كتاب عربي 21

الأقلام الشيطانِيّة والبقلاوة الإرهابيّة

1300x600
يصطف عشرات الكتبة في طوابير تنتهي عند عتبة مشغّلهم، في الورشة الإعلامية المتخصصة بشيطنة كل من يرفض في لبنان الحرب على الشعب السوري، طالبين الرضوان، كما الحلوان الذي يستجرّ نقصه الناجم عن الأزمات المالية زيادة في النفاق والبطش بالمنطق، علّ رذاذ ما يصِل من طليعة الموزانات يكون من نصيب حلاقمهم وأصابعهم. وكلما تأخّر موعد الدّفعة الشهرية؛ ازداد الآكلون بأقلامهم من لحوم الضحايا رقصا على جثث الأبرياء.

فُكَّ الحصار عن نحو نصف مليون آدمي في حلب، بغض النظر عمّن حاصر وعمّن كَسَر، فابتهجت المدن العربية، وبينها طرابلس اللبنانية، وتم التعبير عن ذلك بفعاليات عفوية شملت توزيع البقلاوة على المارة في شوارع المدينة. وتقدّم موكبَ الحلوى إمامَا مسجدَي التقوى والسلام اللذَين فجّرتهما الجهات نفسها التي تحاصر حلب في آب/ أغسطس عام 2013، ما خلف خمسين شهيدا بين المصلين، وأكثر من ثمانمئة جريح.

مع انتشار الصّوَر الاحتفالية، انبرى أكثر من موقع إخباري أو استخباري لاستعادة مسلسل شيطنة طرابلس، ووصمِها بالتطرف على خلفية "البقلاوة الإرهابية" هذه المرة، علما أن النظام السوري نفسه يدّعي أن الحلبيّين الذين كان يحاصرهم بحجة محاصرة الجماعات المسلحة، هم بمعظمهم مؤيدون للرئيس الأسد، وبالتالي فإن فتحَ ممرات الخبز والدواء إليهم لا يجب أن يغيظ الشياطين كما بدا على صفحاتهم.

وعن صفحاتهم غابت في اليوم نفسه أخبار حصار آخر ما زال النظام العسكري اللبناني السوري المشترك (حزب الله وجيش الأسد) يضربه حول بلدة "مضايا" السورية، رغم تصدّر قصة معاناة الطفلة "غنى قويدر" عناوين الأخبار الإنسانية. "غنى" الإرهابية ذات السنوات التسع أصيبت مؤخّرا برصاص قناص من حاجز لقوى الممانعة عند تخوم "مضايا"، ما يستدعي علاجا جراحيا عاجلا، لا تستطيع الطبابة المتواضعة في البلدة المحاصرة تقديمه، مع انعدام وجود الأدوية والمسكنات والتجهيزات الطبية، وترفض الجهات المحاصِرة بإصرار خروجَ هذه الطفلة للعلاج.

يقول بابا الفاتيكان فرنسيس: "إن القتل يمكن أن يتم بواسطة اللسان تماما كما بواسطة السكّين"، وبالطبع فإن ما يقوله اللسان القاتل يمكن أن تكتبه الأقلام الجانية، التي تذهب قبل الجيوش والعصابات إلى القرى لمحاصرتها، تكذب لا ليصدقها الناس؛ بل لِتُغيرَ على المستضعَفين الواقعين ضمن حدود الدويلات الجديدة في طلعات استباقية.

التهمة جاهزة للاستباحة الشاملة.. داعش، نصرة، قاعدة، وليس ضروريا أن يكون المرء متدينا حتى يوجَّه له هذا الاتهام، فالموقع الإلكتروني الرسمي لتيار الجنرال ميشال عون؛ سبق أن وصف رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام بالداعشي، رغم "غانديّة" سلام، ورغم بعده حتى عن أجواء التديّن، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول مرادف مصطلح "داعش" عند من يوزعونه على الناس يمنة ويسرة، علما أن "العونية"، قبل سنوات ليست بعيدة، كانت "داعشية مسيحية" في منظار النظام السوري وحلفائه في لبنان.

لم يكن رفيق الحريري داعشيا، ولا مساعداه محمد شطح وباسل فليحان، لم يكن حسن خالد مفتيا لـ"بوكو حرام"، ولم يكن كمال جنبلاط أميرا لجبهة "النصرة".. لم يكن رينيه معوض إمامَ "فتح الشام"، ولم يكن جبران تويني قياديا في "القاعدة". بيار الجميل وأنطوان غانم كانا كتائبيين، وجورج حاوي وسمير قصير كانا مُلحدَين، فرنسوا الحاج ووسام الحسن ووسام عيد لم يكونوا ضبّاطا في "جيش الإسلام"، ومع ذلك تمت تصفية كل هؤلاء وغيرهم، وكانت عمليات قتلهم تتم على مراحل، تبدأ دائما بمرحلة الشيطنة الإعلامية بأقلام شياطين الإعلام.. لقد قتلتهم "إسرائيل" عليها لعنة الله.