سياسة عربية

هل تعود زيارة ملايين الشيعة لـ"المراقد" بالفائدة على العراق؟

العراق يأخذ 40 دولارا من الفرد الأجنبي مقابل الدخول في مواسم الزيارة الدينية- أرشيفية
العراق يأخذ 40 دولارا من الفرد الأجنبي مقابل الدخول في مواسم الزيارة الدينية- أرشيفية
شهدت محافظة كربلاء العراقية، الأسبوع الحالي توافد ملايين الزائرين لتأدية "زيارة أربعينية الإمام الحسين"، حيث وصل أعداد الزوار الأجانب إلى ثلاثة ملايين زائر أغلبهم من الإيرانيين، حسبما أعلن محافظ كربلاء عقيل الطريحي.

وكان المتحدث باسم لجنة الأربعين المركزية في إيران حميد رضا كودرزي، قال في تصريح لوكالة "فارس" الإيرانية إن مليونا و400 ألف زائر قد عادوا إلى إيران بعد المشاركة في مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين في كربلاء.

ويثير توافد هذه الأعداد الكبيرة إلى العراق، التساؤل حول العائدات الاقتصادية التي يجنيها البلد من خلال استقباله للزائرين في مواسم مختلفة، في ظل تراجع أسعار النفط المورد الأساس لميزانية للبلد، وإعلان الحكومة حالة التقشف.

وقالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار نورة البجاري في حديث لـ"عربي21"، إن العراق "يعاني مشكلة حقيقية منذ عام 2003 وحتى الآن، تتمثل باعتماده على الموارد الريعية للنفط، ولا وجود لاستثمار حقيقي للزيارات الدينية، في ظل الاستراتيجية الحكومية الخاطئة".

وقارنت البجاري بين العائدات الضخمة التي تتلقاها المملكة العربية السعودية وتعود بالنفع عليها، وبين قلة العائدات التي يجنيها العراق من الزيارات الدينية في مواسم عدة بمدن عراقية.

وعزت أسباب ذلك إلى قلة الرسوم المالية التي يفرضها العراق على الزائرين الأجانب، على عكس ما هو معمول به في باقي الدول، حيث تقدم الخدمات بالمجان، فضلا عن عدم فتح باب استثمار الفنادق والاهتمام بها لاستيعاب تلك الحشود.

ولفتت البجاري إلى أن "استثمار الزيارات الدينية بالشكل الصحيح، سيعود بالضرورة بالنفع على البلد وذلك من خلال استقطاب العملة الصعبة وجلب الاستثمار، لأن الزائر يستمر مدة تصل إلى 15 يوميا داخل العراق".

"عبء دون فائدة"

وفي الوقت الذي يعاني فيه العراق من وضع اقتصادي مترد، فإن استقباله لملايين الزوار وتقديم الخدمات بالمجان لهم، وغياب استراتيجية تنشيط السياحة الدينية، قد يشكل عبئا على الدولة مقابل المردود المالي الضعيف، على حد قول البجاري.

وتساءلت البجاري عن أسباب عدم اهتمام الحكومة العراقية بتنشيط السياحة الدينية (الخاصة بالمزارات الشيعية) ولا سيما أنها تقع في مناطق وسط وجوب العراق التي تتمتع باستقرار أمني، رغم كل المقترحات التي قدمت لها من اللجان النيابية.

لكنها عزت الأسباب إلى وجود الفاسدين في مفاصل مهمة في الدولة، وعدم محاسبتهم، إضافة إلى عدم وجود خبراء اقتصاديين يضعون استراتيجية لتنشيط هذا القطاع المهم، مشيرة إلى أن الزيارة تمارس فيها الشعائر الدينية دون وجود للاستثمار.

ويتفق مع هذا الطرح عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري عواد العوادي، بقوله إن العراق لا يمتلك خطة حقيقية منذ عام 2003 وحتى الآن لاستثمار موارده السياحية، بسبب من أسماهم "الفاسدين".

واتهم العوادي، رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، في حديث لـ"عربي21"، بتبديد الثروة النفطية طيلة فترة حكمه وعم استثمارها في مشاريع تخدم البلد، مشيرا إلى أن المواطن العراقي بدأ يؤلب على الحكومة للاستفادة من عائدات المزارات.

ولم يستبعد النائب عن التيار الصدر وجود التعمد في فترة حكم المالكي بإهمال تنشيط قطاع السياحة الدينية، تحت شماعة الإرهاب والوضع الأمني في البلد.

وعلى الرغم من أن العراق يستفيد 40 دولارا من دخول الفرد الأجنبي إلى أراضيه لتأدية الزيارة الدينية، فإنها في المقابل تعتبر قليلة إذا ما قارناها بما يدفعه العراقي إذا ذهب إلى الحج والعمرة في السعودية، أو زيارة المراقد الدينية في إيران، وفقا للعوادي. 

وطالب العوادي، البرلمان العراقي بأن يضع الحكومة على المحك في إنجاز مشاريع تنشط السياحة الدينية، خلال فترة زمنية محددة، تضمن إنجازها، وعدم الاستمرار على اعتماد النفط كمورد للبلد.

وأشار إلى أن الخدمات التي تقدم لملايين الزائرين هي بجهد شعبي لا علاقة للحكومة به، من حيث توفير الطعام والمبيت، وأن التنسيق مع الحكومة يكون فقط في الجانب الأمني، مستبعدا أن يلقي الاستنفار الأمني لتنظيم الزيارة بثقله ،ماديا وأمنيا على العراق.

ولم تذكر إدارة محافظة كربلاء، إحصائية علمية تعتمد على الأرقام بشأن أعداد الزائرين خلال مراسيم "الأربعينية"، لكنها وبحسب تصريح للمحافظ عقيل الطريحي، استقبلت ثلاثة ملايين زائر أجنبي أغلبهم من الإيرانيين. 
التعليقات (0)