صحافة دولية

صحيفة: لهذه الأسباب لن يُهدئ انتخاب تبون الشارع الجزائري

سيكون رئيس الدولة الجديد أمام مهمة شاقة تتمثل في إعادة بناء وحدة البلد- جيتي

نشر موقع "فرنس آنفو" الفرنسي تقريرا سلط فيه الضوء على أسباب تواصل المظاهرات في الجزائر، حتى بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية التي فرضتها ودافعت عنها المؤسسة العسكرية.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه وقع انتخاب عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء السابق في عهد عبد العزيز بوتفليقة، يوم الخميس، في الجولة الأولى من الانتخابات، بنسبة 58.15 بالمئة من الأصوات.

ووفقا للموقع فإن هذه النتيجة لا تحل الأزمة السياسية في الجزائر، لهذه الأسباب:-

لأن نسبة المشاركة ضعيفة

ذكر الموقع أن 39.83 بالمئة فقط من المسجلين صوّتوا في الجولة الأولى لهذه الانتخابات الرئاسية، وفقًا لرئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهو المعدل الأدنى في جميع الانتخابات الرئاسية التعددية التي عرفها تاريخ البلاد. تجدر الإشارة إلى أنه وقع تضخيم هذا الإقبال المنخفض أساسا، وفقا لبعض المراقبين.

اقرأ أيضا: هذا موعد أداء "تبون" لليمين الدستورية كرئيس للجزائر

وحسب تصريح حبيب براهمية، من حزب المعارضة "جيل جديد"، لموقع فرنس أنفو،: "أعلنت السلطات المختصة عن تصويت بنسبة 40 بالمئة، وهو ما اعتبره مضخّما للغاية مقارنة بالواقع (...) نحن نتحدث عن نسبة تتراوح بين 10 و15 بالمئة، وفقا لنتائج بعض مراكز الاقتراع".


ويضيف قادر عبد الرحيم، مؤرخ ومحاضر في معهد الدراسات السياسية في باريس، أنه "لا يمكن لأحد الجزم بما إذا كانت النتائج صحيحة أم خاطئة، أو بمدى واقعيتها".

وحين تواصل معه الموقع، أورد بيير فيرميرين، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة باريس والمختص في المنطقة المغاربية، بأن "النتائج متحيزة إلى حد ما، لأن هناك ملايين الأشخاص لا يملكون بطاقة انتخابية في الجزائر. لا يريد المواطنون التسجيل، لأنهم لا يؤمنون بالنظام أو بعيدين عن السياسة".

لأن مصداقية الانتخابات موضع شك

ونقل الموقع عن بيير فيرميرين تأكيده بلهجة ساخرة أن "مصداقية هذه النتيجة تعتمد على الثقة المُراد منحها للإدارة الجزائرية". يستعمل المتظاهرون كثيرا عبارة "المهزلة الانتخابية" على غرار بعض المراقبين، بمن في ذلك قادر عبد الرحيم، الذي قال: "إنها مهزلة، لكن منذ اللحظة التي سيسيطرون فيها على هياكل الدولة، وستكون لديهم القوة وسلطة الدولة خاصة في ظل صمت فرنسا وأوروبا، سيفعلون ما يريدون".

يذكّر المختص في العلوم السياسية بأن مسار العمليات الانتخابية يوم الخميس قد عرف اضطرابات في منطقة القبائل المتمردة تقليديًا وفي العاصمة. في شوارع وسط الجزائر، تدخلت الشرطة لمنع أي تجمع، وتمكن المتظاهرون من كسر طوق من الشرطة يحظر عليهم الوصول إلى مفترق الطرق في متحف البريد المركزي في العاصمة، وهو المكان الرمزي لتجمع "الحراك".

ويوضح: "أوقف التصويت منذ الصباح، وفقًا للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، في بجاية وتيزي وزو والبويرة، وهي البلديات الرئيسية في القبايل ذات الأغلبية الناطقة باللغة البربرية".

ويكمل: "في بجاية، تعرض مركز الاقتراع للنهب وفي البويرة، أُحرق فرع محلي للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات". وعليه يقول قادر عبد الرحيم: "لا يمكننا القول على أي حال أن الأجواء كانت هادئة".


لأنه لا وجود لمرشح يمثل المتظاهرين

تطرق الموقع إلى أنه بالنسبة للمتظاهرين، ليس لنتيجة الانتخابات أهمية تُذكر. سواء تعلق الأمر بعبد المجيد تبون أو بأي شخص آخر، لم يرغبوا في المشاركة في الانتخابات حتى لا يدعموا النظام. 

وقال سعيد، المهندس البالغ من العمر 32 سنة، لوكالة "فرانس برس": "لقد تظاهرت بالأمس في الجزائر العاصمة وأمضيت الليلة هناك للتظاهر مجددا اليوم والقول إنني لا أعترف بتصويتهم ولا برئيسهم. سوف نتظاهر حتى نحصل على الديمقراطية".

اقرأ أيضا: تبون يدعو للحوار والمعارضة تمدّ يدها بشروط.. هل تنفرج الأزمة؟

ويحذر قادر عبد الرحيم: "لن يحكم الشخص الذي وقع تعيينه، ولن يتخذ قراراته الخاصة. سيتعين عليه تطبيق ما يُطلب منه القيام به". 

ويتفق المراقبون على أن الجيش يحرك خيوط اللعبة السياسية. ووفقا لبيير فيرميرين، "يسيطر الجيش على الدولة، وتسيطر الدولة على إيرادات البترول. وتكمن قوة النظام الجزائري في أنه يوزع ثروة الهيدروكربونات، وبما أن الاقتصاد الجزائري غير منتج، فلن يمنع التظاهر شيئا، وبالتالي لن يهتم النظام بذلك". 

لأن الرئيس الجديد سيعاني من نقص الشرعية

بيّن الموقع أن الصعوبات التي ينبغي على الرئيس الجديد عبد المجيد تبون التعامل معها تتمثل في الإقبال المتدني في الانتخابات، والشكوك حول مصداقيتها، واتساع الفجوة بينه وبين المتظاهرين. وتساءل قادر عبد الرحيم قائلا: "ما هي الشرعية التي سيتمتع بها الرئيس المنتخب؟ إنها منعدمة، سيتجه إلى المنظمات الدولية وسيسخر الجميع منه خلف ظهره. هذه المهزلة الانتخابية ستنقلب ضدهم".

بالنسبة للمؤرخ بيير فيرميرين، "سيظل رئيس الدولة الجديد والنظام قادران على الاعتماد على نسبة المشاركة التي تمثل 40 بالمئة". مضيفا "ربما كانت الأرقام مضخمة قليلاً حتى تبلغ 40 بالمئة، لكن حتى لو كانت النسبة في حدود 30 بالمئة، فهي تشكل انتصارا للنظام. لقد تمكن من دفع الجيش، وعائلات جبهة التحرير الوطني، وأسر المجاهدين، وربما أيضا كبار السن الذين يخشون من فوضى افتراضية إلى التصويت".

في الختام، أفاد الموقع بأنه "سيكون لرئيس الدولة الجديد مهمة شاقة تتمثل في إعادة بناء وحدة البلد"، و"سيضطر الرئيس لتقديم تنازلات. يجب عليه إطلاق سراح سجناء الرأي والإعلان عن فترة انتقالية وإطلاق الحوار مع جميع فصائل المجتمع، وجميع الأطراف لإيجاد مخرج للأزمة"، كما بيّن حبيب براهمية.