تقارير

الإعلام في خدمة فلسطين.. ماجد أبو شرار وبلال الحسن نموذجا

بلال الحسن وماجد أبو شرار.. إعلاميان كرسا حياتهما لخدمة القضية الفلسطينية (عربي21)

ساهم الشعب الفلسطيني بانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة واستمرارها بشكل لافت؛ لتكون رداً حاسما على المقولة الصهيونية "الكبار يموتون والصغار ينسون". ورغم مرور نحو 64 عاماً على النكبة الكبرى؛ ما زال الشعب الفلسطيني متمسكا بهويته ووحدته الوطنية؛ وقد تعزز ذلك خلال هبة الأقصى الرمضانية في شهر أيار / مايو من العام المنصرم. وخلال مسيرة الثورة الفلسطينية برزت رموز إعلامية للدفاع عن الحق الفلسطيني وترسيخ الهوية الوطنية؛ وفي مقدمة هؤلاء الإعلامي الشهيد ماجد أبوشرار والإعلامي بلال الحسن أمد الله في عمره ورعاه.

ماجد أبوشرار (أبو سلام) 

إعلامي وقيادي فلسطيني. وُلد في دورا بالقرب من الخليل عام 1936 واغتيل في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 1981 في روما بعد تفجير غرفته في أحد فنادق المدينة على يدِ عملاء الموساد. وُلد ماجد في دورا قضاء الخليل عام 1936 وترعرعَ هناك ثم انتقل ليدرسَ المراحل الابتدائية والإعدادية في غزة حيث انضم والده لجيش الجهاد المقدس في الأربعينيات، ثم التحقَ فيما بعد بجامعة الاسكندرية ونال منها شهادةً في الحقوق عام 1958.

بدأَ ماجد أبو شرار مسيرته المهنيّة كمعلمٍ في مدرسة قضاء الكرك ثم أصبح مديرًا لها. التحقَ بحركة "فتح" عام 1962 إلى جانب عددٍ من القادة الذين كانوا في السعودية وعلى رأسهم عبد الفتاح حمود وسعيد المزين وغيرهم. بحلول عام 1968؛ تفرَّغ ماجد للعمل في جهاز الإعلام التابع للحركة مع كمال عدوان كما تولى رئاسة تحرير صحيفة "فتح" اليومية، ودعم تأسيس مدرسة الكوادر الثورية في قوات العاصفة عام 1969. شَغل موقع مسؤول الإعلام المركزي، ورئيس دائرة الإعلام المركزي ثم الإعلام الموحد للحركة. أصبحَ بعد عملية الفردان عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني.

 

 

                                  ماجد أبو شرار


وفي الفترة ما بين 1973 و1978 تولى ماجد مهام مفوض سياسي عام لـ "فتح"، وكان من بينِ الكوادر الثورية؛ حيث رسم خط سير الأهداف لحركة "فتح" وجهز الفدائيين الذين خاضوا معارك في عددٍ من المدن. اختِير أمينًا لسرِّ المجلس الثوري في المؤتمر الثالث لحركة فتح كما تم انتخابه في المؤتمر الرابع عام 1980 ليكون عضوًا في اللجنة المركزية، كذلك كان عضوًا في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين منذ عام 1972. 

بالإضافةِ إلى نشاطه السياسي؛ كانَ ماجدُ قاصًا وأديبًا حيث صدرت له مجموعة قصصية باسم "الخُبْز المُرّ" كما كان يكتبُ زاوية ساخرة بعنوان "جدًا" بصحيفة "فتح". واعتبر ماجد أبو شرار أحد أبرز قياديي تيار اليسار الديمقراطي الذي ضم ناجي علوش، ومنير شفيق، وحنا ميخائيل، ومرعي عبد الرحمن (أبو فارس)، وأبو نائل (عبد الفتاح القلقيلي)، نمر صالح، وأبو حاتم (محمد أبو ميزر) وأبو خالد الصين، وقدري (سميح أبو كويك) وأبو خالد العملة والياس شوفاني وغيرهم. 

نَتج عن هذا التيار تنظيمات وتشكيلات منها الكتيبة الطلابية. وقفَ إلى جانبِ البرنامج المرحلي بشرط عدم الصلح أو الاعتراف أو التفاوض مع إسرائيل، واتخذ موقفًا نقديًا من السياسة العامَّة للحركة. وقد أجرى مراجعة نقدية لموقفه السابق بخصوص البرنامج المرحلي، قبيل المؤتمر الرابع لحركة "فتح" عام 1980 في سياق محاولته رص صفوف هذا التيار وقيادته في تلك المعركة. وقد نجح ماجد في تلك المعركة، حيث انتخب عضوا في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، كما وصل عدد من رموز التيار إلى عضوية المجلس الثوري للحركة. 

