سياسة عربية

لماذا أثار ظهور الشيخ محمد حسان غضبا بالشارع المصري؟

محمد حسان أفتى بجواز إخراج المسلمين زكاة أموالهم قبل موعدها وعن العام الماضي واللاحق في أزمة كورونا- أرشيفية

بعد غياب عن الظهور الإعلامي لسنوات؛ أثار الداعية السلفي الشيخ محمد حسان الجدل مع ظهوره مُجددا عبر مقطع فيديو تحدث فيه عن أزمة فيروس كورونا المستجد.

حسان، أفتى عبر المقطع بجواز إخراج المسلمين زكاة أموالهم قبل موعدها وعن العام الماضي واللاحق في أزمة كورونا.

 

وفي مقطع آخر تحدث حسان، عن الأخذ بالأسباب الطبية والعلمية في مواجهة انتشار جائحة كورونا.

 

ذلك الحديث لاقى انتقادات واسعة من نشطاء وإسلاميين بسبب غياب الشيخ عن أزمات مصرية كثيرة وظهوره الآن، والذي اعتبره البعض تلبية لنداء النظام العسكري الحاكم وخدمة له، وفق قولهم.

وفي الوقت الذي أطلق فيه الشيخ حسابا له عبر موقع "تويتر" انهالت عليه الانتقادات فتم إغلاق الحساب سريعا، حسب نشطاء.

وغاب حسان عن المشهد تماما منذ نيسان/ أبريل 2016، حينما أعلن عن منعه رسميا من الوعظ والخطابة في المساجد، -كان يقدم دروس أسبوعيا بمسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر- وذلك في بيان مكتوب ألقاه بنفسه عبر فضائية "الرحمة"، التي يمتلكها.

ومن آن إلى آخر يقدم الشيخ خطبا مسجلة بفضائية "الرحمة"، كان أهمها ظهوره إثر مجزرة مسجدي نيوزيلندا التي راح ضحيتها 51 مسلما، في آذار/ مارس 2019.

 

 

وكان أهم ظهور إعلامي للشيخ في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2019، عبر مقطع مصور بفضائية "الرحمة"، نفى فيها شائعة وفاته التي انتشرت حينها.

 

 

"تناقضات هي السبب"

وحول أسباب الغضب من حسان، قال الإمام المصري بالمشيخة الإسلامية بدولة الجبل الأسود، سامح الجبة،: "أتفهم حالة الغضب عند الناس، ولكن أتمنى ألا يصل الغضب إلى السب والشتم فهذا لا يقره الشرع".

الداعية الأزهري أكد لـ"عربي21"، أن "ما كنا نحب للشيخ حسان، أن يكون في هذا الموقف"، موضحا أن "هذه مشكلة كثير من المنتسبين إلى الدعوة أنهم لا يقدرون خطورة الموقف الشرعي من دعم الظلم والاستعباد وأن الناس لن تقبل منهم أي حديث بعد ذلك".

ويعتقد الجبة، أن "سبب هذا الغضب هو موقف الشيخ حسان، من الانقلاب العسكري على التجربة الديمقراطية الأولى، والتي كانت حلم الشعب المصري لتحقيق حياة طيبة كريمة"، موضحا أنه "كان داعما ومؤيدا للانقلاب".

وأشار الجبة، أيضا إلى عدم رفض حسان، "ما تبع ذلك من مظالم كثيرة تجاه أبناء الشعب، ومن دعم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، للكيان الإسرائيلي، وغيرها من المواقف التي لم يُسمع فيها صوت للشيخ حسان".

وأضاف أن "أهم نقطة أعتقد أنها استفزت الناس هي التناقض الواضح لدى الشيخ في مواقف أنكرها بشدة على الرئيس الراحل محمد مرسي، ولم يسمع له فيها صوت زمن السيسي، كالموقف من الشيعة والتعامل معهم".

وختم الداعية الإسلامي بقوله: "أما بخصوص التعجيل بالزكوات فهذا لا مشكلة وفيها، ولم يأت حسان بجديد، فهذا مما أجازه الفقهاء قديما وحديثا".


"استدعاء من العسكر"

واتفق مع رأي الجبة، الباحث الإسلامي والإعلامي أحمد رشدي، مؤكدا أنه "من الناحية الشرعية لم يأت الشيخ حسان بجديد"، موضحا أن "هناك عدد غير قليل من العلماء والتجمعات العلمائية سبقته بفتوى تعجيل الزكاة".

