هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يصف المجاهد حسين دالي المعاملة الحسنة التي كان يتلقاها الطلبة المجندون في جيش التحرير الوطني في الولاية الرابعة فيقول: "كنا نحن المتعلمين، نُعامل معاملة خاصّة من المجاهدين، فكان السي سليمان، رحمه الله (مسؤول الناحية)، يأمر أحد الجنود بأن يحملني على ظهره عندما نمر عبر واد، حتى لا أتبلل، ويقول له عني، وآخرين مثلي؛ إنهم إطارات الوطن في المستقبل".
إنّ الإسلام غرس اليقين في أناس لا يملكون شيئا من متاع الدنيا، بأنّهم سينتصرون على آخرين قد ملكوا كلّ متاعها، فاندفعوا إلى المواجهة، تحدوهم الرغبة إلى ملاقاة ربّهم و ما أعد لهم قبل رغبتهم في غلبة عدوّهم.
لا نقبل أن يتحول الاستثناء إلى قاعدة، والقاعدة إلى استثناء، فذلك من أقدس مهمات الباحثين والحريصين على كتابة تاريخ ثورة الجهاد للأولاد والأحفاد... وهناك تصريح آخر لأحد قادة الثورة في شهر أفريل من هذه السنة (1982) في أثناء محاضرة ألقاها في اتحاد الكتاب الجزائريين(*) (وقد كنت من بين الحاضرين).
بعد العرض الموجز لموضوع المحاضرة في الجزء الأول من هذا المقال وأهم نتائجها أدعو القارئ أن يتبين معي الأسباب التي أدت إلى "الانتقاص الخطير" كما قرأنا في التعليق على المحاضرة في جريدة "المجاهد"..
إن لكل مذهب من المذاهب الفلسفية منطلقات، وحججا معتبرة لا يمكن دحضها بسهولة، ومن ثمة تكون المسألة في الإيمان بالحقائق الميتافيزيقية مسألة استدلال واقتناع، أكثر مما هي مسألة إقناع، والعقول درجات وأنواع، ولكل طرف حججه المقنعة له على الأقل!!
الحقيقة أن الدين بمبادئه واحد وثابت، وأما الذي يتغير فهم الأشخاص الذين تختلف كيفية فهمهم للدين واجتهادهم فيه، من حالة الحرب إلى حالة السلم ومن الثورة التحريرية إلى الثورة الاقتصادية والثقافية، واسترجاع مقومات الهوية الوطنية، بعد أوراق الجنسية،
هكذا وجد الإنسان نفسه أمام فيزياء واحدة وكيمياء واحدة، ورياضة واحدة، وفلسفات وعقائد متعددة ومتناقضة؛ لأن الأولى تتعامل مع المادة وحدها، والثانية تتمحور حول الإنسان المعقد ذي الأبعاد، التي تتجاوز بحكم تكوينه الثنائي حدود المادة، وتخترق حجب الفيزيقا إلى ما وراءها المعبر عنها فلسفيا بالميتافيزيقا!
من الشهادات التي تؤكد مساندة الأشقاء للثورة الجزائرية ما أورده الأستاذ محمد صالح الصديق المسؤول المكلف بالإعلام أثناء الثورة الجزائرية بطرابلس في كتابه "دور الشعب الليبي الشقيق في جهاد الجزائر"، حيث يقول: "إن أسبوع الجزائر في ليبيا، وبصفة خاصة في طرابلس، أقل ما يقال عنه أنه رائع وفريد من نوعه تتجلى فيه روح التضامن الليبي مع الجزائر قوية وثابتة، وفي وعي عميق..
يمكن القول، وبدون أية مبالغة بأنه لم يتحقق نصر للعرب والمسلمين منذ النصر التاريخي الباهر الذي حققه الناصر صلاح الدين كنصر الجزائر في القرن العشرين.. فكذلك يمكن القول أيضا أنه لم يجمع أفراد هذه الأمة على عدالة قضية ودعم جهاد ثورة ونصر شعب شقيق بإخلاص نادر المثال في العطاء والتضحية بالمال والرجال والأقوال والأفعال مثلمـا وقف الأشقاء مع الشعب الجزائري طوال سنوات ثورته المجيدة من بدايتها إلى نهايتها المشرفة له ولها..
يروي الضابط مراد كريمي بطولات نادرة للشعب الجزائري مع الثورة فيقول: "كان الجميع يدعوه بعبد القادر التيارتي، وغالب الظن أنّ ذلك يرجع لكونه قدم المنطقة من نواحي مدينة تيارت فلصق به هذا اللقب، وأعتقد أن لا أحد فكّر يوما أن يسأل عن لقبه الحقيقي.