كتاب عربي 21

الودائع المصرية خط أحمر

1300x600
قبل أيام، تحدث أحد الإعلاميين البارزين ضمن الجوقة الإعلامية لنظام الانقلاب في مصر، عن أن خزانة الدولة خاوية، وأن النظام المصري قد طلب وديعة الإمارات لمحاولة إنقاذ الموقف.

وأشار الى أن هناك دولا استولت على الودائع بها، لعلاج مشاكل خزائنها الخاوية، منها قبرص التي لم تترك للمودعين سوى نسبة 30 في المئة فقط من قيمة ودائعهم. 

ونظرا للخبرة السابقة لدى المصريين في معرفتهم بتلقي مضمون الحلقات اليومية لبرامج "التوك شو" في الفضائيات الخاصة، من قبل جهات سيادية ومن مدير مكتب قائد الانقلاب، فقد ثارت مخاوف البعض من إمكانية تحقق ما أشار إليه هذا الإعلامي.

ولعل ما حدث من زحام غير معتاد في البنوك المصرية الخميس الماضي، يعزز تلك المخاوف، رغم تبرير البعض بأن هذا التكالب والسحب مرتبط بسحب نفقات قضاء إجازات عيد الربيع وأعياد المسيحيين.

وتعدّ قضية الاقتراب من الودائع في المصارف بأي بلد أمرا بالغ الحساسية، ولهذا تحرص البنوك المركزية على طمأنة المودعين إلى تدخلها لمساندة أي بنك يتعرض لمشاكل جوهرية، كما قامت دول بإنشاء صناديق لضمان أموال المودعين، تضمن لهم حدا أدنى من تلك الودائع، في حالة التعرض لأي مشكلة تؤثر عليها.
 
وتعود الأهمية الكبيرة للودائع المصرية، إلى استحواذها على نسبة 76 في المئة من مصادر الأموال الموجودة في البنوك المصرية، في كانون الثاني/ يناير الماضي.

بينما لم تمثل حقوق ملكية مساهمي البنوك سوى نسبة 5.5 في المئة فقط، وتتبقى نسبة 18 في المئة، موزعة على سندات وقروض طويلة الأجل، وأموال من بنوك أخرى محلية وأجنبية ومخصصات.
 
وهكذا تشكل الودائع الرافد الأكبر للأموال الداخلة إلى للبنوك، التي مكنتها من توسيع مجالات التوظيف في الإقراض والاستثمارات وغيرها، وهي المجالات التي تستفيد منها الحكومة والشركات مختلفة الحجم.

وعندما تقوم الحكومة المصرية بسد العجز المزمن والمتواصل في موازنتها، فإنها تصدر أذون خزانة وسندات خزانة، وتقترض من البنوك المحلية، إلى جانب اقتراضها الخارجي.
 
وبالنظر إلى أرصدة أذون الخزانة التي أصدرتها الحكومة المصرية، التي بلغت حتى كانون الثاني/ يناير 583 مليار جنيه مصري، نجد أن مشتريات البنوك تمثل نسبة حوالي 77 في المئة منها.

 الى جانب حوالي 7 المئة تقتنيها صناديق الاستثمار، وهي الصناديق التي تم تأسيس معظمها من قبل البنوك، وبما يعني استحواز البنوك وصناديقها على نسبة 84 في المئة من الأذون المصدرة. 

والصورة ذاتها في إصدارات الحكومة لسندات الخزانة، التي بلغت أرصدتها 699 مليار جنيه حتى كانون الثاني/ يناير، حين نجد البنوك قد استحوزت على نسبة 87 في المئة منها، بخلاف كمية أخرى تحوزها صناديق الاستثمار التي أنشأتها البنوك، خاصة أن الصناديق ذات الدخل تزيد من شراء السندات الحكومية.

غالب القروض مصرفية 

وفيما يخص القروض التي قدمتها البنوك المصرية، فإن القطاع الخاص يحصل على معظمها، في حين تبلغ نسبة الحكومة منها حوالي 13 في المئة، ونسبة أخرى للقطاع العائلي.

وفي ضوء ضعف لجوء الشركات المصرية إلى البورصة للحصول على التمويل، سواء بزيادة رؤس أموالها أو اصدار سندات، تظل البنوك هي المورد الرئيس لقروض الشركات. 

ويظل السؤال: "لماذا إذن المخاوف على الإيداعات البنوك".

يرى البعض أن النظام الحالي لا يحكّم المنطق الطبيعي تصرفاته، ويستدلون على ذلك بأسلوب فض تجمع رابعة العدوية والنهضة، من خلال القنص والقتل، كذلك ما حدث من قائد الانقلاب نفسه، حين تحدث مسبقا عن خطورة استعداء أهل سيناء، الذي سينجم عنه حالة من الثأر. ورغم ذلك قام بعمليات دموية متكررة تجاههم. 

ويرى البعض أنه بعد تكرار المظاهرات ضده -حتى من أنصاره السابقين- يمكن أن يدفعه هذا إلى اللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة، خاصة مع تناقص الودائع في الشهور الأخيرة، مع توجيه البعض أموالهم للعقار والذهب، للحماية من التضخم المرتفع.
 
ففي كانون الثاني/ يناير، بلغت زيادة الودائع الشهرية حوالي 9 مليار جنيه، منها أكثر من 8 مليار، عبارة عن فوائد محتسبة لأرصدة القديمة من الودائع.

أي أن هناك ودائع مليار جنيه فقط جديدة، بينما تقترض الحكومة شهريا أكثر من 33 مليار جنيه، تقوم البنوك بتدبير أغلبها، دون ودائع جديدة كافية في البنوك، لن تستطيع الإسهام بتمويل الحكومة. 

ويظل بعض العقلاء يستبعدون إمكانية الإقدام على المساس بأموال المودعين لخطورة ذلك، مستندين إلى أنه سيتدخل بعض المتخصصين من رجال النظام، إلا أن عناد الجنرال وتكرار تشبثه برأيه، يعيد المخاوف، حين لم يستمع لمن طالبوه بالتريث، عند طرحه لمشروع تفريعة قناة السويس. وكذلك لمن طالبوه بتأجيل العاصمة الإدارية.