ملفات وتقارير

صحيفة: الممر البحري لغزة خطة أمريكية إسرائيلية لإطالة احتلال القطاع

بدأت الولايات المتحدة ببناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة - الأناضول
نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية ملفا تحت عنوان "خطة الممر البحري"، قالت فيه إن سلطات الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية لا تريدان إنهاء الحرب في غزة، وتخططان لحصار القطاع وإدارة عملية إدخال المساعدات بحرا إلى القطاع؛ لإطالة أمد احتلاله.

وتابعت في تقرير لرئيس تحرير الصحيفة، إبراهيم الأمين، بأنه "ليس لدى العدو أي برنامج عمل في المرحلة المقبلة، سوى تكريس الاحتلال، وفرض وقائع تعزّز فكرة أن غزة لم تعد مكاناً صالحاً للحياة، واستغلال كل فرصة لإخراج الناس منها، طوعاً أو غصباً".

وتابع الأمين بأن "ما يعرضه العدو في كل أوراق التفاوض هدفه الفعلي تحرير أسراه من قبضة المقاومة، ثم العودة إلى حرب الإبادة مجدداً، وهو ما لا يعارضه الأمريكيون مهما قالوا في تصريحاتهم".



ولفت إلى أن الجديد، اليوم، لا يتعلق فقط بالهجوم الذي يُحضّر له ضد رفح، بل بإجراءات دائمة تجعل كل القطاع مقسّماً إلى مناطق، يهدف العدو إلى جعل قسم كبير منها غير صالح للسكن، ومنع الناس من العودة إليه نهائياً، مع بناء منطقة عسكرية فاصلة في وسط القطاع تمنع التواصل بين شماله وجنوبه إلا عبر نقاط عبور يسيطر عليها جيش الاحتلال.

وقرّر بايدن أن يتولى الجيش الأمريكي، بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية، إدارة عملية الممر الإنساني البحري الذي يتولى نقل المساعدات من قبرص إلى غزة عبر آليات يعدّها ويشرف عليها هذا الجيش، ويترك لقوات الاحتلال التحكم بنقاط الوصول عند الشاطئ، على أن يجد شريكاً غربياً، وهو يبحث الأمر مع الجانب البريطاني. وقد أجرت الإدارة الأمريكية اتصالات، ومارست ضغوطاً الشهر الماضي، وتوصّلت إلى خطوات عملية هي:

أولاً: إبلاغ قبرص أن خطة "ألماثيا" التي عملت الحكومة القبرصية على إعدادها في الأشهر الخمسة الماضية، استُبدلت بها عملية إنسانية، بإشراف أمريكي، وأن ما يبقى من الخطة القبرصية هو استخدام مرفأ لارنكا كمركز للانطلاق وجمع المساعدات، والإبقاء على "صندوق ألماثيا" لدعم الممر البحري وتوفير تمويل له من أمريكا وأوروبا والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت.

ثانياً: تكليف القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي ووزارة الدفاع الأمريكية، بالتعاون مع وكالة التنمية الأمريكية (USAID)، إعداد الخطوات العملانية للمشروع.

ثالثاً: الاتفاق مع منظمة الغذاء العالمي التابعة للأمم المتحدة (WFP) على المشاركة من خلال تولي توزيع المساعدات داخل قطاع غزة، من دون التعاون مع وكالة "الأونروا" الخاصة بشؤون اللاجئين. وقد بدا أن هناك اتفاقاً متكاملاً بين واشنطن ودولة الاحتلال على استكمال عملية الإجهاز على هذه الوكالة، ومنع أي عمل لها، حتى ولو حصلت على تمويل من جهات أخرى غير الولايات المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن حكومة الاحتلال بدأت العمل على عدة مستويات، منها الجانب الميداني المتمثّل ببناء وضعية ميدانية على شاطئ غزة المقابل لمنطقة الوسط، التي يمر عبرها الطريق الواصل بين الشارعين الساحلي (الرشيد) والشرقي (صلاح الدين)، وتُعرف بمنطقة "نيتساريم"، حيث كانت المستوطنة الإسرائيلية الشهيرة. وقد أعدّ العدو خطة متكاملة، بدأ العمل بها منذ نحو شهرين، من خلال توسيع الطريق بين الغرب والشرق بعرض يتجاوز 60 متراً، وبناء أساسات خرسانية على جانبي الطريق المرصوف حالياً بالحصى، تمهيداً لرفع جدارين من الناحيتين الجنوبية والشمالية، لحجب الرؤية من الجانبين، وإقفال كل الثغرات التي يمكن للأفراد استغلالها للتنقل بعيداً عن نقاط التفتيش.



