اقتصاد عربي

حكومة السيسي عاجزة عن دفع رواتب بعثاتها الدبلوماسية

انهيار اقتصادي غير مسبوق في مصر - أرشيفية
كشف صحفي مصري موال لسلطات الانقلاب العسكري عن عجز حكومة عبد الفتاح السيسي عن توفير رواتب الموظفين الحكوميين، بينها وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية، وأكد أن هناك هيئات حكومية غنية أصبحت عاجزة هي الأخرى عن توفير الرواتب لآلاف العاملين لديها.

وتزامن الحديث عن العجز المالي لحكومة الانقلاب مع الكشف عن 1102 واقعة فساد في مؤسسات الدولة، بواقع ثلاث وقائع فساد يوميا، في 28 وزارة في حكومة شريف إسماعيل الحالية، وتورط بها وزراء ومسؤولون كبار، كان آخرهم وزير التموين خالد حنفي، الذي استقال بعد فضيحة فساد منظومة القمح والتموين.

لكن اللافت في ملف عجز حكومة الانقلاب عن دفع الرواتب أن هذا الحديث جاء على لسان عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشروق" الداعمة للسيسي ونظامه.

الأزمة تصل الرواتب

وكان حسين قال في مقال له الأحد الماضي، نشرته صحيفة الشروق، إن "من المعلومات شبه المؤكدة أن الحكومة بدأت تواجه مشكلات حقيقية في تدبير مرتبات بعض الهيئات؛ بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة".

وتعاني مصر في عهد الانقلاب من أزمة اقتصادية مالية كبيرة، في ضوء تراجع إيرادات السياحة وقناة السويس، وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي، وزيادة الواردات مقابل الصادرات، وذلك على الرغم من مساعدات بلغت ما يقرب من 35 مليار دولار، كمنح وهبات وقروض من دول الخليج، بينها مليارا دولار الشهر قبل الماضي من السعودية.

البعثات الدبلوماسية

وذكر حسين أن "الجميع يعرف أن هناك مشكلة نقد أجنبي كبيرة في مصر، لكن الجديد أن هناك مشكلات في تدبير بعض العملات الصعبة للاحتياجات الدبلوماسية الخارجية".

وتابع: "كانت هناك مشكلة أيضا في تدبير دولارات للبعثة المصرية التي سافرت إلى دورة الألعاب الأوليمبية في ريو دي جانيرو بالبرازيل الشهر الماضي، وبعض وسائل الإعلام الكبرى قلصت سفر بعض صحفييها وإعلامييها؛ لأنها لم تكن قادرة على تدبير هذه المبالغ لهم في تغطية الدورة".

أزمة في الخارجية

وكانت بعض المواقع المصرية المعارضة للانقلاب نشرت رسالة من وزارة الخارجية إلى جميع البعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج، تفيد بتأجيل صرف مرتب الشهر الماضي لجميع العاملين في البعثات، "في ضوء عدم ورود اعتماد المرتبات".

ونقل موقع "مدى مصر" في 23 آب/ أغسطس الماضي، عن مصدر في الخارجية، أن الوزارة تدرس تعديل آلية صرف مرتبات الدبلوماسيين والعاملين بالبعثات المصرية بالخارج، وفي حال إقراره سيتم اقتطاع نصف المرتب وحجزه في مصر على أن يتم دفعه بالجنيه المصري بعد العودة النهائية لعضو البعثة.



تغول الدولار على الجنيه

وتعيش مصر منذ منتصف 2015 أزمة نقص المعروض من النقد الأجنبي. وتواجه حكومة الانقلاب شحا كبيرا في توفير احتياجات السوق من العملات الأجنبية لاستيراد السلع والخدمات، ما أثر بشكل كبير على سعر الجنيه المصري الذي انحدرت قيمته، ووصل سعره مقابل الدولار مستويات قياسية (13 جنيها) في السوق السوداء.

ولاحتواء أزمة نقص الدولار وضبط الأوضاع المالية والنقدية، نجحت سلطات الانقلاب 11 اَب/ أغسطس في الحصول على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي بمنح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، فيما اشترط الصندوق التزامات بإصلاحات، منها خفض دعم المواد النفطية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وغيرها من إجراءات التقشف.

أزمة الهيئات العامة

وفي إشارة إلى الهيئة العامة للبترول، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، وشركة مصر للطيران، قال عماد الدين حسين: "سمعت معلومة لم أتأكد منها -خلاصتها أن بعض الهيئات المعروف عنها الغنى، وكانت مقصدا ومطمعا لكل الخريجين- دبرت مرتبات موظفيها في الفترة الأخيرة بطلوع الروح"، فيما حذر حسين من خطوة قد تتخذها الحكومة لتخفيض رواتب آلاف العاملين المكدسين بتلك الهيئات بفعل الواسطة والبيروقراطية التي كانت سائدة منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

علاج العجز بالاستدانة

وفي المقابل، طرح البنك المركزي المصري، الاثنين، سندات خزانة بقيمة إجمالية تبلغ 1.750 مليار جنيه، لتمويل عجز الموازنة العامة، الذي بلغ 300 مليار جنيه، والذي يتم تمويله عن طريق طرح البنك المركزي أذونات وسندات خزانة، وعن طريق المساعدات والمنح من الدول العربية والقروض الدولية، وهو ما يعني مزيدا من الدين الذي سيرهق الأجيال القادمة ويغرقها في دوامة الديون وفوائدها، فيما بلغ حجم الدين المحلي 2.4 تريليون جنيه بنهاية آذار/ مارس الماضي، طبقا لأحدث بيانات البنك المركزي.

83 ألف مستشار

وفي مصر 5.6 مليون موظف حكومي، ولكن الأزمة تكمن في رواتب المسؤولين الكبار. وطالب البرلماني أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، بالكشف عن مرتبات رئيس الوزراء والوزراء، كما طالبت النائبة شادية ثابت، عضو ائتلاف مصر، بالكشف عن رواتب المحافظين والمستشارين والمساعدين بالهيئات الحكومة، في ظل ما تمر به البلاد، من تدهور الاقتصاد وارتفاع عجز الموازنة والدين المحلي والأجنبي.

وخلال 2016، ارتفع عدد المستشارين في الوزارات والهيئات الحكومية إلى أكثر من 83 ألف مستشار، يتقاضون شهريا نحو ملياري جنيه، على شكل رواتب ومنح وحوافز، وذلك وفق تقرير أصدره "المركز المصري للدراسات الاقتصادية".

وأشار التقرير، المنشور نهاية تموز/ يوليو الماضي، إلى أن المستشارين يتمركزون في وزارات المالية (500 مستشار)، والبترول، والصحة، والسياحة، والتضامن الاجتماعي، والتخطيط، والعدل، والتموين، والتعليم، والتعاون الدولي، كما يوجدون بالهيئات الاقتصادية، وقطاع البنوك، والجامعات، والمحافظات.

المستشارون العسكريون

وأكد التقرير أن كثيرا من هؤلاء المستشارين والخبراء بلغوا سن الشيخوخة، وتجاوزت أعمارهم 75 عاما، ولم يقدموا جديدا للنهوض بالدولة، وأن ما يتقاضونه من رواتب ومنح يكفي لحل مشكلات البطالة، وتشغيل الشركات والمصانع المعطلة.

وأشار إلى أن "الكثير من القادة العسكريين، سواء من الجيش أو الشرطة، أصبح لهم دور كبير داخل تلك المصالح الحكومية والبنوك تحت مسمى مستشار، رغم أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالعمل الجديد، خاصة قطاع البنوك"، وفق التقرير.