كتاب عربي 21

شموخ العلماء

محمد عمارة
1300x600
1300x600
في الثورة على دولة بني أمية، كان هناك تيار عروبي، يقوده أبو سلمة حفص بن سليمان الهمداني الخلال (132 هـ، 750 م)، ولقد رشح هذا التيار - إبان الثورة - محمد بن عبد الله بن الحسن - النفس الزكية - (93 – 145 هـ، 712 – 762 م) ليكون خليفة للدولة الجديدة، وقدمه وزكاه عمرو بن عبيد (80 – 144 هـ، 699 – 761م) فقال: "أيها الناس، إننا قد نظرنا، فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروءة ومعدن للخلافة، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه، ثم نظهر أمرنا معه، وندعو الناس إليه، فمن بايعه كنا معه، ومن اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه، ونرده إلى الحق وأهله".

وكان أبو جعفر المنصور (95 – 158هـ، 714 – 775م) تلميذا لعمرو بن عبيد، فبايع مع أستاذه للنفس الزكية.

وكان في الثورة على بني أمية تيار آخر شعوبي، يقوده أبو مسلم الخراساني (137 هـ، 754م)، عارض التيار العروبي والنفس الزكية، واغتال الخلال، وانحرف بالخلافة الجديدة عن التيار العروبي العلوي إلى التيار العباسي، وبايع لأبي العباس السفاح (104 – 136 هـ، 722 – 754م)، ولقد نقض أبو جعفر المنصور بيعته للنفس الزكية، وتولى الخلافة العباسية بعد أخيه السفاح، ومن هنا جاءت الجفوة بين عمرو بن عبيد - ومعه التيار العلوي العروبي - وبين تلميذه أبي جعفر المنصور، والخلافة العباسية، التي سيطر عليها الشعوبيون، واستمرت سيطرتهم عليها حتى نكبة البرامكة التي حرر بها هارون الرشيد (149 – 193 هـ، 766 – 809م) الخلافة العباسية من سيطرة الشعوبيون.

ولقد حاول أبو جعفر المنصور - وهو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية - أن يصالح أستاذه عمرو بن عبيد، وأن يدعوه - هو وأصحابه - للاشتراك في جهاز الدولة - القضاء والولايات - ولكن الثائر الزاهد الفيلسوف عمرو بن عبيد، رفض دعوة المنصور، مشترطا لتلبيتها تحرير الدولة من الشعوبيين - الذين كان يسميهم "الشياطين"!.

وفي نهاية اللقاء الوحيد الذي تم بين المنصور وبين أستاذه عمرو بن عبيد، وبعد حوار طويل، رفض فيه عمرو بن عبيد الاستجابة لطلب الخليفة، أمر المنصور لأستاذه بعشرة آلاف دينار، فقال عمرو بن عبيد: لا حاجة لي فيها، فأقسم الخليفة: والله لتأخذنها، فقال عمرو: لا والله لا آخذها، فقال أحد الحضور لعمرو بن عبيد - مستنكرا -: يحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت؟! فتساءل عمرو بن عبيد عن هذا المتكلم، فقال له المنصور: إنه ابني، وهو المهدي، وهو ولي عهدي، فقال له عمرو: والله لقد ألبسته لباسا ما هو لباس الأبرار، ولقد سميته باسم ما استحقه عملا، ولقد مهدت له أمرا أمتع ما يكون به، وأشغل ما يكون عنه!

ثم التفت عمرو بن عبيد إلى ولي العهد وقال له: نعم يا ابن أخي، إذا حلف أبوك أحنثه عمك، لأن أباك أقوى على كفارات اليمين من عمك!

وعندما هم عمرو بن عبيد بالانصراف، سأله الخليفة: هل لك حاجة؟ فقال له نعم، لا تبعث إلي حتى أجيئك، فقال له المنصور: إذن لا تلقني أبدا، فقال له عمرو: هذه هي حاجتي!