وأكد التقرير أنه توجد في تلك المنطقة حالياً مستوعبات يستخدمها الجنود، إلى جانب غرف ميدانية، هي عبارة عن خيم عسكرية مع طاولات وكراسٍ خاصة بالجنود، فيما تنتشر الآليات في نقاط تمّ تجريفها ووضع سواتر ترابية من حولها للحماية، خصوصاً بعدما بدأت المقاومة منذ ثلاثة أسابيع رفع مستوى عمليات القصف على هذه المنطقة بالصواريخ وقذائف الهاون. وتتولى وحدات هندسية بمشاركة قوة استخباراتية تجهيز البنية التحتية لإقامة نقاط تفتيش للعابرين وفق آلية العمل القائمة في الضفة الغربية وعند مناطق الدخول إلى أراضي الـ 48، من خلال اعتماد معبر فردي هو عبارة عن مسار مقفل بالحديد من الجانبين، وضيّق بما لا يسمح بمرور أكثر من شخص، ثم عبور بوابات حديدية لا تسمح للعابر بالعودة من النقطة نفسها، على أن يخضع العابرون لنظام التعرّف الرقمي عبر تجهيزات رقمية ضخمة مرتبطة ببرامج خاصة تحتوي على داتا الفلسطينيين، وأخذ بصمات الوجه واليدين، إضافة إلى صورة شاملة تسمح بالتعرّف إلى الطول والوزن والعلامات الفارقة.

وفي الوقت نفسه، يستكمل العدو عمليات التجريف الواسعة في غالبية الأحياء الشرقية في مناطق الشمال والوسط وصولاً إلى الجنوب، ضمن خطة تهدف إلى منع أي وجود سكاني في تلك المنطقة كونها تشكل خطراً على غلاف غزة، كما يجري العمل على تجريف المناطق التي دُمرت في مناطق الشمال كافة. علماً أن الهجوم الأخير على مجمع الشفاء لم يستهدف فقط ضرب أي قدرة مدنية على إدارة المناطق أو إدارة برامج المساعدات، بل تدمير محتويات المجمع لمنع إعادة تشغيله سريعاً.

الممرّ البحري في خدمة إطالة الاحتلال

وبعدما كانت قبرص تعوّل على موافقات أولية حصلت عليها من أكثر من عشرين دولة، وعلى عدم ممانعة رسمية من جانب قوات الاحتلال، وغير رسمية من حماس، لمس القبارصة في المراحل الأولى من المفاوضات أن الجانب الإسرائيلي يريد لفكرة الممر أن تبقى ضمن خطته الشاملة، لا أن يصار إلى تحويلها إلى معبر دائم يتحول مع الوقت إلى مركز تبادل تجاري وبشري بين القطاع والعالم، ما يسمح بفك الحصار عنه.

وحسب الأمين، فقد حاول الجانب القبرصي الحصول على دعم من ائتلاف عالمي يسمح بمنع حصر إدارة المشروع بالجانب الإسرائيلي. إلا أن القبارصة الذين قدّموا الكثير من الدعم لحكومة العدو في السنوات الماضية، أُحبطوا مما يسميه مسؤول أمني قبرصي "استعلاء الإسرائيليين وطلباتهم غير المحدودة"، ما أثّر على محاولات الجانب القبرصي بناء علاقات جديدة والقيام بإجراءات ثقة مع قوى ودول في المنطقة، لتفادي انعكاس الحضور العسكري والأمني والتجاري المتعاظم لإسرائيل في الجزيرة، خصوصاً أن العدو لا يهتم للتمايز بين جانبي الجزيرة، ويقود عبر شبكة من رجال الأعمال أكبر عملية تملّك في شطري الجزيرة، وهو إن كان يحظى بدعم رسمي أكبر في نيقوسيا، إلا أن «الفوضى المنظّمة» في الجزء التركي من الجزيرة تفيده أيضاً.

