صحافة دولية

غازيتا الروسية: لماذا سيخسر حزب ماكرون الانتخابات؟

غياب منافسين لماكرون يلعب لصالحه نظرا لأن المنافسة الوحيدة للرئيس الفرنسي هي مارين لوبان- جيتي

نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن استعداد فرنسا لإجراء انتخابات بلدية جديدة ينبغي أن تكون اختبارا أوليا للدورة التقدمية لإيمانويل ماكرون.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدراسات الاستقصائية تتنبأ بفشل حزب "الجمهورية إلى الأمام" مقابل عودة التقسيم التقليدي للأحزاب السياسية في فرنسا، أي جمهوريين واشتراكيين. ويعزى ذلك بالأساس إلى سياسة ماكرون الإصلاحية التي لم تلق استحسان الناخبين.

وأفادت الصحيفة بأن الانتخابات البلدية في فرنسا تبدأ خلال 10 أيام. وقد مرت ست سنوات على الانتخابات السابقة، لذا ينبغي أن تكون الحملة الانتخابية الحالية هي الاختبار الأول للزعيم الفرنسي إيمانويل ماكرون وحزبه "الجمهورية إلى الأمام". وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي الحالي أسس هذه الحركة السياسية عشية الانتخابات البرلمانية لسنة 2017.

فشل اتجاه ماكرون (الماكرونيزم)

أوردت الصحيفة أنه قبل ثلاث سنوات، فاز حزب "الجمهورية إلى الأمام" في الانتخابات التشريعية بأغلبية المقاعد في مجلس النواب. ومع ذلك، من غير المحتمل أن يتمكن هذا الحزب السياسي من تكرار هذا النجاح في الانتخابات البلدية لسنة 2020.

وحسب استطلاعات الرأي فإن 44 بالمئة من الناخبين مستعدون للإدلاء بأصواتهم لمرشحي حزب الخضر الأوروبي للبيئة، و38 بالمئة يؤيدون الجمهوريين. أما حزب الجمهورية إلى الأمام فقد حصل على 37 بالمئة، بينما حظي الاشتراكيون بما يقدر بـ 28 بالمئة من الأصوات المتوقعة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المفارقات أن حزب ماكرون الذي تأسس سنة 2017، أيد العديد من الناخبين في أن سياسة الرئيس متمثلة في التغيير والابتعاد عن "اليمين أو اليسار".

 

ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات من تولي ماكرون الرئاسة، يعود الناخبون إلى الانقسام التقليدي. وعلى مدى ثلاث سنوات، لم يكن لدى الحزب أي سياسيون مهمين قادرين على التنافس مع مرشحين من القوى التقليدية على المستوى الإقليمي. ونتيجة لذلك، فإن مؤيدي ماكرون ضعفاء للغاية في الانتخابات.

في الوقت نفسه، إن سياسة الرئيس الذي جاء إلى السلطة مع وعود بإجراء إصلاحات كبرى للنظام الحالي، تلعب ضد المرشحين.

 

وفي الواقع، إنه يفي بوعده باستمرار، إلا أن التغييرات التي يجريها لا ترضي الفرنسيين. ومن بين مبادرات الرئيس الفرنسي إصلاح نظام المعاشات التقاعدية التي تسببت في احتجاجات واسعة النطاق. كما أن النظام الجديد يلغي امتيازات 42 تخصص، وهو ما يعتبر سلبيا بالنسبة للفرنسيين.

ونقلت الصحيفة عن رئيس مركز الدراسات الفرنسية في معهد أوروبا بالأكاديمية الروسية للعلوم، يوري روبنسكي، قوله إن "الإصلاحات المتعلقة بنظام المعاشات التقاعدية أثرت سلبا على توحيد القوى قبل الانتخابات البلدية"، وذلك سيكون له تبعات خطيرة على الحزب الحاكم.

ونوهت الصحيفة بأن حزب "الجمهورية إلى الأمام" سيضطر نتيجة لذلك للتوجه إلى صناديق الاقتراع دون ورقة رابحة في يده.

 

اقرأ أيضا : فورين بوليسي: ما سر حرب ماكرون على الإسلاموية؟

 

لمحاولة تجاوز مرحلة الانتخابات بأقل خسائر ممكنة، يحاول الحزب التوصل إلى اتفاق مع منافسيه السابقين من الأحزاب التقليدية.

 

وفي هذا الصدد، أشار روبنسكي إلى أنه "مع أخذ سياسة ماكرون الإصلاحية بعين الاعتبار، فإن الحزب الحاكم لا يحاول ترشيح أعضائه، وإنما يحاول دعم اليمين واليسار وتقديم ممثليه على قوائم الجمهوريين والاشتراكيين".

سيطرة باريس


أضافت الصحيفة أنه من بين المشاكل الرئيسية بالنسبة لحزب "الجمهورية إلى الأمام" تدخل ماكرون في أنشطته. وعلى الرغم من أن ماكرون غادر الحزب بعد انتخابه رئيسا للبلاد، إلا أنه يواصل قيادة الحزب.

 

وقد ذكرت وسائل الإعلام مرارا وتكرارا أن رئيس البلاد يتخذ بعض القرارات المتعلقة بالحزب. فعلى سبيل المثال، شارك ماكرون في دعم بنيامين غريفو في السباق على منصب عمدة باريس.

 

وبعد انسحاب غريفو من الانتخابات بسبب نشر فيديو جنسي، اختار ماكرون الشخص الذي سيحل محله.

قرب الانتخابات الجديدة

أشارت الصحيفة إلى أن ماكرون في الغالب غير قلق بشأن الفشل المحتمل لحزبه في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، فإن الحملة الانتخابية في البلديات ليست سوى المرحلة الأولى من انتخابات التجديد النصفي الفرنسية.

 

وفي الوقت نفسه، بعد عامين فقط، من المتوقع أن ينتخب حزب ماكرون عن طريق انتخابات برلمانية جديدة، فضلا عن الانتخابات الرئاسية. وقد وصل تصنيف رئيس الدولة إلى 33 بالمئة فقط، وهذا ليس له تأثير إيجابي على فرص إعادة انتخابه.

رغم كل ما ذكر آنفا، فإن غياب منافسين لماكرون يلعب لصالحه، نظرا لأن المنافسة الوحيدة للرئيس الفرنسي هي مارين لوبان.

 

وبناء على هذا، من الممكن أن يتكرر سيناريو الانتخابات الأخيرة، علما بأن 80 بالمئة من الفرنسيين لا يريدون ذلك، لكن حتى الآن يعتبر هذا الخيار الأكثر ترجيحا.

وذكرت الصحيفة، نقلا عن يوري روبنسكي، أن "هذا الوضع قد يتغير إذا استطاعت الأحزاب التقليدية تقديم مرشح قوي بدرجة كافية للانتخابات القادمة". في الحقيقة، سيواصل ماكرون سياسته الإصلاحية على الرغم من نتائج الانتخابات المحلية.