ملفات وتقارير

محللون يقرؤون تأثير فوز رئيسي على علاقات إيران والسعودية

رغم الترقب والقلق إلا أن أغلب المراقبين رجحوا عدم حدوث تطور كبير في مشهد العلاقات بين البلدين- جيتي

برز في أغلب ردود فعل وسائل الإعلام حول العالم، بشأن فوز إبراهيم رئيسي برئاسة إيران؛ وصفه بأنه "الأكثر تشددا"، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية لطهران، خاصة تجاه أطراف المنطقة، وفي مقدمتها السعودية.

 

وعلى عكس بقية الدول الخليجية، لم يظهر تفاعل من الرياض مع فوز رئيسي، ولم تشارك المملكة جيرانها بتهنئته خلال الساعات الـ48 الماضية.


وأثار فوز رئيسي بالفعل قلقا وتساؤلات إقليميا ودوليا، وسط مخاوف من اتباعه سياسة خارجية متشددة، والعودة بإيران إلى حالة من الانغلاق على نفسها، خاصة أنه ركز في حملته الانتخابية على الملفات الداخلية ومنها الأزمة الاقتصادية.


وعلى الرغم من أن رئيسي كان في السابق مقتنعا بضرورة إعادة المفاوضات مع الغرب وواشنطن حول الاتفاق النووي على أسس جديدة، إلا أنه قلل من أهمية دورها في حل مشكلات إيران، مطالبا بـ"تعزيز قوة" البلاد.


ويرى رئيسي أن حل عدد من الملفات الخارجية يكون في الداخل، ويقول بهذا الصدد إن "من يعتقدون أن حل مشكلات البلاد يمكن بالمفاوضات مخطئون، فنحن حينما نعمل بعزم في أي مجال، سيتراجع العدو ويصاب باليأس".


وفيما يخص العلاقة مع السعودية والمحادثات معها، أشار رئيسي خلال حملته الانتخابية الأولى عام 2017، إلى أنه "سيعطي العلاقات الإيرانية العربية مزيدا من الاهتمام"، إلا أنه دعا السعودية إلى "ترك الشعب اليمني لتقرير مصيره بنفسه".


وطالبها بـ"عدم فرض حلول على الشعوب العربية في اليمن أو في سوريا أو العراق، وتركها لتقرر مصيرها بنفسها"، مرحّبا في الوقت ذاته بأي "مفاوضات تشارك فيها السعودية ودول المنطقة من أجل إيجاد حلول سياسية في تلك الدول".


تأثير محدود

 

ويرى مدير مركز دراسات الخليج في قطر والخبير في الشأن الإيراني، محجوب الزويري، أن "تأثير فوز رئيسي على العلاقات السعودية الإيرانية والمفاوضات بين البلدين سيكون محدودا".


وأوضح الزويري في حديث لـ"عربي21"، أن "موقف رئيسي من السعودية والعراق والملف النووي لن يكون مؤثرا بشكل كبير، لأن هذه الملفات هناك توافق عليها داخل النظام كله، ولن يرجع عنها النظام بسهولة، لأنه يرى فيها مصلحته بشكل أساسي".


وأضاف: "النظام يعتبر أن الذهاب تجاه اتفاق نووي والسير في محادثات مع السعودية مصلحة قومية للدولة، لذلك أعتقد أن تأثير شخصية الرئيس على هذه القرارات سيكون محدودا، خاصة أن خيار المباحثات مع الرياض هو قرار دولة وليس قرار الرئيس".

 

واعتبر بأن وصف "رئيسي بالأكثر تشددا هو وصف غير دقيق، فهو جزء من التيار المحافظ الذي ينقسم إلى قسمين، الأول الأكثر محافظة والثاني الأكثر تشددا، ورئيسي يمكن اعتباره من السياسيين الذين يوصفون بأنهم تكنوقراط، خاصة أنه رأس القضاء في فترة من الفترات".

 

ولفت إلى أن "قرار الدولة إجراء مباحثات مع السعودية جاء بعد أن شعرت بوجود فرصة لتحسين العلاقات، أيضا لأنها أصبحت تشعر بما يمكن تسميته ثقة بالنفس بأن السعودية بحاجة لها، وبالتالي هي تريد كسب نقاط على الرياض".

 

وتوقع الزويري استمرار مسار التفاوض والتواصل بين البلدين، فالمصلحة الأهم لإيران من هذا المسار هو حاجة السعودية لها، وأكد على أنه لن يحدث تأزيم في العلاقات من قبل إيران، فهي لها مصلحة بهذه المحادثات وبمفاوضاتها حول الملف النووي".

 

"لا تغيير"

 

من جهته، أكد الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي، أن "العلاقات بين البلدين ستبقى كما هي حاليا حتى "ترخي" السعودية، وتقدم أيضا بادرة حسن نية، فالسيد رئيسي وجه نداء لهم سابقا خلال حملته الانتخابية الأولى، بأننا نريد الانفتاح والتفاهم، بمعنى استئناف لمبادرة السيد روحاني، والتي أطلق عليها مبادرة هرمز، لكنهم لم يستجيبوا وقتها".


