حقوق وحريات

حقوقيون: الإصرار على حبس المسجونين إعدام لهم في زمن كورونا

منظمة "نحن نسجل" دعت للضغط على حكومات مصر وسوريا والإمارات والسعودية للإفراج عن المسجونين- أرشيفية

ناشدت منظمة "نحن نسجل"، المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي بأن يتخذوا الإجراءات الكفيلة بالضغط على الحكومات المصرية والسورية والإماراتية والسعودية للإفراج عن المسجونين، مؤكدة أن "الإصرار على حبسهم سيكون بمثابة عقوبة إعدام لهم"، وذلك على ضوء تفشي فيروس كورونا المستجد.

ودعت، في بيان لها، مساء الثلاثاء، وصل "عربي21" نسخة منه، السلطات المصرية والسورية والإماراتية والسعودية إلى الحذو حذو دول العالم التي بادرت بالإفراج عن المسجونين والمحبوسين احتياطيا حفاظا على أرواحهم وعلى سلامة المجتمع؛ والإفراج العاجل عن معتقلي الرأي والمسجونين السياسيين باستخدام إجراءات الإفراج الشرطي التي يمنحها القانون للسلطة القضائية، وسلطة العفو التي يمنحها القانون للسلطة السياسية.

وشدّدت "نحن نسجل" على أهمية "المبادرة بالإفراج الفوري عن جميع المحبوسين احتياطيا، والاستعاضة عنها بالتدابير المؤقتة التي يكفل القانون للقضاة استخدامها كبدائل للحبس الاحتياطي، وإلا تحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة قاسية، وإزاء ذلك نحمّل هذه الحكومات كافة النتائج الكارثية المترتبة على التأخر في اتخاذ هذه الإجراءات وتفشي الإصابة بفيروس كورونا".

 

اقرأ أيضا: الأمن المصري يعتقل أشقاء المدون عبد الله الشريف

وقالت: "في ظل أزمة فيروس كورونا العصيبة والكارثية التي يمر بها العالم، تحاول السلطات السياسية والقضائية في عدد من الدول الحد من الأعداد في السجون من خلال إجراءات الإفراج الشرطي في القضايا الجنائية التي يجوز فيها ذلك وقضايا الرأي والقضايا قليلة الأهمية، وبعضها اتخذ خطوات أوسع في إبطاء عمليات سجن الأشخاص، وذلك من خلال الإفراج الفوري عن المتهمين المقبوض عليهم حديثا، بالإضافة إلى عدم التسرع في إجراءات القبض إلا في حالات الضرورة القصوى".

وأضافت: "فعلى سبيل المثال: في الولايات المتحدة، في ولاية أوهايو في سجن مقاطعة كوياهوغا، تم الإفراج عن ثمانية وثلاثين شخصا مع وضع بعضهم تحت المراقبة، ضمن الإجراءات الموسعة لمواجهة خطر فيروس كورونا والحفاظ على حياة الأفراد، وهو ما حذت حذوه مقاطعة كليفلاند في ذات الولاية مع بعض المقبوض عليهم حديثا".

وأشارت منظمة "نحن نسجل" إلى أن "إيران أطلقت سراح أكثر من ستين ألف سجين من المحكوم عليهم بمدد أقل من خمس سنوات، بالإضافة للسجناء المسنين في ظل عقوبات لمدد أطول، وسط مخاوف شديدة من انتشار فيروس كورونا بسرعة داخل السجون".

وتابعت: "وهو ما لم تحذُ حذوه السلطات الإيطالية، مما أسفر عن حالة شديدة من الفوضى في السجون أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإشعال الحرائق وهروب عدد من المساجين، نتيجة منع الزيارة عنهم مع تفشي المرض في الدولة، وهو المصير الذي توقعه البعض في أسبانيا وفرنسا وسوريا ومصر والبلاد التي تتجه فيها أعداد المصابين بالفيروس للزيادة، مع الإصرار على عدم اتخاذ إجراءات الإفراج الفوري عن المسجونين ومنع الزيارة عنهم".

ولفت البيان إلى أن "العديد من المنظمات الحقوقية وعدد من المحامين الدوليين وخبراء الصحة العامة، طالبوا الحكومات المختلفة بمنح العفو في حالات الطوارئ للسجناء المسنين والمرضى، والإفراج الفوري عن جميع المحبوسين احتياطيا، حماية للمجتمع وسلامة السجناء، وبحسب تعبيرهم: (لأن الحبس سيخلق أرضا خصبة لتكاثر العدوى)، وهو ما يعتقد معه خبراء الصحة العامة أنها مسألة وقت فقط لتنفجر السجون بالإصابات، وهو ما حدث في السجون الصينية التي شهدت انفجارا في الحالات عبر سجونها في شباط/ فبراير".

