قضايا وآراء

طوفان الأقصى.. لا صوت يعلو فوق صوت المقاومة

فاطمة الجبوري
فاجأت المقاومة الإسرائيليين باقتحام الحدود- إكس
فاجأت المقاومة الإسرائيليين باقتحام الحدود- إكس
ها هم مقاومو غزة الذين قبعوا في سجن كبير محاصر من كل جهة لسنوات وسنوات، يحطمون كل الأسوار والأسلاك الشائكة لكي يعودوا إلى ديار وأرض أجدادهم، تلك الأرض التي اغتصبها المحتلون في 1948 ومن ذلك الوقت ظنوا بأنهم في مأمن من أصحاب الأرض الأصليين.

نعم لا صوت يعلو فوق صوت أصحاب الأرض وهم ينتصرون مرة أخرى، ولكن هذا الانتصار له نكهة أخرى وهي أنها أكبر هزيمة تلحق بإسرائيل منذ 1948. ما أظهرته الفيديوهات القادمة من فلسطين صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر يعبر عن معادلة بسيطة للغاية وهي أن المغتصبون لأرض فلسطين يهربون ولا يدافعون، أما أصحاب الأرض فهم يمرغون أنف إسرائيل في التراب ويمزقون الأجزاء الأخيرة من خرافة "إسرائيل التي لا تقهر".

وعلى الرغم من أنّ الصدمة جعلت بعضهم صماً بكماً، إلا أن بعض المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا بواقع الهزيمة التي تعرضوا لها منذ صباح السبت، حيث اعترفوا بأنّ الهزيمة مشابهة لما حدث في حرب أكتوبر 1973. ولكي تكون معلوماتهم أكثر دقة علينا تذكيرهم بأنه بالإضافة إلى الصدمة فإن إسرائيل ودّعت ما كانت تروج له لسنوات حول قدراتها الرادعة، فالمقاومون مزقوا قدرات إسرائيل الدفاعية وسيمنعونها من فرض أي معادلة ردع جديدة، فالمقاومة هي من تفرض قواعد الاشتباك هذه الأيام.

لقد أظهرت معركة القسام جانباً مخفياً من إسرائيل وهو "الفقر الاستخباراتي"، ويبدو بأن المحللين في إسرائيل وخارجها باتوا مقتنعين بأن إسرائيل استفاقت اليوم على هدير الصواريخ والاقتحامات الفلسطينية للمستوطنات، مما أظهر بأنّ جميع المخابرات الإسرائيلية عجزت عن كشف ولو معلومة واحدة عن العملية العسكرية الفلسطينية.

يبدو أنّ الفلسطينيين طوروا أدواتهم الاستخباراتية ولم يسمحوا بأي عملية اختراق، لقد خططت القسام الذراع العسكرية لحركة حماس لهذه العملية لأشهر وحافظت على السرية الاستخباراتية طوال هذه المدة، وهو ما يعد تطورا نوعياً محسوباً للمقاومة ويضرب إسرائيل بمكان قاتل.

أكثر ما يميز عملية "طوفان الأقصى" هو احتكارها لزمام المبادرة، ويبدو أنّ ركن المفاجأة والتخطيط العميق ها ما ساهما في منع الكيان الصهيوني من أخذ استراحة لاستعادة السيطرة. فقد قامت المقاومة الفلسطينية بمفاجأة الكيان الصهيوني في الصباح عبر إطلاق 5 آلاف صاروخ من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الغلاف وخارجها إلى تل أبيب، وبذلك أوهمت حماس سلطات الاحتلال بأن هناك جولة عادية من تبادل إطلاق الصواريخ فقط، بينما كان المقاومون يجتازون جميع التحصينات الإسرائيلية ويصلون إلى مستوطنات الكيان.

لقد سيطر المقاومون على المشهد ومنعوا العدو من التقاط أنفاسه، وعلى الرغم من استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، إلا أن إسرائيل لم تستطع إلى هذه اللحظة تأمين مستوطناتها. لقد كانت استراتيجية التسلل إلى المستوطنات فاعلة للغاية، إذ أن خطة شباب المقاومة كانت اقتحام مجموعة كبيرة من المستوطنات ومن ثم نقل ما يمكن نقله من الرهائن إلى قطاع غزة، وأما من تمت محاصرتهم من مقاومين في هذه المستوطنات، فقد قاموا باحتجاز الرهائن وهذا ما سيوفر لهم خروج آمن من هذه المستوطنات.

التطور الآخر المهم هو عدد الصواريخ التي اخترقت مجال القبة الحديدية، وهذا يظهر قدرة المقاومة الفلسطينية على تطوير برنامجها الصاروخي خلال السنوات الماضية، لقد بلغت قدرة المقاومة قدراً من القوة أوقفت من خلال رشقة من الصواريخ اجتماع الحكومة الإسرائيلية الطارئ وأجبرتها على النزول إلى الملاجئ.

وأما من الناحية السياسية، فقد رسم إسماعيل هنية الخطوط الحمراء المستقبلية التي يجب ألا تتعداها إسرائيل. وأهم هذه الخطوط كانت بأن المسجد الأقصى هو خط أحمر لكل الفلسطينيين وعليه فإن المقاومة مستعدة في كل مرة لشن حرب مشابهة، فالمقاومة بشنّها هذه الحرب فإنها قطعت الطريق على خطط إسرائيلية لفرض سيطرتها الكاملة على المسجد الأقصى. كما شدد هنية على ما يسمى "توحيد الساحات الداخلية" إذ قال إنّ الاعتداء على الضفة الغربية والقدس لن يمر دون رد من حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى.

ونختم بما ذكره هنية من أنّ المعركة الحالية هي بداية معركة التحرير، ولذلك يبدو أنها لن تنتهي خلال ساعات أو أيام وذلك لأن المقاومين نقلوا المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الساحات الأخرى كالقدس والضفة الغربية وحتى لبنان مرشحة للانفجار، مما سيفتح نار جهنم على إسرائيل.

twitter.com/fatimaaljubour
التعليقات (1)