سياسة عربية

أسرار عودة محمد حسان إلى الدعوة بفضائية أمنية خليجية

بحسب مصادر، تأتي عودة حسان بمباركة من الأزهر- أرشيفية
أكدت تقارير إعلامية عودة الداعية المصري، الشيخ محمد حسان، إلى الدعوة الإسلامية مجددا عبر فضائية كبيرة جديدة، سيكون نجمها الأول، ويدعمها جهاز "الأمن الوطني" (أمن الدولة المنحل)، وتتلقى دعما خليجيا مباشرا، ويركز محتواها على المجال العقدي والسلفي، كي يواجه الفكر الإخواني والمد الشيعي بمصر.

وذكرت صحيفة "الفجر" الورقية، الصادرة هذا الأسبوع، أن هذه التطورات تأتي في أعقاب تساؤل شخصية عربية (لم تحددها الصحيفة) كانت تزور مصر أخيرا، عن وقف نشاط "الدعوة السلفية" في مواجهة التشيع، واستنكارها ابتعاد الداعية محمد حسان عن تلاميذه والدعوة، ما تبعه حصول الأخير على حكم بالبراءة من تهمة ازدراء الأديان، التي كادت تمسك بتلابيبه، ونجا منها بأعجوبة.

لكن كاتب التقرير، رامي رشدي، قال إن البراءة لم تكن مفاجأة له، وإنه كان على علم بها، وإن المفاجأة كانت لكثيرين منهم تلاميذ الشيخ ومحبيه الذين سارعوا بالتهنئة والمباركة بعد اختفائه عن الساحة الإعلامية والدينية منذ أحداث 30 حزيران/ يونيو، مشيرا إلى أن البراءة ستتبعها عودته مجددا لنشاطه عبر بوابة الصفقات الأمنية والاتفاقيات السرية.

وأضاف رامي أن "المتابع للشيخ حسان يعلم أنه مايسترو بارع، ومتخصص في عقد الصفقات سواء كانت سياسية أو أمنية، وتجلى ذلك في عهد جماعة الإخوان، ورئيسها محمد مرسي"، مؤكدا أن "حسان الذي حصل على البراءة بمباركة وطلب خليجي، ستشهد عودته بتفاصيل كثيرة ومفاجآت لم تكن على البال، وسيعود أقوى مما كان".

وأشار إلى أن حسان لن يعود على جواد تجديد الخطاب الديني الذي أسند بكل تفاصيله للداعية الشاب المقرب جدا من رئاسة الجمهورية، أسامة الأزهري، لكنه سيقود حرب مواجهة التمدد الشيعي، وستسند له تلك المهمة بكل تفاصيلها في الفترة المقبلة.

وأوضح أن مصدرا مقربا من الشخصية الخليجية، التي كسرت طوق الحظر عن حسان، اتصل بالأخير وأخبره بالحوار الذي دار بين القيادة الخليجية ومسؤولين بالرئاسة، وطمأنه المتصل بأن وقت عودته للدعوة قد حان، وأن لديه مهاما كبيرة سيقوم بها، وأنه حان الأوان ليسترد عرشه ومجده، ليس في الظلام ولكن في النور.

وأشارت "الفجر" في تقريرها إلى أن تلك الرسالة وصلت إلى حسان قبل صدور حكم البراءة، وأنه كان عليه أن ينتظر البشرى، وكان الحكم هو العلامة والضوء الأخضر.

عودة بعد منع أم امتناع؟

وكان الشيخ حسان شكا من منعه من الوعظ والخطابة في المساجد في بيان مكتوب ألقاه مساء الأحد 17 نيسان/ أبريل الماضي، عبر فضائية "الرحمة"، التي يمتلكها، ويتولى الإشراف عليها.

وأعرب الشيخ عن شعوره بالألم لذلك، لكنه خفّف منه بالقول إنه يقدم أمن واستقرار مصر إن كان هذا (الحرمان) يحققه.

وفي بيانه قال: "والله.. لقد ضاق صدري حينما حُرمت من الدعوة إلى الله عز وجل في المساجد، ومع ذلك تحملت الألم، وقلت: إن كان هذا يحقق الأمن والاستقرار لمصر؛ فأنا، ورب الكعبة، أقدم أمن واستقرار مصر، ولعلمي يقينا أن الدعوة أكبر من كل الدعاة، وأبقى من كل الدعاة".

                            

ويذكر أن محكمة جنح أول أكتوبر، قررت، في الأسبوع الماضي، براءة "حسان" من تهمة ازدراء الأديان، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بعدما اتهمه أحد المحامين بالإساءة البالغة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والسيدة خديجة رضي الله تعالى عنها، في سرده لأحاديث زواجه منها.

