صحافة دولية

المونيتور: كيف ستواجه دول شمال أفريقيا فيروس كورونا؟

المونيتور: دول شمال أفريقيا تستعد لمواجهة فيروس كورونا- الأناضول
نشر موقع "المونيتور" تقريرا للصحافي المقيم في تونس، سايمون سبيكمان كوردال، يقول فيه إن منطقة شمال أفريقيا تحاول الدفاع عن نفسها من فيروس كورونا المستجد. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أن حلت أوروبا محل الصين، بصفتها بؤرة لانتشار الفيروس، بشكل أجبر إيطاليا وفرنسا وبريطانيا على اتخاذ إجراءات مشددة لمكافحته، فإن دول شمال أفريقيا، من المغرب والجزائر وتونس وليبيا إلى مصر والسودان، باتت تحضر نفسها للفيروس. 

ويستدرك كوردال بأنه رغم قلة الحالات المسجلة في المنطقة، وزعم ليبيا أنها لم تسجل ولا حالة إصابة، إلا أن دول المنطقة، المدركة لهشاشة نظامها الصحي، بدأت بعزل سكانها عن أوروبا، وفرضت قيودا على الدخول، فيما قل عدد الرحلات الجوية، وبدأت تحضير نفسها لعملية عزل ذاتي.

وينقل الموقع عن الباحث البارز في جامعة جون هوبكنز، تولبيرت نينسوا، قوله إن "عدد الرحلات المحدود من العالم إلى أفريقيا كان سببا في إبطاء وصول العدوى"، وأضاف قائلا: "هناك أدلة من الصين، التي يجب التأكيد أنه لم يتم التثبت منها، تشير إلى أن الأجواء الحارة قد تكون عاملا في إبطاء وصول العدوى".

ويلفت التقرير إلى أنه في مناطق القارة الأفريقية كلها فإن دروس وباء إيبولا عام 2014، التي كان نينسوا لاعبا مهما في المساعدة على احتوائه، تم تعلمها، فمنعت التجمعات للصلاة، التي كانت مفتاحا مهما لانتشار فيروس إيبولا في العديد من دول شمال أفريقيا. 

ويفيد الكاتب بأن مراكز السيطرة على الأمراض ومنعها أصبحت ناشطة وقوية، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود ملامح ضعف، مشيرا إلى قول نينسوا إن "النظام الصحي ضعيف بشكل عام.. هناك نقص عام في الإمدادات الطبية وأجهزة الحماية الشخصية التي تستخدم لعزل العمال الطبيين". 

ويذكر الموقع أن النظام الصحي في شمال أفريقيا يعد في حالة من الضعف الحرجة، فيقول المحلل في مؤسسة دراسة المخاطر "أس- آر أم"، ثيو وي، إن "أنظمة الرعاية الصحية العامة والخاصة موجودة في بلدان شمال أفريقيا جميعها، إلا أن فعالية معالجة وتشخيص كوفيد-19 تختلف بين المناطق الريفية والمدن، ما يجعل من تحديد مستوى وحجم انتشاره صعبا". 

وينوه التقرير إلى أنه من المتوقع أن تشكل الاختلافات بين المدينة والريف ومستويات الفقر في شمال القارة الأفريقية طريقة انتشار الفيروس، ففي أوروبا ساعدت عمليات العزل الذاتي على تشويش انتشار الفيروس، إلا أن تطبيق هذا الأسلوب في دول شمال أفريقيا ذات المستويات المتدنية من الدخل سيكون صعبا، خاصة لمن يعتمدون على العمل اليومي. 

ويورد كوردال نقلا عن طالبة دراسات ما بعد الدكتوراة في معهد ماكس بلانك، إيدان بونوهوم، قولها: "الموظفون غير المتفرغين الذين أعرفهم في برلين باتوا يطلبون دعما من الحكومة"، وتضيف: "في مصر وتونس، مثلا، لا أعرف كيف سيتصرف أصحاب الدخل المتدني (مثل سائقي التاكسي والعاملين في المطاعم والزراعة) دون مساعدة، وبالنسبة للكثيرين فإن ذلك ليس خيارا". 

ويبين الموقع أنه دون وجود خيار عزل ذاتي للأفراد المصابين فإن هناك مخاوف من تكرار تجربة الصين التي انتشر فيها الفيروس أولا، حيث انتشر من خلال شبكة العائلة، مشيرا إلى أن أول ملمح جاء من الجزائر، حيث أصيب 16 شخصا من عائلة واحدة في ولاية البليدة، وكلهم أصيبوا بعد استضافتهم فرنسيا وابنته في شهر شباط/ فبراير. 

وينقل التقرير عن بونوهوم، قولها إن "الكثيرين يعيشون على الأجر اليومي.. دون دعم من الحكومة، أو حتى المساعدة في العناية بأطفالهم، لا أعلم كيف سيواجهون هذا الوضع". 

ويقول الكاتب إنه من غير المعلوم مدى قدرة الحكومة على دعم المواطنين في وقت الوباء، فشهدت تونس والمغرب تراجعا في القطاع السياحي، الذي يعد مصدرا رئيسيا للتوظيف، والذي بات يعاني من حظر السفر، مشيرا إلى أن من الصعب التكهن بمدة القيود واستمرارها، إلا أن النظرة الاقتصادية في شمال أفريقيا، كما هي الحال في العالم، قاتمة. 

ويورد الموقع نقلا عن المحللة في "أس- آر أم" سيفت كونيسكا، قولها: "في الوقت الحالي يتطور الوضع حول كوفيد-19، ومن الصعب الحكم بطريقة واضحة عن مدى الصدمة التي سيتركها على اقتصاديات بعينها.. ما يمكننا قوله بثقة هو أن الاقتصاد العالمي سيتأثر بشكل خطير، ولن تكون دول شمال أفريقيا بمأمن من الانكماش العالمي"، وأضافت: "ما ستتعرض له دول شمال أفريقيا يعتمد على قدرة وكفاءة لتحمل الإرباك في سلسلة الإمدادات العالمية والقيود على السفر والتجارة وقلة اليد العاملة". 

ويجد التقرير أن من المفارقة أن الاقتصاديات المتنوعة في المغرب وتونس، اللذين يعتمدان على السياحة، هي التي ستساعدهما على تجاوز الأزمة، مشيرا إلى قول كونيسا: "مع ذلك فإن هناك محدودية للتعرف على صدمة الوباء العالمي على الاقتصاديات الوطنية، ولهذا فقد نشاهد أشكالا من التعافي الاقتصادي مختلفة عن الصدمات الخارجية". 

ويقول كوردال إن هناك مظاهر قلق ودعوات لردود من الحكومات على الوضع في أنحاء شمال أفريقيا، مشيرا إلى أنه في تونس، التي تعد الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، قدم النقابيون والسياسيون عريضة للرئيس طالبوه فيها بفرض حظر تجول.

وينقل الموقع عن بونوهوم، قولها: "قد تكون الديكتاتورية مفيدة لإدارة صحة المجتمع ورفاهه على المدى القصير.. حكومات مثل القاهرة لديها القدرة على فرض إجراءات تعسفية وتقييد الحريات، لكننا نريد النظر إلى هذا من زاوية تاريخية، فلو أردنا الحماية من المرض فعلينا توفير السكن المناسب والظروف الصحية الجيدة". 

ويختم "المونيتور" تقريره بالقول إنه "من غير المعلوم كيف سينتشر فيروس كورونا في شمال أفريقيا، فالمرض جديد، وبدأ انتشاره قبل فترة، ومن الصعب التكهن، وكل ما يمكننا قوله إنه أصبح هنا".
 
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)