مدونات

اليمن.. ما أُخذَ بالقوة فلن يعود إلا بالقوةَ

هادي منصور ـ أ ف ب



هل ستجد الحكومة اليمنية الشرعية نفسها مُرغمة في تطبيق هذه المقولة "ما أُخذَ بالقوة فلن يعود إلا بالقوةَ" كي تفرض هيبتها؟

"ما أُخذَ بالقوة فلن يعود إلا بالقوة" هذه العبارة كان يرددها الرئيس اليمني السابق علي صالح  في كل خطاباته، خاصة عندما كان يتحدث عن قضية فلسطين وبعض القضايا الأخرى الساخنة آنذاك، خصوصا إبان حربه مع الحوثيين في  الحروب الست. اليوم السيناريو نقسه ينطبق عليه وعلى المليشيات التي دعمها من أجل الانقضاض على الحكومة اليمنية الشرعية المُعترف بها دوليا. الرئيس السابق علي صالح الذي كان يتباهى بمنجزاته وكان يقول إنّه يحكم ويجلس على رؤوس الثعابين، وكان يُشبّه الشعب اليمني بالثعابين، طلع هو الثعبان وليس الشعب اليمني.

من يَظُنْ أنّ المليشيات المسلحة سوف تلتزم بكل ما قد يُتفق عليه في مؤتمر الكويت فهو واهمْ، هذا إذا حصل تفاهم أو نوع من الموافقة على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم2216 .الحوار مع المليشيات المسلحة يُعتبر نوعا من البحث عن الشيء المعدوم. الحوار والسلام مع هذه المليشيات يمكن أن نُشبهه بحوار العرب مع إسرائيل، فالعرب يبحثون عن سلام حقيقي ولكن إسرائيل لا تعترف سوى بلغة القوة، ولا تعترف بشيء اسمه السلام إذا لم يُعطيها السلام كل ما تريده، وهذا ينطبق على الحوار بين المليشيات المسلحة وحكومة المنفى اليمنية. فالحكومة اليمنية تبحث عن السلام، بينما المليشيات المسلحة دموية، وتحاور من منطق الغدر ولا تبحث عن السلام.

الحوار اليمني في الكويت سيتعثر خاصة فيما يتعلق بقضية نزع سلاح المليشيات. الثعابين (المليشيات المسلحة) لن تٌسلم أسلحتها التي نهبتها من معسكرات الجيش اليمني، يبدو ذلك من خلال تصرفاتهم ومراوغاتهم في حوارات سابقة  نورد جزءا منها كالتالي:

أولا، هذه المليشيات وقعت على عدة اتفاقيات مع حكومة الرئيس اليمني السابق إبان الحروب الست 2004-2009، فكانت تنقض كل اتفاق قبل أن يجف حبره.

ثانيا، عندما دخلت المليشيات المسلحةَ مؤتمر الحوار الوطني في العاصمة صنعاء في عام 2013- 2014 وبحجم أكبر من حجمهم، لم يكونوا جادين في تطبيق أي شيء، وقد كانت هذه المليشيات تُمارس الكذب والاحتيال طوال عام في مؤتمر الحوار الوطني، وبعد أن اتفق الشعب اليمني على مشروع دستور للجمهورية اليمنية، انقلبت هذه المليشيات على كل ما توافق علية اليمنيون.

ثالثا، هذه المليشيات احتلت العاصمة صنعاء بدعم من المبعوث الدولي السابق جمال بن عمر وبمساعدة بعض الأطراف الإقليمية الأخرى، وقامت هذه المليشيات بفرض ما يسمى اتفاق "السلم والشراكة" تحت تهديد السلاح، ووافقت كل الأحزاب اليمنية على اتفاقية "السلم والشراكة" من أجل مصلحة اليمن، لكن هذه المليشيات سرعان ما انقضّت على هذا الاتفاق واحتلت مؤسسات الدولة، واعتقلت بعض قادة الأحزاب وقادة عسكريين وصحفيين وناشطين، ولا زال بعض السجناء لا يُعرف أهلهم أين مصيرهم حتى كتابة هذه السطور.

إذا من كل ما سبق ذكره، يتضح أنّ المليشيات المسلحة لا عهد لها ولا ذمة وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في لجم جماح هذه المليشيات المتمردة. كما أنّه يجب على دول الإقليم لجم الطرف الإقليمي الذي يُحاول أن يستخدم هذه المليشيات في زعزعة أمن شعوب المنطقة العربية واستقرارها. 

يبدو أن مقولة الرئيس السابق علي صالح "ما أخذ بالقوة فلن يعود إلا بالقوة" هو ما تحتاجه حكومة المنفى اليمنية لفرض هيبتها، لكن يبدو ذلك من سابع المستحيلات نظرا لعدة أسباب ليس المجال لذكرها الآن. الشعب اليمني راح ضحية الصراع بين سندان الحوثي ومطرقة الحكومة الشرعية اليمنية الضعيفة. 

ختاما، نؤكد أن دولة الكويت تتحرك بصمت ولا يوجد لديها سوى الرغبة الحقيقية في لمّ شمل الفرقاء في هذا البلد الذي مزقته الصرعات منذُ عقود، ولذلك نأمل ألا نصل إلى مقولة الرئيس اليمني السابق وتجد الحكومة اليمنية نفسها، ومعها دول الإقليم مُجبرة على استخدام القوة لإرغام هذه المليشيات على تسليم أسلحتها بالقوة مثلما أخذتها بالقوة. مؤتمر الكويت يمثل فرصة حقيقية وتاريخية لحفظ ماء وجه هذه المليشيات، لكن يبدو أن هذه المليشيات لا تعترف ولن تعترف إلا بمنطق القوة وهو ما سيكون الخيار الأخير في التعامل معها إذا فشل مؤتمر الكويت لا سمح الله. نأمل ألا نرى هذا السيناريو لأن الضحايا سيكونون من المدنيين. الشعب اليمني يريد السلام وليس لديه خيار آخر سوى السلام، ولذلك نأمل أن يُحكّم العقل والمنطق في هذا المؤتمر من أجل السلام. حفظ الله اليمن وأهله.

كاتب وباحث يمني.