ملفات وتقارير

أكبر منجم فضة بأفريقيا يصنع الفقر والتلوث بالمغرب (شاهد)

مسيرة إميضر التي أوقفتها القوات العمومية ـ أرشيفية
عاد المئات من سكان منطقة "إميضر"، نواحي تنغير (أقصى الجنوب الشرقي للمغرب) الغنية بالمعادن النفيسة، إلى الاحتجاج مجددا، رفضا للظروف المعيشية القاسية التي يعانون منها، طلبا لاستفادة المنطقة من عائدات المناجم المنتشرة في المنطقة.

وخرج السكان المحتجون صوب منجم الفضة بالمنطقة في مسيرة احتجاجية مشيا على الأقدام، بدعوة من "حركة على درب 96" بجماعة "إميضر" الأحد 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، كشكل نضالي واختتامي للأنشطة المتنوعة التي أطرتها الحركة بالموازاة مع مؤتمر المناخ (COP22)، قبل أن يتدخل قوات الأمن.

مسيرة ممنوعة

 ورفع المحتجون شعارات من قبيل "نريد حقنا في الثروة في الصحة، في التعليم، في الشغل"، "إميضر يستغيث"، و"مناجم كفاك نهبا لثرواتنا وتلويثا لبيئتنا"، معلنين استمرارهم في المعركة وعزمهم مواصلة الاعتصام إلى أن تحقق مطالبهم، قبل أن يتفاجأوا بتدخل السلطات لمنعهم من الوصول إلى منجم الفضة.

وعلى غير العادة فقد قامت القوات العمومية المكونة من "القوات المساعدة" وعناصر "التدخل السريع" من منع المحتجين من إكمال طريقهم نحو مركز المنجم.

                                             

مسيرة الأحد كانت آخر شكل احتجاجي عبرت به ساكنة المنطقة احتجاجا على ما تعانيه، فالمسيرات الاحتجاجية أصبحت أمرا روتينيا تعود عليه المحتجون المعتصمون منذ شهر آب/أغسطس من سنة 2011 فوق جبل "ألبان".

ويطالب أبناء المنطقة بضمان الحقوق الاجتماعية، والاقتصادية والبيئية لساكنة "إميضر" التي يوجد على أرضها أكبر منجم لاستخراج الفضة في إفريقيا.

هذه مطالبنا

قال محمد تاوجا المسؤول بخلية إعلام "حركة على درب 96" التي تؤطر المسيرات الاحتجاجية لساكنة "إميضر"، إن "الحركة كانت تفاعلا مع "كوب 22"، وقيام شركة (مناجم) التي تدير مناجم المنطقة بالإشراف على مؤتمر المناخ، فيما يمكن اعتباره تدليسا كبيرا".  

وتابع "تاوجا" في تصريح لـ"عربي21": "احتجاجاتنا بالأساس كان رفضا لما تقوم به الشركة المستغلة لمنجم الفضة من تلويث وتخريب للبيئة".

وسجل "أن الشركة ذاتها تعتبر شريكا مهما في مؤتمر المناخ بمراكش وتسوق للكذب في الندوات المقامة على هامش المؤتمر الدولي (COP22)".

وتابع أن "الاعتصام مستمر وأنه لا بوادر تلوح في الأفق لحل المشكل ورفع الاعتصام الذي وصل عامه الخامس في ظل تعنت الشركة وعدم رضوخها للمطالب المشروعة للساكنة؛ من وقف لتلويث واستنزاف الفرشة المائية واستغلال للمقالع، وتوفير فرص الشغل لشباب المنطقة".

وشدد على أن تضييق السلطة كان هذه المرة كبيرا، حيث بلغ الاستفزاز مستوى غير مسبوق، إذ كان التهديد مباشرا من طرف رجال السلطة، توازيا مع المنع من الاقتراب من المناجم.

وزاد أن "وزارة الداخلية تحاول ثني المنظمات الحقوقية الدولية من تناول ملف معتصمي جبل (ألبان) بذريعة أن المشكل قد تم حله وأن من يقومون بالاحتجاجات ليسوا إلا أٌقلية".

