سياسة عربية

بعد تفشي كورونا.. لماذا لا توقف مصر المدارس وتقيد السفر؟

مصريون يتزاحمون أمام المعامل المركزية لوزارة الصحة لاستخراج شهادة الخلو من كورونا حتى يعودوا إلى أعمالهم في الخليج- تويتر
رغم إنكار السلطات المصرية وجود حالات مصابة بفيروس كورونا لعدة أسابيع؛ إلا أنها أعلنت خلال 48 ساعة فقط إصابة 48 حالة بالفعل، إلى جانب وضع المئات في مستشفى النجيلة في مرسى مطروح رهن الحجر الصحي.


ومع التطور السريع لانتشار الفيروس، وإعلان رقم كبير للمصابين بوقت قصير؛ طالب سياسيون وصحفيون الحكومة المصرية باتخاذ قرارات وقائية تحد من انتشار المرض مثل غلق المدارس، ووقف الطيران مع الدول مرتفعة الإصابة مؤقتا مثل الصين وكوريا وإيطاليا وإيران وغيرها، رغم أن عمان والكويت وقطر أوقفت رحلاتها لمصر، واتخذت السعودية إجراءت وقائية بحق المصريين المسافرين.


وطالب عضو مجلس نقابة الصحفيين عمرو بدر، الدولة بإعلان المعلومات بشفافية، والسماح للصحافة بأن تراقب وتتابع وتنشر الوعي بدون قيود.


"سنفيق على وضع إيران"

وحول حقيقة الأوضاع والأرقام وخطورة الموقف، يتوقع أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق الدكتور أحمد رامي الحوفي، أن "حجم انتشار الفيروس سيكون أكثر من المعلن بكثير"، مضيفا أنه "وفي الحد الأدنى سنفيق على وضع مثل وضع إيران".

القيادي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أوضح لـ"عربي21" أن "الأعداد التي أُعلن عنها جاءت لاضطرار السلطة لذلك نتيجة رصد دول أخرى حالات عائدة من مصر فأبلغت القاهرة بها؛ أما الأجهزة التابعة للسلطة فلم تكتشف حالات بعينها".

وفي تقديره لسبب عدم اتخاذ الحكومة قرارات وقائية تحد من انتشار المرض، قال إن "الأفكار من تحكم السلوك، والفكرة الأساسية هنا قيمة الإنسان المتدنية في نظر هذه السلطة، لأنها لم تأت بإرادة شعبية".

وأشار إلى أنه رغم حصول مصر على 250 ألف حقيبة فحص للكشف عن الكورونا كمنحة من منظمة الصحة العالمية إلا أن النظام قدمها للمصريين بمقابل مرتفع الثمن (1000 جنيه)، ما يعني أنهم سيجمعون من التحليل فقط نحو 250 مليون جنيه"، مؤكدا أنهم "يتاجرون بكوارث المصريين".

ويرى الصيدلي المصري، أن "إدارة الأزمة غير متخصصة؛ ومن يديرها أحد الجهات السيادية، والجانب الفني غائب عنها، بدليل مشهد تزاحم آلاف المصريين الراغبين في التحليل أمام الإدارة المركزية للمعامل بالصحة".

"القرارات مجانية فقط"

في رؤيته لحقيقة الأوضاع والأرقام، قال الباحث مصطفى خضري: "من السوابق التي تعامل فيها النظام مع أحداث مماثلة؛ نكتشف أن الأوضاع أسوء بكثير، وأرقام الإصابات ربما تكون أضعاف ما تم إعلانه".

رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"، أضاف لـ"عربي21"، أن "نظام السيسي، مازال يعيش بوهم الشمولية الناصرية ويظن أن باستطاعته أن يكون المصدر الوحيد للمعلومة، رغم الفضائيات المفتوحة والشبكة العنكبوتية ومواقع السوشيال ميديا".

