مقابلات

"عربي21" تحاور نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي

اعتبر كاجمان أن حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية في ليبيا
- نرفض التدخل الأجنبي.. وعلى حفتر الخضوع للحكومة الشرعية
- على نظام السيسي أن يتعامل فقط مع حكومة التوافق الوطني
- نرفض الانقلابات العسكرية وآخرها ما حدث في تركيا
- تأخر منح الثقة من برلمان طبرق يعرقل عمل الحكومة
- سيف الإسلام ما زال قيد الاعتقال

تخيم حالة من الضبابية على المشهد العام في ليبيا بعد اتساع رقعة التناحر السياسي والعسكري بين الشرق والغرب في البلاد، في ظل تمدد تنظيم الدولة وتنقله من مدينة إلى أخرى.

ورغم تشكيل حكومة توافقية نتجت عن اتفاق سياسي وقعته أطراف سياسية ليبية في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي في بلدة الصخيرات المغربية، إلا أن الوضع يزداد احتقانا في ظل غياب سيطرة كاملة لهذه الحكومة على مفاصل الدولة، وأهمها الموانئ النفطية التي تعد عصب الاقتصاد الليبي والتي يسيطر عليها إبراهيم الجضران، آمر حرس المنشآت النفطية، الذي يرفض تصدير النفط للخارج.

فما أهم الملفات أمام الحكومة التوافقية الجديدة؟ وكيف ستتعامل معها؟ وما موقفها الصريح من اللواء خليفة حفتر ومشروعه الذي يوصف بأنه "انقلابي"؟

"عربي21" طرحت هذه الأسئلة وغيرها على نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، عبد السلام كاجمان، في الحوار التالي:

* ما أبرز التحديات التي تقابل الحكومة الليبية الجديدة الآن؟

- أمامنا ملفات عدة من أهمها الآن: "محاربة الإرهاب وتصدير النفط وتوفير الطاقة الكهربائية ومعالجة النقص الحاد في السيولة"، وهي من أولويات اهتمام المجلس الرئاسي حاليا، ونتوقع تحسنا في الأداء بعد استلامنا لمقر رئاسة الحكومة في العاصمة طرابلس (تم التسليم يوم الاثنين 11 تموز/يوليو الجاري) وتفويضنا للوزراء. ومع كل هذا، فإننا نناشد مجلس النواب (في طبرق) أن ينعقد بالصورة الصحيحة لمنح حكومة الوفاق الثقة، فتأخر هذه الخطوة أثر بشكل كبير على أداء المجلس والحكومة، ولكن مع هذا فإن التقدم في بعض الملفات أصبح ملموسا إلى حد ما، فانحسار الإرهاب في مدينة سرت وتقدم قوات البنيان المرصوص يجعلنا متفائلون مع كل هذه الصعوبات.

* لكن هناك مظاهرات خرجت ضدكم بسبب عدم توفير وسائل المعيشة للمواطن.. فكيف تعاملتم مع الأمر؟

- هناك ملفات متراكمة، والمجلس الرئاسي لا يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه، إلا أننا نبذل ما في وسعنا لحلحة هذه الملفات. وقد تواصلنا في مرات عديدة مع المصرف المركزي وتدارسنا الحلول الممكنة لمشكلة عدم توافر السيولة، ونتواصل بشكل مستمر أيضا مع حرس المنشآت النفطية لإمكانية إعادة تصدير النفط. أما مشكلة انقطاع الكهرباء مثلا؛ ففشل الحكومات المتعاقبة في هذا الملف أثّر بشكل سلبي في الشبكة، ونعمل جاهدين على إعادة الشركات الأجنبية المتخصصة في تطوير الشبكات الكهربائية ورفع قدرة إنتاج الطاقة في المناطق المختلفة في البلاد.

* وما آخر تطورات ملف فتح الموانئ النفطية وإعادة تصدير النفط؟

- نتوقع الوصول إلى حل قريبا جدا وإعادة تصدير النفط، بما يكفل تحسين الحالة الاقتصادية للبلاد وحل لأزمة السيولة وانخفاض سعر الدينار، ولعلنا بالفعل اقتربنا جدا من حلحلة هذه المشكلة.

* وبخصوص الحوار السياسي بين أطراف النزاع.. إلى أين وصل؟

- شاركنا في جلسة الحوار السياسي في تونس منتصف الشهر الجاري، وكان لنا اجتماع مطول مع أعضاء لجنة الحوار. وكانت الجلسة للاستماع والتقييم، وليس مساءلة المجلس كما روج لها البعض، وأوضحنا لأعضاء لجنة الحوار الليبي ما توصل إليه المجلس الرئاسي، وشرحنا العقبات التي تواجهنا. وقد تفهم أعضاء الحوار ما نحن فيه، وفي النهاية خلصنا إلى بيان ختامي نعتقد بأنه متوازن.

* وما الموقف الصريح للحكومة من خليفة حفتر وما تقوم به قواته في المنطقة الشرقية من انتهاكات؟

- الحكومة ليس لها موقف من أشخاص معينين، إلا أن على الجميع القبول بمخرجات الحوار السياسي والاعتراف به. وعلى كافة الأطراف، بمن فيهم حفتر، أن يخضعوا لشرعية المجلس الرئاسي، ومن لا يخضع لهذا فهو بطبيعة الحال يقصي نفسه من المشهد. والمعيار واضح بالنسبة لنا: نحن نمثل التوافق في ليبيا، وكل الأطراف عليها أن تعترف بهذه الشرعية.

* وما تعليقك على مقتل جنود فرنسيين في بنغازي كانوا يقاتلون بجوار حفتر؟

- أي تدخل خارجي يتم بعيدا عن التنسيق مع المجلس الرئاسي مرفوض جملة وتفصيلا، وقد طالبنا فرنسا بتوضيح ملابسات هذا التدخل، وعلى المجتمع الدولي الراعي للاتفاق السياسي تحمّل مسؤولياته تجاه الدول التي تتعامل مع أطراف أخرى في ليبيا.. أعني الأطراف التي لا تمثل الشرعية ولا تمثل الإجماع الدولي ومجلس الأمن في اعترافهم الكامل بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

* تحدثت عن الحرب ضد تنظيم الدولة في مدينة سرت.. ما آخر تطورات هذه الحرب؟

- هناك تقدم واضح لقوات البنيان المرصوص (عملية أطلقتها حكومة التوافق لمقاتلة تنظيم الدولة في سرت) في جبهة سرت. (التقدم) بهذا الشكل الواضح ومحاصرة التنظيم هناك في هذا الوقت القياسي؛ يجعلنا واثقين من إمكانية تحقيق نصر كامل في هذه الحرب. وهنا أقول أيضا إن ما يحققه الأبطال في محاربة ومكافحة الإرهاب في سرت مدعاة للفخر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وكل قطرة دم تنزف من شبابنا مدعاة للأسف والحزن.

* لكن البعض تحدث عن حالة تمرد لبعض قوات البنيان المرصوص بسبب قلة الدعم.. ما صحة ذلك؟

- العقبات كثيرة، والغرفة التي شكلت لدعم هذه القوات تواجه تحديات. ونحن نقوم بجهد كبير من أجل تقديم المزيد من الدعم، وقد طالبنا المجتمع الدولي بالمساهمة في حربنا ضد الإرهاب؛ لأن الليبيين يخوضونها نيابة عن العالم، والمجتمع الدولي علّل تأخر الدعم بإشكالية الحكومة ونيلها الثقة، وذكر تحديدا وزارة الدفاع، لهذا نجدد مطالبتنا للبرلمان الليبي بمنح الحكومة الثقة اللازمة لتتولى مهام عملها، والتي من أبرزها مكافحة الإرهاب.

* ومن هم الداعمون الإقليميون للحكومة وخاصة من دول الجوار؟

- دول الجوار تعتبر الشأن الليبي يؤثر بشكل مباشر عليها، ومن أجل تحقيق أكبر مصلحة مشتركة اجتمعنا مع العديد من الممثلين لتلك الدول، وطالبناهم بشكل مباشر بالتعاون المشترك، وجعل هذا التعاون ملزما لنا ولهم، بحيث تساهم هذه الدول وتتعاون بشكل فاعل من أجل القضايا المشتركة.

* وما الدور الذي يقوم به نظام السيسي الآن في الأزمة الليبية، وخاصة أنه يدعم حفتر مخابراتيا ولوجستيا؟

- دولة مصر رسميا لم تخالف الإجماع الدولي في اعترافها بالمجلس الرئاسي ودعمها للاتفاق السياسي، إلا أننا نتوقع المزيد من النظام المصري، ونطالب دولة مصر بأن تنحاز بشكل كامل وحقيقي للاتفاق الليبي، ومن ثم عليها أن تلتزم بالتعامل مع المجلس الرئاسي فقط، باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي.

* هناك حديث متداول مؤخرا عن إمكانية الإفراج عن سيف الإسلام القذافي وعودته للمشهد.. ما تعليقك؟

- فيما يتعلق بشؤون المتهمين في ليبيا؛ نحن نعتمد بشكل كامل على القضاء الليبي، ووزارة العدل في بيان رسمي أوضحت أن هذه الأخبار لا صحة لها، وتبرئة المتهمين في القضايا الجنائية هي اختصاص أصيل للجهات القضائية، وليس للمجلس الرئاسي علاقة مباشرة بهذه الأمور، وإنما تواصلنا مع وزارة العدل وفقط.

* أصدرت بيانا أدنت فيه حركة الانقلاب الفاشل في تركيا... ما علاقة ذلك بالداخل الليبي؟

- ليبيا جزء من المنظومة الدولية، وهي تتأثر بطبيعة الحال بما يجري في العالم، وعلينا دائما أن نتمسك بمبادئ واضحة في تعاملنا مع الدول الإقليمية منها والصديقة، وأوضحت بشكل مباشر أننا لا ندعم الانقلاب في تركيا، وأننا نتمسك بمبدأ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.