وفيما كانت المفاوضات جارية حول فكرة الممر الآمن النشط، والمفتوح على مدار الوقت، تلقّى القبارصة أولى الصدمات عندما أبلغهم الأمريكيون بأن المشروع الأساسي الذي روّجت له قبرص مع دول ومنظمات لم يعد موجوداً، وأن هناك خطة بديلة تقودها الولايات المتحدة، ويرعاها البيت الأبيض مباشرة وتندرج ضمن "الحملة الدعائية" للانتخابات.

وأكّد الجانب الأمريكي أن العملية محض إنسانية ومحددة بوقت ينتهي أواخر آب المقبل.
وسيتولاها الجيش الأمريكي الذي سينتشر في البحر مقابل الشواطئ القبرصية والفلسطينية، ويؤمّن متطلبات الحماية المباشرة للسفن المحمّلة بالمساعدات من الجزيرة إلى الرصيف والمنصة العائميْن في البحر، كما يتولى تمويل الجانب اللوجستي والأمني من العملية. وأكّد الأمريكيون أنهم يناقشون مع بريطانيا إمكان تكليف شركة خاصة تضم أعضاء سابقين في القوات البريطانية الخاصة والاستخبارات، لأن البيت الأبيض قرّر أن لا يكون هناك وجود لأي جندي أمريكي على أرض غزة.



وفي لارنكا، حيث المرفأ المستخدم، توجد شركة مشغّلة للمرفأ يملك الإسرائيليون حصة كبيرة فيها، وسيتم استقدام شركات أمن وخدمات بإشراف أمريكا وإسرائيل لفحص البضائع قبل تحميلها للنقل إلى غزة. على أن تُحدّد نوعية البضائع وكمياتها بناءً على دراسة كلّفت الأمم المتحدة العمل لإعدادها بالتعاون مع منظمات إنسانية، وتكون في غالبيتها عبارة عن أغذية وأدوية وخيم خاصة بالإيواء، بحسب التقرير.

وجاء فيه أيضا أنه "في ما يتعلق بالوقود، طلب جيش الاحتلال قائمة مفصّلة بالمولّدات في الشمال ووجهة استخدامها وقدرتها وحاجاتها من الوقود اليومي، وبالسيارات التي تتحرك وفق نشاط برنامج المساعدات، على أن تُمنع المساعدات عن أي مؤسسة لها علاقة بالبلديات أو المؤسسات الحكومية، كمضخات الآبار الكبيرة لعدم استيلاء حماس على الوقود لأغراض عسكرية".

المساعدات التي ستُجمّع في مرفأ لارنكا ستُموّل من "صندوق ألماثيا"، بدعم مباشر من قطر والكويت والإمارات ودول أوروبية، وسيتم استئجار شاحنات كبيرة يتولى قيادتها بريطانيون، ويتم نقلها في الرحلة الأولى إلى المنصة العائمة محمّلة بالمساعدات، على أن يصار إلى تحميلها بالبضائع لاحقاً من على المنصة والتوجه عبر الرصيف العائم لتفريغها في منطقة مخصّصة على شاطئ غزة، وهي ضمن قطعة أرض بمساحة 80 ألف متر مربع كانت الولايات المتحدة قد طلبت من جيش الاحتلال تجهيزها لذلك.

خطة واشنطن وإسرائيل لنقل المساعدات من قبرص إلى غزة

منتصف الشهر الماضي، باشر الجانب الأمريكي العمليات التحضيرية لمشروع الممر البحري، وعُقد اجتماع أولي حضره ممثلون عن قيادة المنطقة الوسطى (CENTCOM) وقيادة الجيش الأمريكي للمنطقة الوسطى (ARCENT) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، تحت عنوان «تمرين محاكاة» لمناقشة الخطة المخصّصة للممر البحري.