وتحدث تاوجا عن معتقلي الاحتجاجات، قائلا إن "الاعتقالات طالت 30 مناضلا من (حركة على درب 96) منذ بداية الاعتصام صيف 2011، تم الإفراج على أغلبيتهم بعد قضاء مدة محكوميتهم في حين ينتظر الإفراج على 4 مناضلين مطلع العام القادم".

وتابع أن "المعتقلين يواجهون بشكايات من شركة (مناجم إميضر) أو من أشخاص لهم مصالح مشتركة مع الشركة، يتم اتهامهم فيها بقطع الطريق الوطنية رقم 10 أو عرقلة عمل منجم الفضة بقطع الماء عليه وتكوين عصابات إجرامية لسرق الفضة..".

                                             

إميضر أطول احتجاج

تفجرت انتفاضة إميضر 26 كانون الثاني/يناير 1996 حيث خرجت الساكنة رجالا ونساء وأطفالا للتنديد بالأوضاع المزرية والمفارقة، ضد الإقصاء والتهميش واستنزاف ثرواتهم، ليدخلوا بذلك في اعتصام مفتوح أمام مقر إدارة شركة معادن إميضر وبشكل سلمي، فهذه الشركة تستغل مساحة تفوق المساحة المكرية بكثير بحيث أن عقد الكراء يحدد لها حق استغلال 25 هكتارا فقط، وتحديا منها لجميع القوانين والأعراف الدولية تجاوزت المساحة المستغلة لتصل إلى عشرات الهكتارات على حساب الأراضي الزراعية والرعوية دون أي تعويض يذكر.

المنجم الذي شرع في استغلاله منذ 1969، تقول حركة "على درب 96" في تقرير لها، إنه تملكه حاليا "شركة معادن إميضر" (SMI) التابعة لمجموعة "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي"SNI" الشركة الوطنية للاستثمار.

وتقول الحركة إن المنطقة بالرغم من توفرها على "ثروات معدنية هائلة فإنها تعاني من انعدام أبسط البنيات التحتية والمرافق العمومية الحيوية، كما تعاني من تفاقم نسبة البطالة، وهذا راجع بالأساس إلى إقصاء أبناء الجماعة من العمل بالمنجم، إضافة إلى أن الشركة تقوم باستغلال مياه المنطقة خارج إطار القانون، مما يؤثر بشكل كبير على الفلاحة النشاط الأساسي للساكنة ونقص حاد في المياه الشروب بدواوير الجماعة".

وسجلت أن "الجماعة القروية إميضر بإقليم تنغير، يزيد عدد سكانها على 4000 نسمة، تتكون الجماعة من سبعة دواوير وهي (آيت امحند، آيت براهيم، آيت إيغير، إنونيزم، تابولخيرت وإيكيس) تعتبر الفلاحة ورعي الماشية الأنشطة الأساسية للساكنة، كما يقع أكبر منجم لاستخراج الفضة على أراضي الجماعة السلالية التابعة لجماعة إميضر".

وتابعت الوثيقة: "هذا المنجم يتوسط أراضي جماعة إميضر وتتسرب من معمله مواد كيماوية سامة أهمها مادتي السيانور (السيانيد) والميركور (الزئبق) الخطيرة على الإنسان والأرض والبيئة بشكل عام".

ويزيد من خطورة الوضع أن الشركة غير مصنفة بيئيا، ولا تتوفر على "دراسة التأثير"، هذا ما يزيد تأثير هذه المواد سلبا ويشكل تهديدا مستمرا للإنسان المحلي وتربية الماشية حيث تنفق قطعان الماشية بعد شربها للماء الملوث الذي يتسرب من المنجم.

إضافة إلى أن الشركة وبمباركة من السلطات المحلية كلما أرادت الزيادة في اليد العاملة لا تعير اهتماما للعاطلين المحليين وتستدعي غيرهم، بل أكثر من ذلك فقد سنت لنفسها وبتنسيق مع النقابتين (CDT + UMT)  والسلطات المحلية وكذلك مصالح المناجم قانونا تجعل من الشغل حقا وراثيا بحيث ينص البند السادس من الاتفاقية الجماعية المبرمة سنة 1987 بين هذه الأطراف على أنه (في حالة وجود مناصب شغل شاغرة تعطى الأولوية لأبناء العمال)، وهذا خرق للقانون الشغل ومبدأ تكافؤ الفرض وإقصاء لليد العاملة المحلية.