ملفات وتقارير

بعد الخسائر في الجنوب.. ماذا تبقى من الثورة السورية؟

هل انتهت الثورة في سوريا أم أنها تغير شكلها؟ - جيتي

بدأت الأزمة في سوريا تأخذ طابعا جديدا مع توالي "انتصارات" نظام الأسد وحلفائه على الأرض، وعودة بعض النازحين من لبنان إلى بلداتهم في الداخل السوري، وعودة بعض "الثوار" ومقاتلي المعارضة إلى "حضن النظام" طوعا في الجنوب السوري و"تسوية أوضاعهم".


جنوبا، أكد المتحدث باسم غرفة العمليات المركزية التي تمثل مفاوضي الجيش السوري الحر إبراهيم الجباوي، أن المفاوضات التي تجريها المعارضة مع روسيا بوساطة أردنية لم تفشل.


وحصلت "عربي21" من مصادر في المعارضة السورية على بنود الاتفاق الذي تم في بصرى الشام، الأحد، بين أحد فصائل المعارضة السورية الجنوبية، ويقوده أحمد العودة، والجانب الروسي أبرزها كان تسوية أوضاع من يلقي السلاح، وعودة "الدولة السورية" لإدارة شؤون المدنيين، ودخول الشرطة الروسية لحفظ الأمن وتأمين المعابر.


اقرأ أيضا: "عربي21" تحصل على نص اتفاق لفصيل معارض مع روسيا بدرعا

 

غربا، خرجت دفعة ثالثة من اللاجئين السوريين من عرسال اللبنانية إلى باتجاه معظمية الشام على الحدود الشرقية مع لبنان، بحافلات جاءت من الداخل السوري، بتنسيق مع الأمن اللبناني.
كما غادر عدد من النازحين بسياراتهم الخاصة "طوعا" بحسب تصريحات مدير عام الأمن اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، الجمعة الماضية.


أما شرقا، فتسيطر القوات الكردية على قرابة 24% من الأراضي بعد أن طردت منها تنظيم الدولة الذي ما زال يسيطر على نحو 7%  من أراضي سوريا وما يزال يتلقى هزائم متتالية.


وفي الشمال ما تزال الأوضاع هادئة على الأرض مع وجود أمريكي تركي في عفرين ومنبج، وتتركز المعارضة السورية في محافظة إدلب لكنها لا تسيطر سوى على أقل من 10% من الأراضي السورية.


الحقوقي وعضو الائتلاف السوري المعارض، هيثم المالح، قال في حديث لـ"عربي21" إن الثورة في سوريا لم تنكسر، ولكنها ربما تتحول إلى أشكال أخرى.


وعزا المالح التغيرات الدراماتيكية في المشهد السوري إلى عجز المعارضة السورية السياسية والعسكرية على حد سواء عن إيجاد قيادة موحدة.


وعن عمليات التسوية التي وصفها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الخيانة" من بعض الفصائل، قال المالح إن علينا أن نعذر الآخرين في ظل غياب القيادة الموحدة، والضغط الكبير على المدنيين هناك خصوصا من الجانب الروسي الذي "جرب كل أنواع الأسلحة ضد السوريين".


وعودة على الثورة، أشار المالح إلى أن الثورات تأخذ سنوات عديدة حتى تؤتي أكلها، وإن الثورة الفرنسية تم اختراقها ومحاولة إفشالها إلا أنها نجحت أخيرا.


وتابع بأن هنالك مراجعات في الحسابات، وتوقفا للأعمال القتالية في بعض الجبهات، إلا أن الموضوع معقد وشائك وفيه العديد من الأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة في الشأن السوري.


الباحث في مركز عمران للدراسات، معن طلاع، قال إن الصراع السوري بحد ذاته كان اجتماعيا، ثم سياسيا، ثم أصبح عسكريا، ثم دفعت الأمور إلى مربع "محاربة الإرهاب" ثم التدخل الإيراني والروسي الذي رجح الكفة لصالح نظام الأسد.


لكنه قال مستدركا إنه في غياب هذه الأطراف مستقبلا، فإن ذلك سيظهر الارتكاسات والخلل في بنية الجيش السوري، الذي وصف انتصاراته بـ"القلقة".


وأكد طلاع لـ"عربي21" أن ما بعد 2011 لن يكون بحال من الأحوال كما هو قبلها، وأبرز ذلك دخول العنصر غير الوطني في صنع القرار الأمني على مستويات متعددة.


وعن مصير الثورة السورية، قال طلاع إن لا مفر من لحظة سياسية جديدة في سوريا، وإنه سيتم الاستفادة من مخرجات أستانا مستقبلا لإعادة تثبيت سيطرة النظام من جديد.


وعن المناطق التي تمت فيها تسويات مع النظام، أشار إلى كتل بشرية ضخمة هناك لن تنسى أنها صمدت لسبع سنوات.


وأشار إلى أن تحديات الثورة السورية تتجاوز المفهوم العسكري، مشيرا بنفس الوقت إلى أن أبرز مشاكل المعارضة المسلحة كان تحركها بقرار خارجي وتقديم الشروط الإقليمية على الشرط الوطني.
وختم بأن المعارضة في الجنوب كان يمكنها أن تدير المعركة سياسية بشكل أفضل مما نراه حاليا على الأرض.

 

من جانبها دعت حكومة نظام الأسد "المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد إلى العودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين".


ونقلت وكالة أنباء النظام "سانا" عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين بأنه "بعد الإنجازات المتتالية التي حققها الجيش والقوات المسلحة في سورية وتحرير مناطق كثيرة من رجس الإرهاب سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات والتي أدت جميعها إلى عودة الكثير من الأهالي النازحين داخليا إلى قراهم ومناطقهم التي تحررت فإن الدولة السورية تدعو أيضا المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد للعودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين".