مقابلات

إخوان الأردن: متمسكون بالمراقب ونسعى لـ"تنفيذي" توافقي

مراد العضايلة - عربي21
نفى رئيس المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مراد العضايلة، أن يكون الترخيص الذي تقدم به المراقب العام الأسبق، والمفصول من الجماعة عبدالمجيد الذنيبات، لوزارة التنمية الاجتماعية الأردنية هو تصويب للجماعة القائمة منذ 69 عاماً.

وأشار العضايلة في حواره مع "عربي21" إلى أن الترخيص الممنوح للذنيبات هو لكيان جديد آخر منفصل عن الجماعة الأم الممنوحة ترخيصا من مجلس الوزراء في العام 1953 باعتبارها "جماعة إسلامية شاملة" أردنية غير مرتبطة بأي أصل آخر خارج حدود البلاد.

وعلى الصعيد الداخلي أكد القيادي في الجماعة أن فصل ذنيبات والذين تقدموا معه من القيادات بطلب ما قالوا إنه "تصويب لوضع الجماعة القانوني" جاء بعد رفضهم لمحاولات ثنيهم عن هذه الخطوة "الخطيرة التي تهدد قانونية وشرعية الجماعة".

وقال العضايلة، المحسوب على تيار "الصقور"، إنه لا وجود لأي نية لتخلي المراقب العام الحالي همام سعيد، عن منصبه "لأنه يمثل رأس الشرعية" في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن خلافات حول قانونية وشرعية حول الجماعة.

ولفت القيادي الإخواني إلى أن سعيد يجري حاليا مباحثات مع كل الأطراف لتشكيل مكتب تنفيذي جديد يمثل جميع الأطراف، والانتقال بمرحلة توافقية إلى انتخابات جديدة.

ونفى العضايلة وجود أي تنظيم سري داخل الإخوان، معتبرا أن أي قرار يتخذ يتم بترتيب مسبق بين المجموعات المتفقة والمتقاربة فكريا كما في حال الجماعات والأحزاب، رافضاً الاتهام بوجود أي علاقة تؤثر على اتخاذ القرار مع حركة المقاومة الإسلامية حماس. 

وفيما يلي نص المقابلة التي أجرتها معه "عربي21":

 أثمرت جهود المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين والمجموعة المرافقة له، بالحصول على "ترخيص لإعادة تصويب وضع الجماعة" كما يقولون، وفشل الرهان على أن الحكومة الأردنية لن تستجيب لهم بحكم أنهم لا يمثلون أي جهة تنفيذية أو تشريعية في الجماعة.. كيف ستتعاملون مع هذا الواقع، وما السيناريوهات المتوقعة؟

لابد ان نسترجع التاريخ قليلاً، سجلت جماعة الإخوان المسلمين في عام 1946 باسم "جمعية الإخوان المسلمين"، ولم ينص ترخيصها على أنها فرع وامتداد لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة، ثم في عام 1953 وبقرار من مجلس الوزراء صوب وضع الجماعة وتمت تسميتها بـ "جماعة الإخوان المسلمين".

إذن الجماعة لها صفة اعتبارية مرخصة من رئاسة الوزراء، وهي لا تتبع لوزراة التنمية الاجتماعية ولا وزارة الداخلية، إنما ترخيص بقرار إداري ذا صفة اعتبارية صحيحة، منذ عام 1953، ولذا عندما تم في عام 1958 حل الأحزاب السياسية لم تحل الجماعة، أي أنها ليست حزبا سياسيا. وفي عام 1965 عندما استحدثت وزارة التنمية الاجتماعية، وتم طلب تصويب وضع الجمعيات الخيرية لم يطلب من الجماعة تصويب أوضاعها على أساس أنها "جماعة شاملة" وليست جمعية خيرية.

وأيضاً في عام 2008، مع القانون الأخير للجمعيات، وجه طلب لجميع الجمعيات في الأردن، السياسية والخيرية منها، إلا جماعة الإخوان المسلمين.

وفي ترخيصنا للجماعة في العام 1953 "لم ينص قرار مجلس الوزراء على أنها امتداد وفرع لجماعة الإخوان في القاهرة".

 وأين صار الخلاف حول ارتباطكم في مصر؟ خصوصاً أن وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة صرح بذلك؟

هناك نص داخلي في القانون الأساسي للجماعة، يشير إلى ارتباطها بإخوان مصر، وهذا يعالج داخليا وسيتم تصويبه، ولا علاقة للدولة بالأمر، فترخيصنا كما ذكرت "جماعة إسلامية شاملة" أردنية. كما أن جماعة الاخوان في مصر حلت في العام 1954، ولو أنها رخصت على أساسها لطلب تصويب الأوضاع في وقتها.

وحتى لو أرادت الدولة طلب التصويب، فيجب أن يوجه لقادة الجماعة الشرعيين الممثلين لأفرادها، بشكل رسمي وقانوني، وهو مالم يحصل.