وأوضح أفقهي في حديث لـ"عربي21"، أن "رئيسي يريد الانفتاح، لكنه الآن يريد تثبيت الداخل أولا، وذلك بعد الإعلان عن حكومته، ووضع الخطوط العريضة لسياستها، وسيقوم خلال الأيام المقبلة بعقد مؤتمر صحفي يكون كتعريف به وبتوجهاته وأولوياته وبرامجه وموقفه من قضايا الداخل والخارج".

 

اقرأ أيضا: قادة الاحتلال عن رئيسي: فاز الأكثر تطرفا


واعتبر أن "السعوديين همهم الشاغل هو أن تتدخل ايران في اليمن، وتضغط على الحوثيين؛ بسبب العلاقات الموجودة بينهم، لكن الجانب الإيراني أوضح أن لا سيطرة له على الحوثيين حتى يرغمهم على شيء أو يضغط عليهم، بالمقابل السعودية هي لها اليد العليا في السماء عبر القصف واستخدام الطيران ضد المدنيين".


وتابع: "لذلك، فلتعلن السعودية عن إطلاق بادرة حسن نية، وتوقف إطلاق النار في اليمن، وتفتح مطار صنعاء، وترفع الحصار عن الحديدة، عندها يمكن القول إن هنالك نية صادقة وعزما جديا على الانفراج في الأزمة، بالتالي كما قلت: ستبقى العلاقات فاترة إلى أن ترخي السعودية".


هل تستمر المباحثات؟


وحول إمكانية استمرار المباحثات بين البلدين بعد وصول رئيسي للرئاسة وربطها بالحرب اليمنية، قال أفقهي: "المشكلة ليست بين السعودية وإيران، بل بين الأولى واليمن، ولهذا استبعد ربط رئيسي تطوير العلاقات مع السعودية بما يحدث في اليمن إلا برضى اليمنيين أنفسهم وعبر تحقيق مطالبهم".


وأوضح أنه إلى "الآن لم يرشح شيء من الوساطة العراقية بين إيران والسعودية، حيث تبين أن السعوديين أتوا يلتمسون وساطة إيرانية بينهم وبين اليمينين، ولكن فشلت هذه المفاوضات، وحين بدأت الانتخابات ومن قبلها أيضا كان هناك تقريبا حالة توقف في الحوار الإيراني مع السعودية أو أمريكا، بالتالي لم يعد هناك مجال لحدوث مباحثات مطولة وعميقة".


خطوة تصعيدية


وبدوره، اعتبر المحلل السياسي عماد الجبوري أن وصول رئيسي هو خطوة تصعيدية تنهي ما يسمى الجناح الإصلاحي في إيران، وفق قوله، مضيفا: "فهذا الرجل معروف بتاريخه الدموي، حيث كان مسؤولا عن إعدام الآلاف عبر قرارات أصدرتها محكمة هو كان رئيسها".


وأكد في حديث لـ"عربي21" أن "تسلم رئيسي منصب الرئاسة مترافقا مع الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وتماهي الإدارة الأمريكية الحالية مع سياسة ايران، يعني بأن الأخيرة ستغدو أكثر تشددا".


ورأى الجبوري أن "إصرار خامئني على تثبيت ترشيح رئيسي للرئاسة وتأييده هو تأكيد على أن هناك إرادة على التشدد، وفوز رئيسي يعني تشدد إيراني أكثر، ورسالة للعرب والعالم أجمع بأن هذه هي سياستنا وهذا هو موقفنا".


وحول موقف السعودية من فوزه والعلاقة المستقبلية واستمرار المباحثات بين البلدين عبر وساطة عراقية، قال الجبوري: "في الحقيقة، الجانب العراقي ليس له القدرة على الوساطة، فإيران هي المهيمنة، وهي من تزرع المليشيات في العراق".


وأضاف: "بالمقابل السعودية تعتمد دائما سياسة الباب المفتوح، وهي لا تقف موقفا دائما في العلاقات، لكنها ليست بتلك السذاجة لتسمح بعودة العلاقات دون وجود ضمانات، حيث حدث في السابق لقاءات وانتهت إلى لا شيء، فالجانب الإيراني لديه مشروع في المنطقة، وعندما يتقدم خطوة لا يتراجع عنها، بل يتكلم عن الخطوة القادمة، وكيف سيتعمق أكثر في منطقتنا".


وأوضح أن "السعودية لن تسارع في الانفتاح على إيران في الفترة الحالية، نتيجة لخبرتها مع النظام الإيراني، بالتالي من المفترض أن تقدم إيران بادرة حسن نية، وذلك ما تنتظره السعودية، لكنني أستبعد أن تفعل ذلك، أو أن تتنازل عن التقدم في منطقتنا العربية".