صحافة دولية

WP: كيف ستواجه دول العالم العربي المتعبة فيروس كورونا؟

واشنطن بوست: حروب ومجاعات في العالم العربي والآن جاء فيروس كورونا- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها ليز سلاي، تقول فيه إن الشرق الأوسط يعيش حالة من الحرب، لكن عليه مواجهة فيروس كورونا الآن.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن معظم المنطقة باتت مغلقة مع تصاعد أزمة فيروس كورونا المستجد في أجزاء من العالم، حيث الحرب والمجاعة والانهيار المالي والاضطرابات السياسية التي تزيد من صدمة المرض.

 

وتلفت سلاي إلى أن غالبية المصابين الذين تم تسجيلهم في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وعددهم 16659، جاءوا من إيران، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي يرتفع فيه عدد المصابين حول المنطقة فإن الحكومات بدأت بالرد، وقلبت الحياة رأسا على عقب في منطقة ظلت مفترق طرق للدين والتجارة والسياحة. 

 

وتذكر الصحيفة أنه تم إلغاء الصلوات في المساجد، وأغلقت الحانات والمقاهي، وتم وقف الرحلات الجوية، ومنع الزيارات لمكة والمدينة وإلى المسجد الأقصى، وكذلك أغلقت كنيسة المهد في بيت لحم والمزارات الشيعية في كربلاء في العراق، مشيرة إلى أن مطعم بربر في لبنان، الذي ظل مفتوحا طوال الحرب الأهلية، أغلق لأول مرة أبوابه. 

 

وينوه التقرير إلى أن العراق أعلن حالة الطوارئ، حيث سيطلب من العراقيين البقاء في بيوتهم، فيما أمرت الحكومة السعودية بإغلاق المكاتب الحكومية والأعمال ومراكز التسوق، مشيرا إلى أن السفر والسياحة توفقا، فعلقت السعودية الرحلات كلها من وإلى المملكة، ومنعت الإمارات العربية دخول غير المقيمين، وعلقت الرحلات الجوية لبعض الأماكن، وقام الأردن ولبنان والعراق بإغلاق الحدود، وسيتم إغلاق المطارات. 

 

وتعلق الكاتبة قائلة إن وقف النشاطات الاقتصادية سيترك أثره الفادح على المنطقة التي يعاني فيها المواطنون من مصاعب الحياة وغياب الاستقرار السياسي والنزاعات المستمرة.

 

وتنقل الصحيفة عن جون أولترمان من معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية، قوله: "هناك أزمات متتالية تغذي كل واحدة منها الأخرى وشبكة مترابطة من الكوارث"، وأضاف أن "هذه الدول لا تواجه أزمة واحدة، بل اثنتين أو ثلاثا وفي وقت واحد". 

 

ويشير التقرير إلى أن عقدا من الاضطرابات التي أعقبت الربيع العربي حطم اقتصاديات تعاني من المشكلات، وقبل أن يحطم فيروس كورونا الأسواق الدولية، زادت في الوقت ذاته حرب أسعار النفط التي شنتها السعودية، والتي جاءت نتاجا لفيروس كورونا وانهيار الطلب على النفط من الأسعار بشكل هدد اقتصاديات دول المنطقة. 

 

وتورد سلاي نقلا عن الخبير الاقتصادي ووزير المالية اللبناني السابق، ناصر سعيدي، قوله إن الدول المنتجة للنفط في الخليج ستخفض من نفقاتها، أما الدول التي تعتمد على تحويلات المواطنين العاملين في دول الخليج فتعاني أيضا. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن لبنان يعيش في ظل أزمة مالية أدت إلى انهيار عملتها وسط انتشار تظاهرات واحتجاجات في الشوارع، مشيرة إلى أن العراق، الذي يعتمد على موارد النفط في دخله، سيعاني كثيرا في وقت خرجت فيه التظاهرات.

 

وينقل التقرير عن سعيدي، قوله إن المنطقة ستدخل بالتأكيد حالة من الركود، و"هذا يعني زيادة جديدة في معدلات البطالة، وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وستظهر ضغوط جديدة، وتتزايد المشكلات الاجتماعية واحتجاجات سياسية أكثر"، وأضاف: "هذه ليست صورة جميلة للشرق الأوسط". 

 

وتنوه الكاتبة إلى أنه في الوقت ذاته فإن الحروب تستمر في سوريا واليمن وليبيا، التي لم تعلن عن إصابات بالفيروس، لكن ملايين من سكانها يعانون من الفقر والجوع، ما يعرضهم للإصابة بالمرض، مشيرة إلى أن هناك ملايين منهم يعيشون في ظروف بائسة في المخيمات والتجمعات في البلدان التي انتشر فيها الفيروس بسرعة. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر فابريزو كاربوني، قوله: "حتى الدول المتقدمة تعاني.. يمكن للشخص أن يتخيل ما هو الوضع في الدول التي تعاني من الحرب". 