 ودعني أوضح أكثر بخصوص ترخيصنا، في العام 1965 عندما نشأ قانون الجمعيات الخيرية في وزارة التنمية الاجتماعية أنشأت الجماعة ذراعا خيريا لها أسمته "جمعية المركز الإسلامي"، وفي العام 92 عندما نشأ قانون الأحزاب، رخصت الجماعة حزباً سياسياً لها، أصبح ذراعها السياسي.

بمعنى أن الجماعة كلما أرادت أن تمارس عملاً فإنها تنشئ مظلة مرخصة تمارس من خلاله العمل.

وتعاملت الدولة الأردنية عبر 70 سنة، مع هذا الكيان بهذه الصفة، وتعاملت مع قياداته على هذا الأساس. ودخلوا الحكومة باسم الإخوان المسلمين، ودخلوا الانتخابات باسم الإخوان المسلمين 1989، وكان آخرها لقاء مع الملك في شهر 2 في العام 2011، فلو كانت هذه القيادة غير مشروعة ما التقى بها الملك.

 بالنسبة لتداعيات الوضع الداخلي، قال الأستاذ سالم الفلاحات إن لجنة المصالحة التي ترأسها الدكتور عبداللطيف عربيات لم تعط مهلة لحل الخلاف مع الذنيبات سوى 24 ساعة، هل تعتبر أن يوما واحدا فقط  مهلة كافية لحل مشكلة مستعصية مثل هذه؟

في كل الحالات السابقة، مثل مؤتمرات الإصلاح تعاملت الجماعة بهدوء ودون ردود فعل عنيفة، ومراجعة أخوية، وعندما لم يفلح ذلك تم تحويلهم إلى محاكم داخلية، وأخذت مراحل وردود فعل وأشهر.. الخ.

لكن في هذه القضية كانت القيادة أمام قضية تاريخية، يهدد وجود الجماعة، فكان لابد من رفع الغطاء التنظيمي والشرعي عن هؤلاء باعتبارهم ليسو أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين.

وقبل الفصل كان قد دعى المراقب العام همام سعيد مجموعة من قيادات الجماعة التاريخية، منهم عبداللطيف عربيات وحمزة منصور وأحمد الكفاوين وجميل أبو بكر وغيرهم، وأبلغهم بما وصل الجماعة من معلومات تفيد بأن 10 أشخاص ذهبوا الى مجلس الوزراء وحاولوا ترخيص الجماعة، وأخبرهم أني أضع القضية بين أيديكم لتحلوها.

وكان ثمرة جهود المجموعة أن الذنيبات أغلق جميع وسائل التواصل معهم، ولم يسمع منهم خلال يومي الأربعاء والخميس، وبعد ذلك، قام المراقب العام يوم الخميس بدعوة  مجلس الشورى للانعقاد، يوم السبت.

 لماذا تسرعتم وفصلتم الذنيبات والقيادات الإخوانية الأخرى التي معه، ولم تفضلوا الحل السياسي معهم وثنيهم عن توجههم للترخيص؟ كما أن هناك شبهات أصلاً حول قانونية الفصل بحسب ما ذكر الأستاذ سالم الفلاحات في مداخلة له مع قناة اليرموك؟  

مع تقديري واحترامي للأستاذ سالم الفلاحات إلا أنه لم يكن مصيبا فيما قال، فالمادة 31 من القانون الأساسي الداخلي للجماعة تنص على التالي، "يعتبر اجتماع مجلس الشورى قانونيا إذا حضرته الأغلبية المطلقة،-يعني 51% أي 27 عضوا-،  من مجموع أعضائه، والقرارات تتخذ بأكثرية الحاضرين المطلقة، باستثناء الحالات التي سبق نص عليها في هذا القانون.

والحالات التي سبق النص عليها في هذا القانون هي اثتنين فقط، تعديل القانون الأساسي الذي ينص على حضور ثلثي أعضاء المجلس، وإعفاء المراقب العام من منصبه، "بالأغلبية المطلقة للمجلس"، ونص على الأغلبية المطلقة للمجلس في هذه الحالة.

وعندما تم الكلام عن المادة 28، بند فصل الأعضاء، قال بالأغلبية المطلقة، أي الأغلبية المطلقة للحضور، وهذا ما ما كانت عليه قرارات سابقة، سواء في العام 1997 حيث فصلت الجماعة أعضاء على خلفية قضية نيابية.

لماذا استفحلت الخلافات الداخلية الإخوانية إلى هذا الحد الغير مسبوق؟

الأمر هذه المرة متعلق بالأخ عبدالمجيد ذنيبات، فهو منذ انتهاء فترته وهو يمارس مسارات تختلف عن رؤية الجماعة، حتى في فترة الاستاذ سالم الفلاحات، ورفض الخضوع  لقرار مجلس الشورى بعدم المشاركة في مجلس الأعيان وأصر على المنصب.

