سياسة عربية

"اليمن بات مستنقعا مكلفا".. خبراء: الرياض تبحث عن مخرج من الحرب

السعودية تسعى لتأمين حدودها ومنع أي هجمات لطائرات دون طيار- الأورومتوسطي
قال خبراء؛ إن السعودية تسعى إلى إيجاد مخرج من حرب اليمن، والتركيز على مشاريعها الطموحة في الداخل، رغم الآمال الضئيلة في تحقيق سلام دائم في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وقد تجد السعودية في اتفاق استئناف العلاقات مع إيران، التي تدعم الحوثيين في اليمن وتتّهمها الرياض بتهريب السلاح لهم، زخما لمسعاها لإنهاء ما كان يبدو على مدار السنوات الماضية حربا بالوكالة بين القوتين الإقليميتين.

وقال الخبير في معهد "مجموعة الأزمات الدولية"، أحمد ناجي؛ إنّه في وقت تحرص السعودية على إحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة في المملكة، تسعى أيضا "إلى تحويل نهجها في اليمن من استراتيجية عسكرية إلى استراتيجية أمنية وسياسية ناعمة"، بحسب الفرنسية.

ورأى ناجي أنّ "العمليات العسكرية مثل الضربات الجوية" قد تتوقّف الآن على الأرجح، موضحا أن الأولوية هي "للحل الدبلوماسي".


وبدأ التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري في 26 آذار/ مارس 2015، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وزحفهم نحو مناطق أخرى في البلد الفقير.

وأدّى وقف لإطلاق النار توسّطت فيه الأمم المتحدة، بين نيسان/ أبريل الماضي وتشرين الأول/ أكتوبر، إلى انخفاض كبير في الأعمال القتالية.

وقبل انتهاء الهدنة، كانت المملكة بدأت بالتفاوض مع الحوثيين عبر قنوات خلفية، بينها محادثات جرت بين الطرفين في سلطنة عمان المجاورة.

ويقول محللون؛ إن أولوية الرياض حاليا تأمين المناطق الحدودية، ووقف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة المفخخة التي استهدفت منشآتها النفطية المهمة.

وقال: "تتفاوض السعودية حاليا مع الحوثيين للتوصل إلى تفاهمات تمكّنها من تأمين أراضيها الحدودية، مع الحفاظ على نفوذها" في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.

وتابع: "هذا النهج الجديد قد يمكّن السعودية من الحفاظ على موقعها كلاعب رئيسي في السياسة الداخلية اليمنية، لضمان عدم تأثّر المملكة بالتهديدات الأمنية في حالة استمرار الصراع على المستوى المحلي".

وكان الهدف المعلن للتدخل السعودي هو حماية المدنيين من هجمات الحوثيين، واستعادة الحكومة سلطتها، ومنع اليمن من أن يصبح ملاذا للقوات المدعومة من إيران.

لكن بعد ثماني سنوات، لا يزال المتمردون يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد، ويمتلكون ترسانة كبيرة من الأسلحة التي استخدموها أيضا في هجمات صاروخية على السعودية والإمارات، العضو الآخر في التحالف.

ويهدد استئناف هذه الهجمات مسعى السعودية للتحوّل إلى مركز للأعمال والسياحة والترفيه والرياضة، في إطار خطة تنويع الاقتصاد لوقف الاعتماد كليا على النفط التي تنفذها.


وتقوم السعودية التي ظلت منغلقة لعقود ببناء مدينة نيوم المستقبلية بقيمة 500 مليار دولار، والكثير من المنتجعات والمعالم السياحية.

وقال خبير سياسي منخرط في المفاوضات بين الرياض والحوثيين، مشترطا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخوّل بالتحدث للإعلام: "هناك تركيز كبير في السعودية الآن على التنمية والسياحة والمشاريع الضخمة". وبالنسبة للرياض، هناك مخاوف من أن "أي شيء ينطوي على صراع"، سيضرّ بالاستثمار والاستقرار.

وذكر الخبير أنّ المحادثات غير الرسمية مع الحوثيين تنضج الآن لتتحوّل إلى "تفاهم" محتمل، يمكن أن يمهّد الطريق لدور عسكري سعودي أقل حجما، قبل الحوار اليمني بين أطراف النزاع الداخلية برعاية الأمم المتحدة.

وقال: "هم يريدون الانتقال من شكل من أشكال التفاهم السعودي-الحوثي، إلى القدرة على تسليم هذا التفاهم لعملية أوسع للأمم المتحدة، يسعون لغسل أيديهم، وتجنّب تداعيات أي تصعيد مستقبلي في الصراع".

ويرى "أنهم .. عالقون في مستنقع مكلف للغاية على جميع المستويات".

وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، هذا الشهر، خلال زيارة إلى موسكو وجود "جهود للوصول أولا إلى وقف إطلاق نار دائم، ومن ثم إطلاق عملية سياسية بين الأطراف اليمنية تنهي هذه الأزمة".