ملفات وتقارير

مظاهرات قبلية ضد مداخلة "حفتر" بالشرق الليبي.. ما نتائجها؟

دعت قبيلة ليبية حفتر إلى محاربة كتائب "المداخلة" في شرق البلاد- جيتي

أثارت التظاهرات التي خرجت في شرق ليبيا ضد قوات "المداخلة" التابعة للواء الليبي، خليفة حفتر ووصفها بالعصابات؛ تكهنات عن حراك قبائلي، ربما يجر وراءه حالة تمرد وانشقاق، خاصة أن هذه التظاهرات نظمتها إحدى أكبر قبائل الشرق الليبي.


وتحت شعار "مليشيات وعصابات" نظمت قبيلة "الحاسة"، إحدى أكبر قبائل الشرق الليبي، تظاهرة كبيرة ضد كتائب "المداخلة" السلفية، بعد قيامها باختطاف وإخفاء سيدة مسنة تدعى "مقبولة الحاسي"، وكذلك اختطاف وزير المالية في الحكومة الموازية "كامل ابريك الحاسي"، مطالبة بتدخل "حفتر" وسرعة الإفراج عنهم.

 

ودعت القبيلة حفتر إلى محاربة "الإرهاب" الذي تقوم به كتائب "المداخلة" في شرق البلاد، مضيفة: "محاربة الإرهاب هنا أولى من مكان آخر"، داعية قبائل أخرى إلى الانضمام إليها، ورفض نفوذ وسيطرة القوات السلفية على القرار هناك، مهددة بأن "صبرها نفد وربما يحدث ما لا يحمد عقباه"، وفق بيان.

 

وتعتبر هذه التظاهرة وما تحمله من هتافات واتهامات تصعيدا قبليا خطيرا ضد قوات "حفتر"، وتطرح تساؤلات عدة، منها: هل بدأت أصوات الرفض والاعتراض ترتفع في الشرق الليبي؟ وهل ستنقلب القبائل على حفتر وحكومته بسبب "المداخلة"؟

 


"دلالة قوية"


من جهته، أكد عضو مجلس الدولة عن مدينة "بنغازي" إبراهيم صهد أن "هذه الحادثة ليست الحالة الوحيدة لاختطاف النساء من قبل ميليشيات حفتر، وهذه السيدة مختطفة من عام، أما خروج أفراد من قبيلة "الحاسة" في مظاهرة، فله دلالة واضحة على نفاذ الصبر، وربما نقول شرخ في جدار الخوف الذي تحدثه ممارسات حفتر وأعوانه القمعية".


وفي تصريحات لـ"عربي21" أشار صهد إلى أن "أهمية هذه التظاهرة ودلالتها تتضاعف نظرا لموقع القبيلة في الشرق ومركزية هذا الموقع، علاوة على أن سجن "قرناده" وهو أكثر السجون وحشية يقع على مسافة تقل عن عشرة كيلومترات من مدينة "شحات"، التي توجد فيها القبيلة والتظاهرة، في إشارة إلى إمكانية استهدافه من قبل القبيلة"، وفق رأيه.


اقرأ أيضا: قوات حفتر تقتل امرأة بالجفرة.. ومطالب بتدخل "الوفاق"


الكاتب والمدون من الشرق الليبي، فرج فركاش رأى أن "استمرار الاعتقال والإخفاء القسري في المناطق التي تسيطر عليها ما يعرف بـ"القيادة العامة" أمر ليس بجديد، وبعض هذه المليشيات من الواضح أنها خارج السيطرة، والأخطر أنها تتستر تحت عباءة الدين، وتحت ما يسمى بالفكر السلفي "المدخلي" ونصبت نفسها قاضي وجلاد، دون اللجوء للسبل الأمنية والقضائية المتعارف عليها".


وأشار فركاش لـ"عربي21" إلى أن "مثل هذه الحوادث ومنها اختطاف وزير والنائبة سهام سرقيوه تحرج "حفتر" ومن معه، وكل من يدعي بوجود أمن وأمان في مناطق سيطرته، كما تزعزع ثقة المواطن في القيادة العامة وفي الأجهزة الأمنية والقضائية"، وفق رأيه.


وتابع: "إن لم يتم احتواء الأمر فقد يتطور إلى استيفاء الحق بالنفس وحدوث نزاع مسلح بين تلك "المليشيات" وأهالي الضحايا والمعتقلين، وسيشجع الباقي على كسر حاجز الخوف للخروج والتمرد والمطالبة بإصلاحات أمنية حقيقية، تنتظر منذ مدة أن تتحقق على أرض الواقع"، كما قال.

 

صدام مع حفتر


ورأت الناشطة الحقوقية الليبية، نادين الفارسي أن "المظاهرات خرجت في الشرق بعد ازدياد الانتهاكات من كتائب "المداخلة التابعة لحفتر، وبيان قبيلة "الحاسة" جاء بعد نفاد صبرها وقد يكون بداية لحراك شعبي موسع، وقد تبدأ هذه القبيلة ومن يساندونها من قبائل أخرى بانقلاب حقيقي ضد "حفتر" ليفقد السيطرة تماما على المنطقة".

 

وتابعت: "العامل المشترك بين الوزير المختطف والسيدة المسنة هو تبعيتهم للقبيلة، لكن قصة الوزير مختلفة كونهم طالبوه بتوقيع مستندات صرف مبلغ يقدر بمليار ونصف بتاريخ رجعي لصالح القائد العام (حفتر)، ولما رفض اعتقلوه وحتى الآن موجود في سجونهم دون معرفة مصيره"، كمال قالت لـ"عربي21".


بدوره، أشار الناشط الحقوقي بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمود الوهج إلى أن "هناك بالفعل حالة تململ وغضب في الشرق الليبي، خاصة من قبل مشائخ القبائل هناك، لرفض هيمنة "حفتر" أو "عقيلة صالح" حتى، وخروج أصوات منددة رغم قبضة حفتر يؤكد أنه ربما يحدث صدام مع الأخير، خاصة في منطقة "الجبل الأخضر" وهي موطن أكبر القبائل في الشرق ومنهم العبيدات والحاسة".


وبخصوص التيار المدخلي وتسببه في هذه الجرائم، قال "الوهج" لـ"عربي21": "أعتقد أن أيام هذا التيار باتت معدودة، وأتوقع أن يقوم "حفتر" بنفسه بالقضاء عليه بعد أن استخدمه، وهذا أمر متوقع منذ فترة بأن المعركة بين ما يسمونه "القيادة العامة" وبين "المداخلة" مؤجلة فقط لكنها ستحدث يوما ما"، كما صرح.