ويرى أن عدم اتخاذ الحكومة قرارات وقائية كوقف الطيران لأن "النظام يفتقد القدرة على اتخاذ هذا القرار تجاه دول قوية تملقا لها وخوفا من رد فعلها، لكن ربما سيتخذ القرار إذا كان بأمر دولة أقوى كأمريكا وبريطانيا، وربما يكون لهما مصالح سياسية واقتصادية من قرار كهذا".

ويعتقد الباحث المصري أن "قرار غلق المدارس سيصدر قريبا، خاصة وأنه غير مكلف ماليا للنظام الذي سيتخذ القرارات المجانية فقط والتي يمكنه تحميل تكلفتها للمواطن".

"آثر الجانب الاقتصادي"

من جانبه، قال الصحفي والباحث المصري سيد الجعفري، إن "النظام يرى التعداد السكاني عبئا ومشكلة تواجه التنمية؛ لذلك لا يهتم بصحة المصريين، ولا يبذل جهدا لتوعيتهم ووقايتهم من كورونا".
وبحديثه لـ"عربي21"، أضاف: "بل آثر النظام الجانب الاقتصادي باستمرار تدفق الأفواج السياحية لمصر، حتى من الدول الموبوءة كالصين".

وحول أخطاء النظام أكد الجعفري، أن "منها النفي المتكرر لظهور المرض بمصر، والتكتم على أخباره، على الرغم من إعلان دول عدة اكتشافها حالات من مصر"، موضحا أن "هذا الخطأ جعل العالم يتخوّف ويتعامل مع دخول المصريين لأراضيه بحذر".

ويتوقع الباحث المصري، "ألا يلجأ النظام المصري لمحاولة احتواء المرض إلا بضغط من منظمة الصحة العالمية أو إغراء منها؛ لأن الإجراءات الوقائية التي يفترض أن يتبعها النظام ستؤثر اقتصاديا".

وأشار إلى أن "إغلاق المدارس والجامعات مثلا، وتقييد رحلات الطيرات مع الدول الموبوءة، سيرسل رسالة للسياح أن مصر غير آمنة، وهو ما يرفضه النظام بشدة".

"الصورة المحزنة"

وقال الجعفري، إن "ما يُحزن هو تلك الصورة التي يتناقلها المصريون للزحام أمام المعامل المركزية لوزارة الصحة لاستخراج شهادة الخلو من فيروس كورونا حتى يتمكنوا من العودة لأعمالهم بالخليج".

ويرى أن "هذه الصورة تكشف مدى الفساد الذي خلّفه الحكم العسكري حتى شرّد المصريين بدول العالم بحثا عن العيش، مع أن بلدهم مملوء بالخيرات التي ينهبها العسكر وأتباعهم".

وأكد الكاتب الصحفي، أن "الصورة المحزنة تكشف مدى جريمة السيسي ونظامه الفاسد عندما أخفق بالتعامل مع كورونا، وخدع العالم وأخفى المعلومات، حتى لجأ أقرب داعميه بالخليج لفرضه على المصريين الحصول على هذه الشهادات".

وتابع: "ثم تأتي عشوائية الحكومات العربية التي طلبت هذه الشهادات وهي ترى هذا المشهد الذي يصيب المتعافين من المتزاحمين بالفيروس، وبالطبع لن يظهر في التحليل".

 

 

ومن وجهة نظر الجعفري، فإن "المشكلة في وجود عوامل كثيرة ستساعد على انتشار المرض بمصر، أهمها قلّة الوعي مع تخلي الدولة عن دورها التوعوي والوقائي، وكثرة التجمعات البشرية والازدحام بالأسواق، وزيادة كثافة الفصول الدراسية ومدرجات الجامعات".

وأشار أيضا إلى "تساهل كثير من المصريين في العناية الصحية، وانهيار منظومة المرافق الصحية للدولة، وتجنب العاملون باليومية الخضوع للكشف الطبي عند الاشتباه بالإصابة بالمرض خوفا من الحجر الصحي الذي يعني انقطاع مصدر دخل عائل الأسرة".