الصيغة المناسبة للعودة الكبيرة

ومن جهتها، قالت "الفجر" إنه على مدار الأيام القليلة الماضية كانت هناك اتصالات مكثفة بحسان من أعلى مستوى، ومن جميع المستويات سواء في مصر أو في دول الخليج، كلها تصب في اتجاه واحد هو: ما الصيغة المناسبة للعودة الكبيرة لشيخ الدعوة السلفية خاصة مع المكانة الكبيرة التي يتمتع بها في مصر والخليج، وفقا لوجهة نظر شيوخ السلفية في الخليج التي رسمتها القيادات الخليجية مع القيادات الأمنية والسياسية في القاهرة؟

وبحسب مصادر، تأتي عودة حسان بمباركة من الأزهر، من خلال ترتيب لقاء ومؤتمر صحفي كبير يجمع بين شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وحسان، يقوم الطيب من خلاله بتقديم الشيخ الكبير باعتباره رمزا من رموز الدعوة الإسلامية، نظرا لما يتمتع به من مكانة.

وعقب المؤتمر، أو قبله، سيتم عقد اجتماع كبير بين الشيخين يقوم فيه حسان بعرض نهجه ومنهجيته في مواجهة الشيعة، خصوصا أن كل دروس الشيخ وخطبه وعظاته ستختص بهذا الدور، ولن تخرج عن هذا المحور، وفقا لما رسمته له القيادات الأمنية خلال الأيام القليلة الماضية.

وبعد مباركة الأزهر لعودة حسان بشكل واضح وصريح، وضمان عودته وفقا لشروطه ورغباته وبشكل شرعي وقانوني للمساجد، تبقى معضلة حسان، هي الميديا (وسائل الإعلام)، وكيفية عودته، وهي نقطة تم حسم تفاصيلها ووافق عليها الداعية، وهي الاتجاه إلى تأسيس قناة جديدة برؤوس أموال خليجية يضخها عدد من رجال الأعمال والمشايخ في الدول العربية، على أن يتولى مسؤوليتها في القاهرة أحد المصريين المقربين من الشيخ.

واستقر الرأي، على محمود، شقيق حسان، أو أحد أقاربه الثقات، وستكون القناة بمثابة بيت حسان الثاني، وسيكون له نصيب الأسد من البرامج، وغالبا سيكون نجم "التوك شو" (البرنامج الحواري) المسائي عليها.

ولم يستقر حتى الآن على اسم القناة، لكنها ستصدر من مدينة الإنتاج الإعلامي بعد حصولها على التراخيص اللازمة من هيئة الاستثمار.

كما لم يتم الاستقرار بعد على الإعلاميين الذين سيقدمون البرامج مع حسان أو نوعية الضيوف التي لن تخرج غالبا عن أساتذة من جامعة الأزهر ينتمون أو من محبي المدرسة السلفية، أو عدد من رموز ومشايخ وعلماء الدعوة السلفية بالإسكندرية.

مكافأة السيسي للمدرسة السلفية وحسان

وبحسب "الفجر": "تعتبر الصفقة مكافأة للمدرسة السلفية وحسان، إذ ساند السلفيون (قطاع منهم) 30 يونيو، واكتفى الثاني (حسان) بالصمت، ولم يشارك في أي من أنشطة الإخوان ومناصريهم ضد الانقلاب الذي قام به الجيش، فيما استرجع نشطاء ثناء الشيخ سابقا على جهاز أمن الدولة المنحل بسخرية لاذعة".

                         

السيسي يحكم قبضته على الساحة الدعوية

وكانت مؤسسة الرئاسة شكلت منذ شهور لجنة مؤلفة من أحمد كريمة، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، وسعد الهلالي، الأستاذ بجامعة الأزهر، وآمنة نصير، الأستاذة بجامعة الأزهر، وعدد من علماء الأزهر، لوضع رؤية وخطوات نحو قضية تجديد الخطاب الديني.

ومن جهتها، تعاونت مشيخة الأزهر مع شركة علاقات عامة كبيرة بتمويل من الإمارات من أجل إثبات جديته في قضية تجديد الخطاب الديني.

ونظمت الشركة المؤتمر العالمي لأحمد الطيب، الذي أعلن فيه أخيرا عن إنجازات الأزهر وسفرياته في الخارج، واستراتيجيته في العمل الفترة المقبلة.

وقال مراقبون إن هذه الخطوات جميعها تهدف إلى إحكام نظام السيسي قبضته تماما على الساحة الإسلامية في مصر بعد أن فرغها من أكبر الجماعات الإسلامية التي تعمل على الساحة، وهما جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية، بجانب الجمعيات ذات التوجه السلفي كالجمعية الشرعية، وجماعة أنصار السنة المحمدية، وغيرها من الجمعيات الإسلامية.