وخلال فعاليات مؤتمر التضامن مع الشعب الفلسطيني والذي حضره روجيه غارودي وفانيسا رديغريف والمطران هيلاريون كابوتشي في روما في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 1981؛ استشهد ماجد أبو شرار إثر انفجارٍ في غرفته في فندق فلورا بسبب قنابل زرعها عملاء الموساد. 

دُفن ماجد في مقابر الشهداء في بيروت. رثاه الشاعر محمود درويش في ديوان "في حضرة الغياب"، كما افتُتحت مؤسسة ماجد أبو شرار الإعلامية تخليدًا لاسمه وهي منظمة تعمل من أجلِ تمكين الشباب في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان. 

وفي عام 2012، أنجز الفنان التشكيلي الفلسطيني يوسف كتلو لوحة جدارية بطول عشرة أمتار وعرض ثلاثة أمتار استوحى فيها شخصية ماجد أبو شرار ورموزا وطنية، ووُضعت عند مدخل ملعب دورا الدولي.

بلال الحسن (أبو فراس) 

يعتبر بلال الحسن من أهم الكتاب والمحللين الفلسطينيين، وهو من مواليد مدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني عام 1938، هجر مع عائلته إثر نكبة عام 48 إلى جزين فصيدا في جنوب لبنان، وصولاً إلى سوريا، حيث استقرت العائلة حتى عام 1953 في منطقة القيميرية في دمشق، وهي من الأحياء الدمشقية القديمة، لتستقر في حي الميدان، حيث تمتلك العائلة منزلاً حتى اللحظة عام 2020. علماً أن كلاً من أخويه؛ خالد الحسن وهاني الحسن كانا عضوين في اللجنة المركزية لحركة "فتح" منذ السنوات الأولى للانطلاقة.

درس بلال الحسن الابتدائية في فلسطين والإعدادية في مدرسة القسطل في دمشق، في حين حصل على الشهادة الثانوية في الكويت، وحصل على ليسانس في الفلسفة من جامعة دمشق عام 1970. انضم في ريعان شبابه إلى حركة القوميين العرب مع رفيقيه غسان كنفاني وفضل النقيب، وعند انطلاقة الجبهة الديمقراطية كان أحد قيادييها وعضوا لمكتبها السياسي لعدة سنوات وعضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مندوباً عنها منذ عام 1979. وسكن لعدة سنوات في بيروت وبالتحديد في منطقة وطى المسيطبة. تخلى عن العمل السياسي منذ سنوات طويلة ليتفرغ إلى الكتابة والبحث. وشغل في السبعينيات مديراً لمركز الدراسات الفلسطينية في بيروت.

 


                                 بلال الحسن


له مئات المقالات في الصحف والمجلات العربية، ومنها مجلة شؤون فلسطينية التي تصدر عن مركز الأبحاث الفلسطيني وصحيفة السفير البيروتية، ومجلة "اليوم السابع" التي صدرت باللغة العربية في باريس في أواسط الثمانينيات، فضلاً عن إدارة صفحتي قضايا واتجاهات في صحيفة الشرق الأوسط حتى أواسط التسعينيات، وكان له مقال أسبوعي وبالتحديد كل يوم إثنين في صفحة قضايا الشرق الأوسط، إلا أنه توقف عن الكتابة عام 2015 بسبب مرض ألمّ به، كما شغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة الحياة لمدة قصيرة جداً. وشارك في العديد من الندوات العربية والدولية حول القضية الفلسطينية، وله إطلالات كثيرة في الفضائيات العربية كمحلل سياسي متخصص بالقضية الفلسطينية. 

ومن مؤلفاته المطبوعة: (الفلسطينيون في الكويت وهو بحث إحصائي، بيروت مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية 1974)، (السلام الأجوف: دار الأهالي دمشق 1994)، (الخداع الإسرائيلي رؤية فلسطينية لمفاوضات كامب ديفيد وتوابعها عام المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2003)، (ثقافة الاستسلام عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت عام 2005)، (قراءات في المشهد الفلسطيني: وحق العودة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 2008). يقطن بلال الحسن (أبو فراس) منذ عدة سنوات في فرنسا. والثابت أن رموزا إعلامية فلسطينية كثيرة برزت خلال مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني؛ وكان القلم أمضى من السيف في كثير من الأحيان في دحض زيف الرواية الصهيونية حول احتلال فلسطين.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا