مقالات مختارة

أوباما .. أخطر خارج البيت الأبيض

1300x600
بعد الكشف عن الوثائق السرية الخاصة بدور إدارة الرئيس الأمريكي الديمقراطي جيمي كارتر في الإتيان بنظام الخميني إلى السلطة في عام 1979 على أنقاض نظام الشاه الذي كان أحد أقرب وأوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، لم يعد هناك ما يمكن استبعاده من الإدارات الأمريكية الديمقراطية من أفعال تآمرية شاذة ضد العرب دولا وشعوبا. وعليه فإذا ما نجحت هيلاري كلينتون في الفوز بالسباق الرئاسي فإنه ليس من المستبعد أن تدشن مرحلة جديدة من تلك المؤامرات، وخصوصا أنها كانت شريكة للرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما في صياغة وتنفيذ مجمل سياسات واشنطن الخارجية خلال الفترة الأولى من رئاسة الأخير.

تلك السياسات التي جلبت لمنطقتنا الويلات والمصائب، وجلبت العار للدولة العظمى في العالم، وأفقدتها كل مصداقيتها أمام حلفائها، بل جعلتها أضحوكة أمام المجتمع الدولي بسبب تضاربها وتذبذبها وافتقادها الحسم. ويكفي دليلا: مواقف أوباما وطاقمه الديمقراطي حيال الأزمة السورية، وتركهم العراق لقمة سائغة لعبث الإيرانيين وأذنابهم من الجماعات الطائفية، ورهانهم على نظام الملالي في طهران على حساب حلفائهم التقليديين في الخليج العربي، ودعمهم جماعات الفوضى والتخريب في العالم العربي أثناء ما سمي "الربيع العربي"، واستماتتهم لإبرام الصفقة النووية مع طهران، دون ضمانات لإخراج الأخيرة من عزلتها الخانقة، وتدخلاتهم المستفزة في الشأن الداخلي لدول الخليج تحت ذرائع حقوق الإنسان -مع استثناء إيران بطبيعة الحال- وإطلاقهم اتهامات ظالمة ضد السعودية فيما يخص الإرهاب، وتزكيتهم جماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى الحكم في أكثر من بلد عربي بذريعة أنهم يمثلون الإسلام الوسطي المعتدل.

لقد كشف أوباما في أكثر من مناسبة عن أنه من أكثر المعجبين بإيران وسياسات طهران وذكاء الإيرانيين وتمتعهم بالنظرة البعيدة والحكمة وعدم التهور (راجع تصريحه لمجلة "فيوز بلومبيرج" في 4/3/2014) . 

قال البعض في أسباب هذا الارتماء الأوبامي في أحضان من جاء حزبه الديمقراطي بهم إلى السلطة قبل نحو 35 سنة إن الرجل خاضع لسيطرة رموز اللوبي الإيراني في واشنطن ممن تمكنوا من اختراق البيت الأبيض والوصول إلى مناصبه الوظيفية العليا. 

وقال البعض الآخر إنه نتيجة لتأثر الرجل بالمذهب الشيعي عن طريق والده الكيني الذي قضى شطرا من حياته في مجتمعات شرق إفريقيا ذات الأعداد المعتبرة من الهنود والباكستانيين الشيعة. 

وقال فريق ثالث إن السبب يعود إلى حقد أوباما على عرب الخليج بسبب قضية الرق الغابرة. وبغض النظر عن مدى صحة هذه الأقاويل من عدمها، فإن الرجل فعل لملالي إيران خلال الأعوام الثمانية من رئاسته الموشكة على الانتهاء ما لم يفعله أي من أسلافه باستثناء كارتر الذي خدعنا طويلا بالظهور كالحمل الوديع الداعم للسلام، المتسربل برداء الأعمال والوساطات الإنسانية.

وإذا كان أوباما قد فعل ما فعل وهو مكبل بقيود الرئاسة ومحاذيرها، فماذا عساه أن يفعل للإيرانيين وهو حر طليق غير خاضع لمساءلة الكونجرس الأمريكي؟ لا شك أنه سيفعل الكثير لهم، وبالتالي سيكون بالنسبة لعرب الخليج أعظم خطرا وأكثر أذى!

وبعبارة أوضح سيقوم الرجل بعد خروجه القريب من البيت الأبيض بالبحث عن عمل يقتات منه، وفي الوقت نفسه يبقيه في دائرة الأضواء، على نحو ما فعله كل أسلافه، وربما أكثر بسبب شبابه النسبي وقدرته على التنقل، والمشاركة الفعالة في التجمعات الخارجية والمؤسسات البحثية والاستراتيجية غير الحكومية. ولعل أفضل ما سيحقق له رغباته الدفينة هذه هو العمل كناشط لمصلحة معشوقته الإيرانية، بمعنى أن يستغل شهرته ومكانته المتأتية من عمله الطويل رئيسا لأكبر دولة في العالم في العمل كمحام للشيطان الإيراني، يزين أفعاله، ويدافع عنه أمام الرأي العالمي ووسائل الإعلام، ويحشد له طاقات منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية الأمريكية والغربية التي يعرفها جيدا وله دلال عليها.

جملة القول إن أوباما سيعرض قريبا خدماته للبيع في سوق النخاسة السياسية، وإن الإيرانيين ومن يوالونهم سيكونون في مقدمة من سيشترون تلك الخدمات كي يضمنوا استمراره في أداء دوره التخريبي المفضوح ضد عرب الخليج، لكن هذه المرة من خارج أسوار البيت الأبيض. وعليه يمكن القول إن وجود أوباما خارج البيت الأبيض الذي لطخه سوادا بسياساته العرجاء أخطر أو مواز لخطورة وجوده في داخله.

عن صحيفة الاقتصادية السعودية