

وأضاف في معرض تصريحاته لصحيفة "العرب" اللندنية، أن هذا التواجد ازداد شراسة بعد الاتفاق النووي مع الغرب، وما ترتب عليه من شائعات حول استجابة طهران للضغوط الغربية في الحد من طموحاتها النووية، مقابل توسيع دورها في منطقة الخليج العربي.

وذهبت بعض التقديرات إلى أن الزيارة قد تمهّد الطريق إلى ردم جزء معتبر من الهوة قبيل انعقاد القمة الإسلامية في تركيا بعد أيام، حيث يحظى الملك سلمان باحترام كبير لدى كلّ من مصر وتركيا.

القضية السورية

محاولات تقريب وجهات النظر بين البلدين، تتصدرها الأزمة السورية، ذلك أن هناك اختلافا واضحا في المواقف بين البلدين، فمصر رحبت بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، وقالت إن هذا من شأنه وقف انتشار ونمو الجماعات الإرهابية هناك، بينما نادت السعودية بضرورة أن توقف روسيا ضرباتها العسكرية، منوهة إلى أن هذه العمليات الحربية كانت سببا في سقوط عدد كبير من المدنيين.

والخلاف الشديد الآخر بين القاهرة والرياض هو مصير بشار الأسد، فالمتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، قال في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن مسألة بقاء الأسد، أو عدمه أمر يحدده الشعب السوري، في المقابل، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في الأول تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إن على الأسد أن يرحل، أو يواجه خيارا عسكريا.

وتنتقد مصر دعم المعارضة ضد جيش النظام السوري، وترى أن ذلك يؤدي إلى مزيد من الاحتقان، ولا يؤدي إلى حل الأزمة، وعلى النقيض من ذلك لا ترفض السعودية دعم فصائل المعارضة المعتدلة، التي توجه ضربات عسكرية لنظام الأسد.

الأزمة اليمنية

ويرى البعض أن العلاقات السعودية المصرية تتسم بحالة من الغموض، عززها غض السلطات المصرية النظر عن مظاهرات أقيمت في وقت سابق أمام السفارة السعودية في القاهرة، رفع فيها المشاركون شعارات ضد الملك السعودي، وحملوا لافتات تعارض ما أسموه "العدوان السعودي على اليمن".
وتزامنت هذه المظاهرات مع حملات صحفية وتلفزيونية مصرية على السعودية، كان أبرزها تخصيص الصحفي المصري ابراهيم عيسى، الذي يعدّ من الإعلاميين المفضلين للسيسي، برنامجا خاصا هاجم فيه بشكل غير مسبوق القيادة السعودية.

الجدير بالذكر أن وفدا حوثيا ضم أعضاء من حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، زار القاهرة، وذلك في محاولة لحشد تأييد بعد زيارات سابقة لطهران وموسكو.

وهذه العلاقات ينظر إليها بانتقاد بالغ، إذ إن السعودية تقود حلفا عربيا ضد جماعة الحوثي وعلي صالح في اليمن، وتتهمها بأنها تتلقى الدعم من غريمها في المنطقة، إيران.

وما زالت الخلافات بين مصر والسعودية، تطرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مصير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، فضلا عن تأثير هذه الخلافات على التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة.


يشار إلى أن الملك سلمان حظي باستقبال كبير في مطار القاهرة، من قبل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي الذي يولي أهمية كبيرة لعلاقات بلاده مع السعودية، خصوصا أنها قدمت مساعدات اقتصادية كبيرة لمصر منذ انقلابه على الرئيس المصري محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.

وفي بيان صادر عشية وصوله للعاصمة المصرية، قالت الرئاسة المصرية إن القاهرة "لن تنسى لجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز مواقفه المقدرة والمشرفة إزاء مصر وشعبها".

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، في هذا البيان، إن زيارة الملك سلمان "تشهد ترحيبا كبيرا من جانب مصر قيادة وحكومة وشعبا".

وأذاع التلفزيون الرسمي المصري لقطات حية لوصول طائرة الملك سلمان والوفد المرافق له إلى مطار القاهرة الدولي، وكان في استقبالهم السيسي وعدد من كبار مسؤولي نظامه.

وقال التلفزيون إن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، وصل إلى القاهرة قبل قليل من وصول الملك سلمان.

وتشمل زيارة الملك لقاءات مع عدد من كبار الشخصيات والمسؤولين المصريين، بالإضافة إلى لقاء أعضاء مجلس الأعمال المصري السعودي. 

وتأتي زيارة الملك سلمان إلى مصر تلبية للدعوة الموجهة من السيسي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.