وبحسب الخلاصات، فقد تم وضع تصميم لخطة مقسّمة على ثلاثة أنظمة ونماذج:

أ - يُخصص المرفأ ويكون تحت إشراف القيادة الوسطى.
ب - المنطقة العائمة: تتضمن الرصيف البحري وتكون تحت إشراف الجيش الأمريكي في المنطقة الوسطى.
ج - المنطقة الموجودة على الأرض في غزة. ويجري تقسيمها إلى ثلاثة مربعات، الأول لإفراغ الشاحنات من البضائع تحت إشراف جيش الاحتلال، والثاني يتواجد فيه الجيش الإسرائيلي وممثلون عن الوكالة الأمريكية للتنمية حيث يتم فرز المساعدات وتحضيرها، على أن تكون المنطقة الثالثة خالية من أي وجود عسكري إسرائيلي، وتتسلم فيها منظمة الغذاء العالمي المساعدات وتعيد تجميعها في شاحنات لنقلها إلى مراكز التوزيع في مختلف أنحاء القطاع.

وتقوم الخطة على مشاركة ودعم والتزام من قبل قبرص، وتعاون وتنسيق بين الجهات المعنية مع دور خاص للأمم المتحدة، وضرورة الحصول على التزام الجيش الإسرائيلي وتعاونه، إضافة إلى توفير شركاء من قطاع غزة لترتيب حركة نقل المساعدات، بعد أن يوفر جيش الاحتلال الضمانات الأمنية براً وبحراً وجواً. ويُترك لمنظمة الغذاء التعاقد مع جهات محلية للمساعدة في الأمن والدعم على الأرض. وأخيراً، تطلب الخطة توفير مخصّصات مالية تشمل تغطية عقود أمريكية مع سائقي الشاحنات والمقطورات، وإعداد الخطة الاحتياطية لحالات الطوارئ.

وفي ما يتعلق بالعمل داخل قبرص، تشير الخطة إلى أن الرصيف العائم يبعد 390 كلم عن شواطئ قبرص مع تقدير لمدة الرحلة في البحر من الرصيف البحري العائم إلى شاطئ قبرص بحوالي 15 ساعة. ويجري العمل مع السلطات القبرصية من خلال وكلاء المنظمات الإنسانية والجيش والجمارك، على أن تتم حركة التنقل وفق الآتي: تنتقل المنظمات الإنسانية من نقطة الوصول داخل قبرص إلى نقطة التفتيش، ومنها إلى نقطة الانتظار المحلية، ثم تطبيق خطة التفتيش (ALMATHEA) وأخيراً تنتقل المنظمات الإنسانية من نقطة الانتظار المحلية إلى السفن التجارية.



إلى جانب ذلك، تفترض الخطة الأمريكية أن تقوم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بجمع المساعدات المالية والعينية من المتبرعين، وإطلاق عملية تخزين المنظمات الإنسانية، وإنجاز الترتيبات اللوجستية والأوراق اللازمة، قبل تفريغ الحمولات من المنصة في المستوعبات.

أما غرفة التحكّم والإدارة في مرفأ لارنكا فتتألف من:

- تنسيق وإدارة الحكومة القبرصية لخطة (ALMATHEA).
- مركز (ZENON) لخطة (ALMATHEA).
- توفر خدمة التواصل بين السفارة الأمريكية والحكومة القبرصية والجيش الأمريكي، وتوسيع التعاون مع الوكالة الأمريكية قبل دمج خلية الاتصال البريطانية.

أما في البحر، فإن حركة التنقل تبدأ من المرفأ إلى الشاحنات التجارية المحمّلة إلى السفن المائية. ومن ثم تقاد الشاحنات من الرصيف البحري إلى المناطق البرية الأولى والثانية (على الشاطئ)، حيث يتم تفريغ المساعدات بحماية وإشراف جيش الاحتلال، قبل نقلها إلى المنطقة الثالثة. وبحسب الخطة التنفيذية، فإن الحمولات مؤلّفة من 15 شاحنة و70 مقطورة و15 سائقاً، وتمتد دورة العمل لـ21 يوماً (يجري البحث في تعديل هذه الأرقام).