وأردف: "في البلاد العربية، لم تبادر أية دولة باتخاذ مثل هذه الإجراءات باستثناء البحرين التي أصدرت عفوا عن 901 سجين، وقررت أن يستكمل 585 سجينا باقي مددهم في إصلاحيات وبرامج إعادة تأهيل بدلا من السجون، ولم تسِر على خطاها أية دولة عربية أخرى رغم تزايد أعداد المصابين فيها يوما بعد يوم، لا سيما في البلاد التي يكثر فيها المسجونون السياسيون ومعتقلو الرأي، وفي مقدمتها مصر وسوريا والإمارات والسعودية".

وأشار إلى "غياب تام للشفافية في الإعلان عن الإصابات في البلاد المذكورة، وهو ما يُتوقع معه حدوث انفجار مفاجئ في الإصابات بالفيروس وربما الوفيات، مما استدعى اتخاذ عدد من الدول إجراءات تحفظية حيال القادمين من مصر وسوريا والراغبين في السفر إليها ومنع حركة الطيران معها".

وقالت "نحن نسجل" إنها علمت من "مصادرها الموثوقة أن عددا غير مقدر من ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية قد أصيبوا بفيروس كورونا وسط تكتم كامل وغياب تام للشفافية، بعد إصابة اللواء شفيع عبد الحليم – والذي توفي صباح يوم الاثنين الماضي– عن طريق العدوى من سكرتيره الخاص الذي كان عائدا من زيارة إلى إيطاليا قبل أن يُعلن عن تفشي المرض فيها، فيما يعتقد أن الإصابة حدثت أثناء فترة حضانة الفيروس".

وأكملت: "ثم انتقلت العدوى إلى اللواء خالد شلتوت الذي نُقِل إلى العناية المركزة في حالة خطرة ثم توفي مساء الأحد الماضي، ثم العميد أسامة الزيات في الهيئة الهندسية الذي يرجح إصابته أثناء زيارة لشرم الشيخ، وتم وضعه وأسرته بالكامل في الحجر الصحي، مع استمرار احتجاز اللواء محمود شاهين رئيس أركان إدارة المهندسين العسكريين بالقوات المسلحة المصرية في العناية المركزة متأثرا بإصابته بالفيروس".

ونوّهت إلى أنه "يُشتبه في إصابة عدد غير مقدر من أفراد القوات المسلحة لا سيما من أفراد الهيئة الهندسية ذات الاتصال المباشر بالمدنيين، وهو ما استدعى صدور قرار بإخلاء مشروع الكيان العسكري بالعاصمة الإدارية الجديدة لمدة خمسة عشر يوما".

وعبّرت عن خشيتها من انتشار فيروس كورونا في السجون، والتي أكدت أنها "ستؤثر ولابد على المجتمع ككل، وربما تشكل خطرا كارثيا، لسهولة انتقال الفيروس من بين المسجونين وضباط وأفراد الشرطة والقوات المسلحة".

واستطردت قائلة: "في ظل اكتظاظ السجون بالمسجونين، وتوارد أخبار لـ "نحن نسجل" بوجود حالات اشتباه بالإصابة في سجون طرة ووادي النطرون، ثبت لاحقا أنها سلبية، فقد ناشدت عشرات أُسر المسجونين السياسيين بالإفراج الكامل أو المؤقت عن ذويهم مع الاستعداد الكامل لتنفيذ التدابير المناسبة لعمليات الإفراج".

وأوضحت أن "القوانين المصرية تعطي الحق لرئيس الدولة بالعفو غير المحدود والمشروط عن المسجونين، وسبق للسلطة المصرية إصدار قرار بالعفو في شباط/ فبراير 2020 عن 135 سجينا سبقته قرارات أخرى في مناسبات عديدة بين عامي 2014 و2019، وهو ما يجعل نحن نسجل تتساءل عن جدوى سلطة العفو السابق استعمالها إذا لم يتم استخدامها في الوقت الراهن، وكذلك عن جدوى التدابير التي يكفل القانون للقضاة استخدامها كبديل للحبس الاحتياطي".

وقالت: "إننا، وإزاء الوضع المتأزم، نندد بالتعسف الذي تصر عليه السلطات المصرية والسورية والإماراتية والسعودية بعدم الإفراج عن معتقلي الرأي والمسجونين السياسيين في ظل هذه الظروف العالمية العصيبة، لا سيما بالنسبة للسجناء المسنين والمرضى والسجينات؛ الذين يواجهون خطرا كبيرا للإصابة بفيروس كورونا ويشكلون نحو ما نسبته 30% من المسجونين".