كما أنه جزء من السبب في المشكلة التي وقعت في جمعية المركز الاسلامي، ووراء تسليم ملفاتها سابقا للجهات الحكومية، فالممارسة من الأستاذ عبد المجيد قديمة، وهو لا يعمل وفق نسق الجماعة ولذا اتخذ هذا القرارات، أما الخلافات الأخرى فهي في إطارها الطبيعي.

يرى الكثير من المراقبين أن القيادة الحالية فشلت في الحوار الداخلي، وعمقت الخلاف بين الأطراف، ولم تستطع الإبحار في سفينة الجماعة إلى بر الأمان.. لماذا لا تستقيل وتجري انتخابات جديدة؟ ألم يحدث هذا مع المكتب التنفيذي الذي كان يقوده الأستاذ سالم الفلاحات في العام 2007؟

لابد من الإشارة إلى أن ما حدث في الـ2007 لم يكن استقالة من المكتب التنفيذي بقيادة الاستاذ سالم، إنما ما تم هو قرار من مجلس الشورى بحل نفسه بعد نتائج الانتخابات النيابية في نفس السنة وإجراء انتخابات مبكرة.

المراقب العام (همام سعيد) قدم مبادرة قبل 4 أشهر، وفيها الذهاب إلى انتخابات مبكرة، إضافة إلى تعديل القانون الأساسي، وتوسيع المكتب التنفيذي وإضافة أعضاء جدد.

إذن المكتب التنفيذي لم يكن لديه أي مانع في الذهاب إلى انتخابات مبكرة. نحن كقيادة تحملنا المسؤولية وقدمنا مبادرات عديدة لحلحلة الأمور، إلا أن الطرف الآخر رفضها.

 تعكف قيادات شبابية وشخصيات تاريخية في الجماعة إلى تشكيل مبادرة تتمثل في إعادة تشكيل المكتب التنفيذي للجماعة، وتسليم قيادة مؤقتة زمام الأمور، كيف ستتعاطون معها؟

مجلس الشورى في جلسته الأخيرة كلف المراقب العام شخصيا بالتشاور مع جميع الأطراف، لإحداث حالة من التوافق الداخلي، إما بتشكيل مكتب جديد برئاسته، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة.

 هل يمكن أن يستقيل الشيخ همام ويسلم شخصية أكثر توافقية لإدارة مرحلة انتقالية؟

هذا الأمر غير وارد بتاتا، لأن هذا مساس بشرعية الجماعة في هذه اللحظة التي فيها خلاف قانوني وشرعي. والخيار المطروح كما قلت تشكيل مكتب تنفيذي جديد برئاسته، وأصلا الشيخ همام بقي من فترة ولايته سنة واحدة.

 توجه اتهامات بوجود تنظيم سري يقود الجماعة؟ هل تبايعون تنظيما آخر داخل التنظيم؟

يبدو أن فشل البعض في الانتخابات الداخلية، جعله يسوق اتهامات لا أصل لها، فمرة قالوا إن حماس تتدخل عبر المكاتب الإدارية الموجودة في الخليج، فاتفقت القيادة على أن تنفصل مكاتب الخليج عن إخوان الأردن، ومن ثم جاء خلاف على عدد مقاعد الشعب كون القانون كان يعتمد النسبية، وحل الأمر بإعطاء الشعب مقاعد كاملة، ثم جاء موضوع التنظيم السري. إذن حقيقة الأمر أن هذه مبررات للفشل الانتخابي لا أكثر.

لا يمكن أن أخفي أن هناك مجموعات تنسجم رؤاها الفكرية مع بعضها وتنسق فيما بينها لاتخاذ أو الدفع باتجاه قرارات معينة داخل مجلس الشورى، وهذا يحدث  في كل الأحزاب والحركات. لكن "تنظيم سري"، أي قيادة سرية ولها طاعة تعلو على قيادة الجماعة، فهذا غير موجود بتاتاً، لكن هناك كما قلت ترتيبات بين كتلة معينة، فلنسمها "كولسات"، وهذا أمر طبيعي، وهذا حدث حتى في أول انتخابات مرت بها الجماعة في انتخاب محمد عبدالرحمن خليفة حين تم التوافق عليه بديلا عن المؤسس عبد اللطيف أبو قورة، إذن الأمر طبيعي، أما الحديث عن تنظيم آخر وبيعة أخرى فقطعا غير موجود، وقد حُقق فيه ولم يخرج ما يثبت ذلك.

كما أن ما يسمى بلجنة الاصلاح، ألا تعتبر كولسات وتكتلات وو الخ. إذن الأمر طبيعي.

ودعني أقول لك كلمة بخصوص حماس، في عام 2010 جاء خالد مشعل بطلب من الملك شخصيا وتمنى علينا للمشاركة بالانتخابات، إلا أن قرار مجلس الشورى كان عدم المشاركة بالإجماع.