ملفات وتقارير

كيف ستتأثر إيران بإتمام مسار المصالحة الخليجية؟

تحسنت العلاقات الإيرانية القطرية بعد فرض الحصار على الدوحة- تويتر

يطرح الإعلان عن إتمام المصالحة الخليجية تساؤلا حول تأثير الخطوة على  "الجارة" إيران، في ظل ما كشفته وسائل إعلام أمريكية من أن الرئيس دونالد ترامب يسعى لتضييق الخناق عليها في نهاية ولايته.

وخلال مباحثات المصالحة الخليجية التي لعب فيها جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاري البيت الأبيض، دورا محوريا خلال الأيام الماضية، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير نشرته في 2 كانون أول/ ديسمبر الجاري، وترجمته "عربي21"، أن "ترامب يسعى لتوجيه ضربة أخيرة للاقتصاد الإيراني قبل أن يترك منصبه".

وأكدت الصحيفة أن إدارة ترامب تريد من السعودية أن تفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية القطرية، التي تدفع حاليا ملايين الدولارات لتسييرها فوق إيران.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدر دبلوماسي، أن كوشنر، أثار خلال لقائه بالقادة القطريين احتمال تغيير مسار الرحلات الجوية التجارية من قطر عبر المجال الجوي السعودي بدلا من إيران.

ويحرم هذا الاتفاق إيران من رسوم تقدر بنحو 100 مليون دولار سنويا، تدفعها مقابل عبور مجال إيران الجوي، بحسب الصحيفة التي نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم: "هذه الأموال كانت تغذي الاقتصاد الإيراني المنهك، وتسمح لقادة طهران بتمويل البرامج العسكرية بسهولة أكبر، وهو ما تعتبره إدارة ترامب تهديدا".

 

اقرأ أيضا: قرقاش: الإمارات تثمن جهود الكويت وأمريكا لتعزيز تضامن الخليج

ويتفق ذلك مع ما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية وترجمته "عربي21"، أواخر الشهر الماضي، من أن إدارة ترامب عبرت عن قلقها من تأثير الأزمة الخليجية على "التحالف العربي" ضد إيران، وشعرت بالإحباط من منفعة إيران المالية، حينما أجبرت الرحلات الجوية من قطر على استخدام الأجواء الإيرانية.

بدأ حصار قطر الجوي والبري والبحري في حزيران/ يونيو 2017 بعد اتهام السعودية وحلفائها في الحصار (الإمارات، والبحرين، ومصر) الدولة الصغيرة بالتقارب مع إيران ودعم الإسلاميين، الأمر الذي تنفيه الدوحة.

 

العلاقات الإيرانية القطرية 


من ناحيته، يرى مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، محجوب الزويري، أن المصالحة يشوبها "حالة من الغموض"، موضحا أنه "إذا سارت الخطة الأمريكية بنوع من الاتفاق بين الرياض والدوحة تكون المصالحة بين الدولتين مرتبطة بفتح المجال الجوي السعودي أمام قطر".

وفتح المجال الجوي السعودي، وفقا لإدارة الرئيس دونالد ترامب، يتعلق بإبقاء الضغط الاقتصادي على إيران، لأن "استخدام قطر للمجال الجوي الإيراني عندها يصبح غير مبرر"، وفق حديث الزويري لـ"عربي21".

ويشير الأستاذ الجامعي والخبير في الشأن الإيراني إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن والديمقراطيين بشكل عام "لديهم مشكلة مع دولة مثل السعودية"، مذكرا بما حصل في الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، والذي على أساسه "وقفت الرياض وأبوظبي ضد إدارة باراك أوباما آنذاك، وساعدتا في ضخ أموال كثيرة من أجل فوز ترامب حتى يساعدهما على إضعاف إيران، وتحقيق أهداف سياسية أخرى بالمنطقة".

أما عن العلاقات القطرية الإيرانية وكيف ستتأثر بالمصالحة، فيوضح الزويري أن تحسنها خلال سنوات الحصار "لم يكن كبيرا، سوى في زيادة التعاون الاقتصادي"، ويقول: "بقيت العلاقات في مستوى عادي باستثناء زيارة أمير قطر الرسمية إلى طهران".

