سياسة دولية

قمة في باريس لإحياء "السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين

برود أمريكي حيال المقترح الفرنسي - أ ف ب
تستضيف باريس الجمعة اجتماعا دوليا حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو الأول منذ عشر سنوات تقريبا، على أمل إحياء عملية السلام المتوقفة منذ سنوات، في مبادرة تقول إسرائيل إن مصيرها الفشل.

ويعقد الاجتماع بمشاركة وزراء ثلاثين دولة غربية وعربية وممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن في غياب الطرفين الأساسيين المعنيين، ويسعى قبل كل شيء إلى إعادة تأكيد الالتزام الدولي بحل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلى جنب.

ويضم اجتماع الوزراء في باريس اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط التي تتألف من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وتشارك فيه أيضا الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي ونحو 20 دولة.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن التغيرات التي اجتاحت الشرق الأوسط تعني أن المساعي السابقة لإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لم تعد ذات مغزى وينبغي أن تلعب القوى الكبرى دورا مهما في حل الأزمة.
 
وقال في بداية المؤتمر عن القضية "النقاش بشأن شروط السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ينبغي أن يضع في اعتباره المنطقة بأكملها."

 وتابع "المخاطر والأولويات تغيرت، هذه التغيرات تجعل من الضروري بشكل أكبر إيجاد حل للصراع وهذه الاضطرابات في المنطقة تخلق التزامات جديدة لإحلال السلام. ويجب أن نثبت ذلك للمجتمع الدولي".

ولن يتطرق الاجتماع لأي من الخلافات الجوهرية بين الجانبين. وهذا أول مؤتمر دولي بشأن القضية منذ اجتماع أنابوليس في الولايات المتحدة عام 2007.

وبرر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت تنظيم المؤتمر بالقول، إن الحوار المباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين "لا يأتي بنتائج".

ورأت وزارة الخارجية الإسرائيلية عشية الاجتماع أن المبادرة "ستفشل"، إذ تعارض إسرائيل بشدة أي مقاربة دولية للنزاع، وتصر على إجراء محادثات مباشرة مع الفلسطينيين.

وتقول مصادر دبلوماسية فرنسية: "لم يتصور أحد أننا سنتوصل إلى حل للسلام من دون الطرفين. لكننا إذا جمعنا الإسرائيليين والفلسطينيين على طاولة واحدة الآن، من المحتمل ألا يدوم النقاش أكثر من بضع دقائق".

ومنذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر، استشهد 206 فلسطينيين وقتل 28 إسرائيليا في عمليات طعن ومواجهات.

ويتواصل الاستيطان الإسرائيلي بوتيرة مطردة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

سياسيا، شهدت الحكومة الإسرائيلية أخيرا تعديلات جعلت منها الحكومة الأكثر يمينية في تاريخها، فيما يشهد الفلسطينيون انقساما وضعفا أكثر من أي وقت مضى.

رفض إسرائيلي 

ويرى الدبلوماسيون أنه "من الواضح أننا لن نتوصل إلى إحلال السلام فورا بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، ويشددون على أن المبادرة "متواضعة وواقعية ولا أوهام فيها".

عمليا، لن يدخل المشاركون في الاجتماع في التفاصيل ولا في إطار أي مفاوضات مستقبلية تنص عليها قرارات دولية عدة. إذ تفضل باريس تشكيل مجموعات عمل حول مواضيع محددة مثل تحفيزات اقتصادية لإحلال السلام، وإجراءات للحد من التوتر ميدانيا، وتقديم ضمانات على صعيد الأمن الإقليمي.

وتقول مصادر دبلوماسية إن من الأفكار المتداولة إحياء مبادرة 2002 العربية التي تقضي باعتراف الدول العربية بإسرائيل، في إطار اتفاق سلام شامل وانسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية. لكن الأهم هو إعادة تأكيد حل يستند إلى دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان بسلام جنبا إلى جنب، في سيناريو تتضاءل فرص تحقيقه تدريجيا نظرا إلى الوضع الميداني.

لكن المبادرة الفرنسية تصطدم بعدد من العقبات، أولها رفض إسرائيل العلني، الذي حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تأكيده، بلا مواربة لإيرولت ثم لنظيره الفرنسي مانويل فالس خلال زيارتيهما للمنطقة مؤخرا.

ويرفض نتانياهو أي مقاربة متعددة الأطراف، ويكرر باستمرار انه مستعد لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين. لكن رغم تأكيده أنه "مستعد للتفاوض" على المبادرة العربية، يرى مراقبون أنه يسعى فعلا إلى  المماطلة لكسب الوقت، ليس إلا.

تأييد فلسطيني

أما الفلسطينيون فيؤيدون المبادرة الفرنسية بالكامل. وتقول الباحثة المتخصصة في شؤون المنطقة إنياس لوفالوا "إنهم على مستوى من الضعف والتقهقر بحيث لا يملكون أوراقا كثيرة في يدهم".

كما تبرز تساؤلات بشأن مستوى ضلوع الولايات المتحدة، الراعي التاريخي والطرف المحتوم، بالمبادرة، أبعد من إبداء الاهتمام بداعي اللياقة. وسيحضر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الوسيط في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في 2013-2014، مؤتمر باريس.

وقال المتحدث باسمه جون كيربي، إن كيري: "يريد الاستماع إلى كل الأفكار" و"استكشاف جميع الخيارات" للتوصل إلى حل الدولتين.