ملفات وتقارير

لماذا أجلت القاهرة التصويت على قرار الاستيطان بمجلس الأمن؟

مصر طلبت بشكل مفاجئ تأجيل التصويت على قرار ضد الاستيطان قدمته لمجلس الأمن-أرشيفية
لم يمض على تقديم مصر لقرارها في مجلس الأمن ضد الاستيطان 24 ساعة حتى بادرت لتأجيل التصويت عليه؛ الأمر الذي فتح باب التساؤل واسعا حول طبيعة الضغوط التي تعرضت لها القاهرة ودفعتها لطلب التأجيل بصورة مفاجئة.

ولم يستبعد الكاتب والمحلل السياسي ماجد عزام تعرض النظام المصري للضغوط من أجل تجميد التصويت على القرار، مشيرا إلى أن النظام المصري الذي تتعرض شرعيته في الداخل للتآكل يحاول الحصول على مكسب ما من الخارج لتعويض إخفاقاته.

تلافي الإحراج

وقال عزام في حديث لـ"عربي21": "النظام المصري يؤمن أن الطريق إلى الكونغرس تمر بتل أبيب؛ وتأجيل القرار ما من شك أنه أتى بضغوط أمريكية إسرائيلية لأن إدارة أوباما تريد تلافي الإحراج في استخدام حق النقد الفيتو لصالح إسرائيل".

وأشار الكاتب إلى أنه لا يستبعد أن القرار قدم لمجلس الأمن لأجل سحبه كنوع من التكتيك السياسي في مناورة من النظام المصري لتحقيق مكاسب؛ "فمصر لا تريد تقديم أي مكسب سياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بسبب خلافه مع القيادة المصرية".

وقال المحلل السياسي: "لا يمكن أن نثق بهذا النظام الذي يجوع شعبه ويهين شعبه ولا يمكن أن يقدم أي مكاسب أو يتعامل باستقامة ونزاهة مع القضية الفلسطينية".

ولفت عزام إلى أن القرار كان مهما بالنسبة للفلسطينيين رغم أنه يتماشى بالحد الأدنى مع المواقف الغربية والأمريكية التي ترفض الاستيطان وتعتبره غير شرعي ويقف عائقا أمام تحقيق حل الدولتين والقرار يجرم الاستيطان.

التحول المفاجئ

وأشار إلى أن هذا القرار يؤثر سلبا على العلاقة المصرية الإسرائيلية، فاللوبي الصهيوني هو الذي تحرك في الكونغرس لمنع شيطنة الناظم المصري بل ودعمه وتسويقه دوليا بعد إفشاله المسار الديمقراطي في مصر؛ لذلك النظام المصري عمد إلى تأجيل التصويت على القرار.

من ناحيتها كشف موقع صحيفة "هآرتس" مساء اليوم النقاب عن أن التحول المفاجئ في موقف مصر، قد جاء بعد أن مارس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا مكثفة على السيسي، الذي استجاب لطلبه.

وقال المعلق السياسي للصحيفة باراك رفيد، أن نتنياهو شرع في حملة اتصالات مع السيسي طوال الليلة الماضية وصباح اليوم وأقنعه بالإيعاز لممثله في مجلس الأمن بتأجيل التصويت لأجل غير مسمى، مع العلم أن مصر هي من قدمت مشروع القرار وحددت موعد التصويت عليه.

الفيتو

وفي وقت سابق، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون للإذاعة الإسرائيلية: "خلال بضع ساعات سنعرف الرد من أصدقائنا الأمريكيين"، مضيفا أنه يأمل بشدة أن يكون نفس الرد الذي قامت به السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس عندما استخدمت الفيتو عام 2011 ضد مشروع قرار مماثل.

واستبق نتنياهو التصويت بتغريدة كتبها على "تويتر"، وقال فيها إن الولايات المتحدة "يجب أن تستخدم الفيتو مع القرار المناهض لإسرائيل".

وبعد بضع ساعات من مناشدة نتنياهو، جاءت تغريدة من ترمب تقول إنه "يجب استخدام حق النقض" ضد القرار، وأضاف أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة وليس عبر فرض شروط من قبل الأمم المتحدة.

ويطالب مشروع القرار إسرائيل بوقف فوري وتام لكل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ويعتبر أن هذه المستوطنات غير الشرعية في نظر القانون الدولي "تعرض حل الدولتين للخطر".