فودعه المنصور -  وهو ينظر إلى حاشيته – وينشد: "كلكم يمشي رويد .. كلكم يطلب صيد .. غير عمرو بن عبيد"، فكانت شهادة السلطان لمن جعل سلطنة العلم فوق سلطان السلطان.
التعليقات (3)
واحد من الناس ... إوعوا تفرطوا في الشرعية ... إوعوا حد يسرقها منكم
السبت، 19-03-2016 07:13 ص
فالشرعية هي سبيل مصر للخلاص من هذا الكابوس ... فبرجوعها تسقط كافة الاتفاقات التي ابرمها هذا الجحش و تعود لمصر كافة حقوقها في النيل و حقول الغاز و غيرها..... و برجوع الشرعية تعود لمصر كل شولة الأرز التي نهبها الجحش و عصابته.... و برجوع الشرعية ممكن نقاضى الدول التي دعمته و نطالبها بتعويضات تخرب بوت ابوهم و تعمر مصر
خالد
الجمعة، 18-03-2016 08:11 م
لله هؤلاء ما أعظمهم فقد عظموا الله فرفعهم الله . ورفعوا العلم فخلد ذكرهم
mm
الأربعاء، 16-03-2016 11:54 م
شرطي الحجاج عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ ابْنُ بَابٍ، أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ، [الوفاة: 150 ه] رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي قِلابَةَ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: الحمادان، وابن عيينة، وعبد الوارث، ويحيى بن سعيد القطان، وعلي بن عاصم، وعبد الوهاب الثقفي، وقريش بن أنس، وغيرهم. قال الفلاس: كان يحيى يحدثنا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ: أَبُو حُنَيْفَةَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ مِثْلَ عَمْرٍو. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَمْرٌو لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: مَا لَقِيتُ أَحَدًا أَزْهَدَ مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَانْتَحَلَ مَا انْتَحَلَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَدْعُو إِلَى الْقَدَرِ فَتَرَكُوهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عمراً يقول: إن كانت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَمَا لِلَّهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يقول: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سَمِعَ الْحَسَنَ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنْ كَانَ سَمِعَ الْحَسَنَ. سُئِلَ عَمْرٌو عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ فيها، وقال: هذا مِنْ رَأْيِ الْحَسَنِ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنِ الحسن خلاف هذا؟ قال: إنما قلت هذا من رأيي الْحَسَنِ يُرِيدُ نَفْسَهُ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ: حدثنا الهيثم بن عبد الله فقيه الجامع، قال: حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَابْنِ عَوْنٍ فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفَ وَقْفَةً فَلَمْ يَرُدُّوا عليه السلام. وقال سليمان بن حرب: حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لِأَيُّوبَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ. قَالَ: كَذَبَ. وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لا جُمْعَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ: مَرَرْتُ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ وحده فقلت: ما لك تركوك؟ فقال: نَهَى ابْنُ عَوْنٍ النَّاسَ عَنَّا فَانْتَهُوا. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: سُئِلَ عَمْرُو عَنْ مَسْأَلَةٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَأَجَابَ، فَقُلْتُ: لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا، قَالَ: وَمَنْ أَصْحَابُكَ لا أَبَا لَكَ؟ قُلْتُ: أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: أُولَئِكَ أَرْجَاسٌ أَنْجَاسٌ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ. رَوَاهَا يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ النَّضْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ عَمْرٌو بِالْبَصْرَةِ يُجَالِسُ الْحَسَنَ مُدَّةً، ثُمَّ أَزَالَهُ وَاصِلٌ عَنْ مَذْهَبِ السُّنَّةِ، فَقَالَ بِالْقَدَرِ، وَدَعَا إِلَيْهِ وَاعْتَزَلَ أَصْحَابَ الْحَسَنِ، وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَإِظْهَارُ زُهْدٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: كَانَ عَمْرٌو نَسَّاجًا، ثُمَّ تَحَوَّلَ شُرْطِيًّا لِلْحَجَّاجِ، يَعْنِي فِي صِبَاهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَجَّ أَيُّوبُ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَطَافَ أَيُّوبُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَخَاصَمَ عَمْرٌو حَتَّى أَصْبَحَ. وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: مَا عَدَدْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ عَاقِلا قَطُّ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي " تَارِيخِهِ ": سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ مِنَ الدهرية، قلت: وما الدَّهْرِيَّةُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَقُولُونَ النَّاسُ مِثْلُ الزَّرْعِ، وَكَانَ يَرَى السَّيْفَ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: لأَنَا لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَرْجَى مِنِّي لعمرو بن عبيد. وأما عبد الرحمن بن مسلم [أبو مسلم] الخراساني، صاحب الدعوة العباسية. يروي عن أبي الزبير وغيره. ليس بأهل أن يحمل عنه شئ، هو شر من الحجاج وأسفك للدماء، كان ذا شأن عجيب،من شاب دخل إلى خراسان ابن تسع عشرة سنة على حمار بإكاف، فما زال بمكره وحزمه وعزمه ينتقل حتى خرج من مرو بعد عشرسنين يقود كتائب / أمثال الجبال، فقلب دولة وأقام دولة، وذلت له رقاب الامم، وحكم في العرب والعجم، وراح تحت سيفه ستمائة ألف أو يزيدون، وقامت به الدولة العباسية، وفي آخر أمره قتله أبو جعفر المنصور سنة سبع وثلاثين ومائة.