وجاءت زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى طهران في كانون ثاني/ يناير الماضي، في ظل تصاعد التوتر بالمنطقة عقب الاغتيال الأمريكي لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وكانت بمثابة الزيارة الأولى من نوعها منذ توليه مقاليد الحكم في الدوحة.

وهدفت الزيارة إلى "تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، وخفض التصعيد واعتماد الحوار كحل وحيد لمعالجة التوترات والأزمات بالمنطقة"، وفق ما صرح به أمير قطر آنذاك.

 

 


ومن الملاحظ أن العلاقات الاقتصادية تحسنت بشكل نوعي بين الدوحة وطهران خلال سنوات الحصار، حيث تشير الإحصاءات الرسمية القطرية إلى أن الواردات القطرية السلعية من إيران قفزت من 300 مليون ريال قطري عام 2017 إلى 1,544 مليون ريال عام 2018، وحجم التبادل التجاري السلعي صعد من 357 مليون ريال إلى 1,558 مليون ريال في ذات الفترة.

ولا يتوقع الزويري أن تتأثر العلاقات القطرية الإيرانية بالمصالحة الخليجية، موضحا أن التبادل التجاري الإماراتي الإيراني، رغم العداء بينهما، يفوق نظيره القطري. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران تجاوز الـ13 مليار دولار خلال العام الماضي.

وعند سؤاله عن الشروط الـ13 التي طرحتها دول الحصار من أجل المصالحة مع قطر، والتي كان من بينها "خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية القطرية مع إيران، وعدم إقامة أي نشاط تجاري معها يتعارض مع العقوبات الأمريكية"، أجاب الزويري: "أعتقد أنه لا يوجد حديث عن شروط الآن، هناك أطراف معنية بخفض مستوى التصعيد".

 

قطع الطريق على الاتفاق النووي


ويتفق المحلل السياسي والخبير بالشأن الإيراني طلال عتريسي مع أن أحد الأهداف الأمريكية من المصالحة الخليجية هو "تضييق الخناق على إيران"، مضيفا أن إدارة ترامب تريد أيضا "الضغط على إدارة بايدن"، وذلك عبر "تشكيل جبهة مكونة من إسرائيل ودول الخليج، بحيث لا تستطيع الذهاب للحوار مع إيران بدون موافقة هذا التجمع".

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال عتريسي إن ترامب يريد أن يقطع طريق العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران على إدارة بايدن.

 

وفي عام 2018 انسحبت إدارة الرئيس ترامب من الاتفاق النووي مع إيران الذي عقدته إدارة سلفه أوباما عام 2015، وانتهجت سياسة عدائية ضد إيران بتصعيد العقوبات عليها إلى مستويات قياسية.

ووعد بايدن خلال حملته الانتخابية بانتهاج سياسة دبلوماسية مع إيران، وجعل الباب مفتوحا أمام إمكانية العودة للاتفاق النووي.

 

اقرأ أيضا: تعليق مصري على المصالحة الخليجية: نأمل في حل شامل

ووفقا للخبير بالشأن الإيراني، فإن "السعودية والإمارات تطالبان بأن تكونا شريكين في أي مفاوضات مع إيران حول البرنامج النووي، وإيران لن تقبل بهذا الحضور".

أما على صعيد العلاقات الإيرانية القطرية، فيرجح عتريسي أنها "لن تتأثر بالمصالحة الخليجية"، وذلك يعود إلى أن "هذه العلاقات كانت إيجابية في السابق، حتى في الوقت الذي كانت فيه علاقات قطر جيدة بمجلس التعاون الخليجي".

 

ويضيف: "الأطراف الأخرى حاصرت قطر، وإيران قدمت المساعدة لها، ولن يتغير شيء بالنسبة لإيران لو تصالحت مع قطر".

وينوه إلى أن إيران استفادت من عزلة قطر "بزيادة التبادل التجاري"، مؤكدا أنه "لا يرى وجود توتر في العلاقات القطرية الإيرانية. ولا يناسب إيران وجود توتر كهذا".

 

ويتفق مع أنه "لم يعد هناك حديث حول شروط دول الحصار من أجل المصالحة مع قطر، لأن ما تسعى له دول الحصار هو إيجاد موقف خليجي موحد، وبهذه الشروط لن تعود قطر إلى المصالحة".