 

وبحسب التقرير، فإن معظم الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة أبدت موقفا غامضا من انتشار الفيروس، وهناك شكوك بأن هذه الدول لا تعترف بحجم المشكلة، ففي الوقت الذي أكدت فيه سوريا أنها لم تكتشف أي حالة إصابة بالفيروس، إلا أن الخبراء يستبعدون فرارها من الفيروس الذي تمكن داخل الدول الجارة. 

 

وتنقل سلاي عن إميل هوكاييم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله إنه باستثناء الدول الخليجية التي تملك نظاما صحيا جيدا، فإن أنظمة الرعاية الصحية متخلفة كثيرا عن تلك الموجودة في الدول الغربية والآسيوية، ما يعني أنها ستواجه مشكلات كبيرة لمعالجة المصابين وتوفير الخدمات الطبية، وفي الوقت ذاته فإن الدول الثرية التي عادة ما تقدم المساعدة لجاراتها الفقيرة لن تكون قادرة في ظل انتشار الفيروس على التفكير في الدول الأخرى. 

 

ويضيف هوكاييم أن "هذا سيؤدي إلى زيادة الأعباء ومفاقمة المشكلات الموجودة كلها، في وقت تهتم فيه كل دولة في العالم بالأزمة التي تواجهها في الداخل واحتياجاتها". 

 

وتقول الصحيفة إنه ربما كان الوقت متأخرا لوقف انتشار الفيروس في منطقة لم تقم الدول الأخرى الكبرى فيها بتحذير مواطنيها من مخاطر الفيروس وانتشاره، مشيرة إلى أن الموقف الإيراني غير الشفاف من الفيروس، وحول العدد الحقيقي للمصابين، كان مصدرا لمخاوف الحكومات القريبة، خاصة تلك التي تعيش فيها تجمعات شيعية كبيرة، والتي يسافر أفرادها بشكل دائم إلى إيران لأغراض سياسية ودينية وتجارية.

 

ويشير التقرير إلى أنه في لبنان والبحرين سجلت حالات كثيرة من الإصابات، ورغم أن الأعداد قليلة، إلا أن نسبة الإصابات لعدد السكان يجعلهما من الدول ذات النسب العالية في المنطقة، وقد سجل في العراق حالات قليلة رغم قربه من إيران -110 حالات- لكن هناك مخاوف من أن تكون الأرقام أعلى، لافتا إلى أنه بعد زيادة الحالات في إيران، فإن العراق قرر منع دخول الإيرانيين، لكنهم ظلوا يدخلون ويخرجون حتى نهاية الأسبوع الماضي.

 

وتورد الكاتبة نقلا عن ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، أدهم إسماعيل، قوله إن عدد المصابين قد يكون بالمئات، وربما تكون حالات خفيفة، إلا أنه لا حاجة للخوف من انتشار واسع له، لكن الحفاظ على أرقام قليلة هو "معجزة طبية". 

 

وتستدرك الصحيفة بأنه إذا انتشر المرض بشكل واسع فإن الخدمات الصحية ستجد نفسها أمام معضلة كبيرة، فقد استخدم البلد 80% من معدات الفحص، وعددها 6 آلاف جهاز، مشيرة إلى أن سنوات من الحرب والفساد دمرت القطاع الصحي، ولا توجد أجهزة تنفس أو تهوية لمواجهة الوضع.

 

وينقل التقرير عن مديرة وحدة الأمراض المعدية في الجامعة الأمريكية في بيروت، سهى كنج، قولها إن لبنان بنظامه الصحي الجيد سيواجه مشكلة لو زاد عدد المصابين، مشيرة إلى أن معظم الحالات جاءت من الصين ومصر وإيران وفرنسا وبريطانيا، لكن الحالات الجديدة جاءت بعد تمكن الفيروس داخل المجتمعات، ما يجعل من الصعوبة احتواؤه، وتشك كنج بأن العدد الحقيقي هو أعلى من الأرقام الرسمية. 

 

وتفيد سلاي بأن مصر لم تتخذ بعد الإجراءات العملية لمواجهة انتشار الفيروس، رغم الأدلة المتزايدة بأن مصدر عشرات الإصابات في جميع أنحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأجزاء من الشرق الأوسط، جاءت من مصر. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول مركز السيطرة على الأمراض ومنعها، إن 60 حالة ظهرت في 15 دولة جاءت من سفن سياحية في نهر النيل.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)