كتاب عربي 21

إعلان الحقوق

محمد عمارة
1300x600
1300x600
في السنة العاشرة من الهجرة حج النبي صلى الله عليه وسلم حجته الوحيدة، وفيها خطب الناس "خطبة الوداع".

كان الدين قد اكتمل، وبلغ النبي ما أنزل إليه من ربه، فلما أكمل الرسالة، أحس بدنو الأجل، فخاطب الأمة بالكلمات الجامعة التي ضمتها هذه الخطبة، والتي شملت الكثير من العبارات التي قننت الحقوق المدنية والاجتماعية لأمة الإسلام.

ففيها تحدث عن قرار الشريعة الإسلامية بأخوة المؤمنين "إنما المؤمنون أخوة"، وبالمساواة الإسلامية التي شرعت "الأممية" الإسلامية، منذ ذلك التاريخ البعيد "إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمك عند الله أتقاكم، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى"، فهي "أممية" إنسانية، وليست طبقية ولا عرقية، كالأمميات التي دعت إليها وعرفتها فلسفات وحضارات أخرى.

وفي هذه الخطبة أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم "الإصلاح - الثوري" الذي نسخ كل مظالم الجاهلية "إن ربا الجاهلية موضوع.. وإن دماء الجاهلية موضوعة.. وإن مآثر الجاهلية موضوعة.. وإنما النسئ زيادة في الكفر".

وفوق ذلك، علمنا صلى الله عليه وسلم معنى القدوة وأهميتها، فالإمام إمام في الريادة وتحمل التبعات، يبدأ بنفسه ليصلح بصلاحه الحال العام "وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس، وإن أول دم نبدأ به دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب".

وإذا كانت هناك استثناءات من مآثر الجاهلية، فلا يصح أن تكون من نصيب الإمام، ولا من نصيب رهط الإمام.. "فسدانة الكعبة" - وفيها الشرف والمغنم - لم تعط لأحد من بني هاشم.. أما "سقاية الحجيج" - وفيها الشرف والمغرم- فلقد بقيت كما كانت في الهاشميين!.

وفي هذه الخطبة أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على مساواة النساء للرجال في الحقوق والواجبات.. وأوصى بهن خيرا، بل وبدأ بذكر حقهن على الرجال، لما كن عليه من الضعف بالنسبة للرجال.. فكانت عباراته التي تحدثت عن حق النساء على الرجال وحق الرجال على النساء "العقد الإنساني - الإسلامي" المنظم والحاكم لعلاقات الجنسين أحدهما بالآخر "إن لنسائكم عليكم حقا، ولكم عليهن حق".

وفي هذه الخطبة حدد الرسول صلى الله عليه وسلم أن المعيارالذي تتحاكم إليه الأمة دائما وأبدا، هو "مبادئ كلية تحدد الفلسفات والمقاصد والغايات"، ومن هنا تأتي صلاحية هذا المعيار لكل زمان ومكان.. فخلود الشريعة الحاكمة هو خلود "الثوابت" الذي يعني "المرحلية" و"التغيير" و"التطور" للنظم والاجتهادات "إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه"، فلا جمود عند الماضي.. ولا قطيعة مع هذا الماضي.. وإنما هي الشريعة التي تمثل الشجرة الثابتة.. والتي تخرج منها الفروع والأوراق لتظلل المستجدات.. لتبقى الشريعة واحدة دائما وأبدا.. وليبقى القانون إسلاميا دائما وأبدا.
1
التعليقات (1)
سمير. عبد. الحميد
الجمعة، 18-09-2015 01:53 م
السلام عليكم ورحمة الله. سيدي كم نحتاج الىكم فى هذا. الوقت العصبب الذي يعلو صوت الرويبضة فيه. ثبتكم. الله واعانكم ونفع بكم