صحافة دولية

موقع إيطالي: أوروبا خارج الاتفاق الروسي التركي حول ليبيا

خبير إيطالي: حدوث اتفاق روسي تركي لحل الملف الليبي سيؤدي لتهميش أوروبا وهو أمر فهمته إيطاليا وفرنسا وألمانيا- جيتي

نشر موقع "إيل سوسيداريو" الإيطالي حوارا مع ماورو إنديليكاتو، الصحفي والخبير في الشأن الليبي، جاء فيه أن التطورات السياسية المتعلقة بالملف الليبي تشهد تسارعا، حيث أن يوم الأمس شهد زيارة مفاجئة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس، إضافة إلى اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية الإيطالي والروسي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اللقاء المفاجئ بين أردوغان والرئيس التونسي قيس سعيد، تمحور بشكل أساسي حول الأوضاع في الجوار الليبي، وهو ما أكدته وكالة الأناضول للأنباء، وأكده أيضا أردوغان.

وأضافت الصحيفة أن صبيحة نفس اليوم شهدت اتصالا هاتفيا بين لويجي دي مايو وزير الخارجية الإيطالي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، تناولا خلاله مؤتمر برلين المقبل، الذي سيدور حول الصراع في ليبيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم هذه التطورات، فإن الأوضاع الميدانية في ليبيا تراوح مكانها، حيث أن الأشهر الأخيرة شهدت تواصلا لحرب الاستنزاف التي تدور حكومة الوفاق من جهة، وقوات حفتر.

ونقلت الصحيفة عن ماورو إنديليكاتو تأكيده أنه رغم ادعاء كل من الجانبين تحقيق انتصارات وتقدم، فإن الوضع على الميدان يشهد حالة انسداد، رغم بعض النجاحات البسيطة لقوات حفتر.

وأضاف هذا الخبير أن التحركات المكثفة على صعيد الدبلوماسية الدولية خلال الأيام الماضية، تظهر أن اللاعبين الدوليين المتدخلين في ليبيا يرغبون في تسريع الخطى نحو حسم هذا الملف. وبطريقة أو بأخرى، يريد كل طرف تحويل الأمور لصالحه وفرض رؤيته للحل في أقرب وقت ممكن.

ويضيف إنديليكاتو أن أردوغان يرغب في جمع المزيد من الحلفاء في المنطقة، ولذلك فإن زيارته إلى تونس كانت بهدف دفع هذا البلد للاصطفاف إلى جانب حكومة فايز السراج.

أما عن الدور الإيطالي، فإن روما تسعى لأن تكون الوسيط الأوروبي الأساسي في التمهيد لمؤتمر برلين، ولهذا فإنها تقوم باتصالات مع موسكو، وتبدو كل التحركات الحالية كأنها سباق ضد الوقت.

كما يرى هذا الخبير أن مصير العاصمة الليبية طرابلس محكوم بالمعارك والقتال في الوقت الحالي، وهو أمر قد يتواصل خلال الأشهر القادمة. حيث أن هذه المدينة منخرطة تماما في الحرب، ولا يوجد فيها ساكن واحد غير مشارك في الأعمال العسكرية، ولكن رغم ذلك هناك مساحة من الأمل ويمكن منع تدهور الوضع بشكل أكبر.


هذا الأمل ينبني بالأساس على نظرية مفادها أنه لا أحد من الأطراف المتدخلة يرغب في أن تصبح العاصمة طرابلس مسرحا لحرب واسعة النطاق. ولذلك فإن الأطراف الدولية المتدخلة تعمل على إيجاد اتفاق، يشمل المستويين العسكري والسياسي.

في المقابل هناك خطر أن تصبح طرابلس مسرحا لصراع كبير، ولكن داعمي السراج، وعلى رأسهم تركيا، وداعمي حفتر أيضا مثل روسيا والإمارات، لا مصلحة لهم في حدوث هذا السيناريو، لأنه سيؤدي لتهديد مختلف التوازنات الإقليمية، التي تعاني أصلا من الهشاشة.

ويرى هذا الخبير أن إيطاليا خلال الفترة الماضية كانت منشغلة بالأوضاع السياسية الداخلية، وغافلة عما يحدث في ليبيا، حيث أنها تفاجأت حين أطلق حفتر محاولة السيطرة على طرابلس، وحين أعلن السراج وأردوغان عن اتفاق الحدود البحرية.

إضافة إلى ذلك، فإن إيطاليا تجاهلت الملف الليبي وارتكبت عدة أخطاء في تحليلها للوضع في طرابلس. وفي المقابل فإن السراج أيضا نسي أن إيطاليا تبقي على 300 جندي في مصراتة معرضين لنيران قوات حفتر، كانوا قد وصلوا إلى ليبيا في 2016 لدعم المعركة ضد تنظيم الدولة.

وأضاف هذا الخبير أن هؤلاء الجنود رغم قلة عددهم، إلى جانب موظفي السفارة في طرابلس، يمثلون شرعية سياسية هامة بالنسبة للسراج، رغم غموض مواقف بقية الدول الأوروبية والأطراف الدولية. ولكن رئيس حكومة الوفاق انجذب إلى وعود أردوغان، وحقيقة أن أنقرة يمكن أن تقدم مساعدة ملموسة أكثر من إيطاليا.

هذه التطورات ليست علامة جيدة بالنسبة لروما، ولكن السراج أيضا لن يخرج أقوى في صورة عقد اتفاق مماثل مع أنقرة. حيث يؤكد إنديليكاتو على أن الأهداف الأساسية لإيطاليا في ليبيا خلال الفترة القادمة، يجب أن تركز على حماية مصالحها القومية، وهي الطاقة والاتفاقات الاقتصادية والتعاون في مجال الهجرة.

وفي الأثناء تعمل موسكو وأنقرة على عملية تقسيم لدوائر النفوذ، بشكل لا يؤثر فقط على ليبيا بل على شرق المتوسط بأكمله وحتى البحر الأسود. وهو ما يطرح تساؤلات حول خروج الولايات المتحدة من هذه اللعبة.

ويرى هذا الخبير أن دونالد ترامب يضع في أولوياته الآن احتواء الصين. أما منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط فهي لم تعد بتلك الأهمية، مقارنة بالحرب التجارية مع الصين، لذلك فإن التزام واشنطن تجاه المنطقة تراجع.

وحول فرضية توجه الصراع الليبي نحو تقسيم فيدرالي، يرى إنديليكاتو أن هذه الفكرة قد تكون مطروحة خلال اللقاءات المقبلة، وهو ما يناقشه الآن الدبلوماسيون الروس والأتراك.

ويحذر هذا الخبير من أن حدوث اتفاق روسي تركي لحل الملف الليبي، سوف يؤدي لمزيد من تهميش أوروبا. وهو أمر فهمته إيطاليا وفرنسا وألمانيا، ولذلك فهي تحاول تنسيق جهودها وتسريع خطواتها، ولكن قد يكون الوقت تأخر كثيرا.

اقرأ أيضا: ليبيا تطلب من تركيا رسميا الحصول على دعم عسكري شامل