صحافة دولية

لوموند: أصحاب الفتاوى يخطفون الأضواء في مصر

لوموند: فيلم مولانا ساعد الحكومة في تحقيق أحد أهدافها المتمثلة في إعادة صياغة نظام الفتاوى بمصر- تويتر
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا عن انتشار ونجاح الأفلام المصرية التي تتحدث عن دور "الداعية" في المجتمع المصري، وعن تحولها إلى أداة تتحكم فيها وسائل الإعلام المصرية، التي أصبحت تروج لهؤلاء "الدعاة" بكثافة على القنوات، ليكونوا "أبواقا دينية" تابعة للنظام العسكري الحاكم في مصر.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تحديد العلاقات المحرمة بالنسبة للسلطة والدين والإعلام؛ ليس بالأمر السهل خلال هذه الفترة في مصر، "وعلى الرغم من ذلك؛ فإن الفيلم الروائي الأخير (مولانا) الذي صدر في أوائل شهر كانون الثاني/ يناير، قد حقق نجاحا باهرا في دور السينما المصرية".

وأضافت أن هذا الفيلم "الذي واجه انتقادات الأصوليين" يروي قصة "صعود منشط برامج تلفزيونية، وهو شاب يتمتع بكاريزما يعتبر من أحد مؤيدي القراءة الحديثة للقرآن الكريم. ولم تتوقف سمعة وهالة هذا الداعية عن الانتشار؛ إلى درجة أن نجل الرئيس قرر تكليفه بمهمة حساسة للغاية؛ ألا وهي توجيه أحد أفراد عائلته إلى الطريق الصحيح، بعد أن حاول اعتناق الديانة المسيحية".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفيلم من إخراج المخرج مجدي أحمد علي، ومقتبس من رواية "اللفظ المتجانس" لإبراهيم عيسى؛ الاسم الشهير في المشهد الإعلامي في القاهرة، "والمعروف بنقده للصناعة المزدهرة للفتاوى؛ المسؤولة عن تصنيف الحلال والحرام" على حد تعبيرها.
 
وبينت أن ظاهرة الفتاوى دليل على عملية إعادة "أسلمة" المجتمع المصري المتسارعة خلال السنوات الـ30 الماضية، "ففي بداية الأمر؛ كانت الأشرطة والبرامج الحوارية هي التي تدعم ظاهرة انتشار الفتاوى، أما اليوم فهي تنتشر بكثرة على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي".
 
وأوضحت الصحيفة أنه مثل بطل "مولانا"؛ فإن "مئات الشيوخ في مصر ليس لهم سيرة ذاتية مرموقة، إلا أنهم يتقاضون أجورا عالية بفضل الفتاوى التي يقدمونها في البرامج التلفزيونية والمواقع المختصة على شبكة الإنترنت".

وأفادت الصحيفة بأنه "في هذا الفيلم؛ يسخر الداعية من آراء بعض المتدينين، وذلك في إشارة واضحة إلى القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، الرئيس المنتخب في سنة 2012، والذي انقلب عليه الجيش في 2013".

وأوضحت أن فيلم "مولانا" أثار غضب العديد من رجال الدين والتيار السلفي، بالإضافة إلى بعض العلماء من جامعة الأزهر وجامعات السوربون. وقد صرح عضو البرلمان، شكري الجندي، بأن "الأعمال الفنية التي تعالج المسائل الدينية ينبغي أن تناقش من قبل المؤسسات الدينية قبل أن تعرض في دور السينما". وطالب الإمام منصور مندور، أحد كبار وزارة الشؤون الدينية، بأن يتم إزالة الفيلم من الشاشات التلفزيونية "قبل أن يتسبب في كارثة".
 
وبينت الصحيفة أن هذا الفيلم واجه انتقادات إعلامية، بسبب عدم تطرقه لتجريم الإسلاميين خلال رئاسة عبد الفتاح السيسي، المسؤول عن الانقلاب على الرئيس السابق محمد مرسي، والذي يعتبر الإخوان المسلمين العدو رقم واحد للبلاد.
 
وأشارت إلى أن مخرج الفيلم "كان حريصا على الحديث في عمله عن الممارسات خلال فترة ما قبل الثورة. وفي المقابل؛ تحدث أيضا عن تلاعب القادة السياسيين برجال الدين الأصوليين، ومساهمتهم في صعودهم بطريقة غير مباشرة، في الوقت الذي يعملون فيه على قمعهم".

ونقلت الصحيفة تصريحات الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، الذي جاء فيها أن "الدين والسلطة والمال تشكل المثلث المميت المسؤول عن تراجع مستوانا الفكري والسياسي والاجتماعي" على حد تعبيره.
 
وأضافت الصحيفة أن أحداث الفيلم تحدثت عن شاب متطرف فجر قنبلة في كنيسة، في إشارة إلى الهجوم الذي استهدف الكنيسة القبطية في الإسكندرية في كانون الثاني/ يناير 2011، لافتة إلى أنه "بمحض الصدفة؛ قام انتحاري ينتمي إلى تنظيم الدولة بتفجير نفسه في كنيسة بالقاهرة، ما أسفر عن مقتل 25 شخصا، وذلك بعد العرض الأول لفيلم مولانا في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2016".

وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن هذا الفيلم تمكن من الحصول على تأشيرة البث، على الرغم من الرقابة المفروضة عليه، مشيرة إلى أن الحكومة أدركت أنه على الرغم من جرأة هذا الفيلم؛ إلا أنه ساعدها في تحقيق أحد أهدافها المتمثلة في إعادة صياغة نظام الفتاوى بمصر".