رشدي، أضاف لـ"عربي21"، أنه "ومن ناحية المنفعة العامة؛ فهذه واحدة من فتاوى النوازل يتم فيها تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ككل، وإن فوتت بعض المصالح الأخرى".

وأكد أن "كل ذلك لا يدعو للهجوم على الرجل، ولكن ما دعا للهجوم عليه هو ما رسخ لدى محبيه السابقين والكثير من العوام أنه (الشيخ حسان)؛ لا يدخل سردابه ولا يخرج منه إلا إثر استدعائه ولا يتحدث إلا بعد الموافقة الأمنية والعسكرية على ما يقوله".

ويعتقد الباحث الإسلامي، أن موقف حسان هذا "ليس جديد عليه، وعلى عدد آخر من الرموز الدعوية التي اشتهرت واستنسخت زمن فضائيات حسني مبارك، والتي لم تكن تتحدث إلا فيما يباح لها من الكلام".

وأضاف أن "أولئك الذين امتطوا حصان عنترة، وأشهروا سيوف النقد زمن الدكتور محمد مرسي، لم ينس لهم الشعب هذا حتى الآن، ولم ينس صمتهم المطبق تجاه جوائح أخرى هزت المجتمع المصري".

وأشار رشدي بنهاية حديثه إلى أزمات مصرية غاب عنها حسان، وغيره مثل "سد النهضة، واستيراد الغاز من الصهاينة، وبيع أرض مصر، وتشريد أهل سيناء، والعديد من النوازل التي تستوجب بيان الدعاة والعلماء فغاب عنها جميعا حسان وشركاه".

 

"لا لسب الدعاة"

 

وعلى الجانب الاخر، رفض الباحث الإسلامي محمد حسن، حملة الانتقادات التي طالت الشيخ حسان، موضحا في حديثه لـ"عربي21"، أن "البعض يتخذ من تلك المواقف فرصة للوثوب على قضايا الإسلام".

وأضاف أنه "كان من الطبيعي أن ينتقد البعض موقف الشيخ من السلطة كغيره من العلماء، لكن بدون إساءة أدب وألا يكون ذلك مدخلا لسب الدعاة والإساءة لعلماء الإسلام بشكل عام".


"تب قبل الموت"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي انهالت الانتقادات للشيخ حسن، وبينها للإعلامي محمود جعفر، الذي وصف الأمر عبر "فيسبوك" بأنها عودة من "موته الاختياري"، مشيرا إلى أن طلته وفتواه في أمر زكاة المال يبشر بطول بقاء فيروس كورونا، واعتبره تمهيدا من الدولة بدخول الحظر الشامل.

وأشار الصحفي محمد عبد الشكور، إلى غلق الشيخ صفحته الجديدة عبر "تويتر" بعدما انهالت عليه التعليقات المسيئة.

أما النائب والبرلماني السابق المحامي ممدوح إسماعيل، فوجه رسالة قاسية لحسان، بعنوان "يا ابن حسان تب قبل الموت"، قال فيها: "كان الأولى وأنت الداعية أن تدعو إلى وقف الظلم الذي هو من أسباب الفقر والأزمات".

وأشار إسماعيل، إلى دعوة مماثلة للشيخ حسان بعهد المجلس العسكري للتبرع في شباط/ فبراير 2012، موجها تساؤلاته للشيخ: "لماذا تخرج كلما دعا النظام (أهل الظلم) فقط وتساعدهم وهم السبب؟".

وأضاف: هل وجهت الدعوة للعسكر أن يتبرعوا؟، وهل دعوت لوقف بناء القصور الرئاسية وتحويلها للنفع العام كمستشفيات في هذا البلاء؟، معتبرا أن "استخدام الحديث عن الزكاة الآن لحل الأزمة كتدين في ظل الظلم والفساد الرهيب تدليس في الدين".

 

وفي المقابل، دافع عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن الشيخ حسان، واستنكروا ما طاله من تعليقات سيئة لبعض المتابعين، ومن تلك التعليقات للناشط عبدالله أسامة الذي قال عبر "تويتر"، إن "الشيخ حسان اجتهد، فلا يجوز الطعن فيه ولا التشكيك في نيته".

كما دافع آخرون عن الشيخ، مشيرين إلى أنه "لم يكن له ليلقي بيده إلى التهلكة، مذكرين بما وقع من النظام بحق الفريق سامي عنان والمستشار هشام جنينة من حبس، وأنه كان سيطال الشيخ دون فائدة لأحد".