سياسة عربية

مواجهات بين أمن تونس ومحتجين على نشاط شركة بريطانية (شاهد)

انطلقت المواجهات منذ ليلة أمس الخميس- أ ف ب
تسارعت الأحداث العنيفة بجزيرة "قرقنة" التونسية (وسط شرق تونس) خلال الساعات الأخيرة، إذ تشهد الجزيرة توترا الجمعة، إثر ليلة اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين على أنشطة شركة "بتروفاك" النفطية البريطانية.

ومساء الخميس، اندلعت مواجهات أمام ميناء "سيدي يوسف" وعلى الطريق المؤدية إلى بلدة "مليتة" بين قوات الأمن وعشرات من السكان الذين عارضوا دخول ست شاحنات تابعة للشركة البريطانية إلى الجزيرة.

ورشق المحتجون قوات الأمن بالحجارة وقطعوا طرقات في الجزيرة باستخدام جذوع الأشجار وأكوام الحجارة والعجلات المطاطية المشتعلة.

وأطلقت قوات الأمن التي انتشرت بأعداد كبيرة، قنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق المحتجين وفتح الطريق أمام شاحنات الشركة.

وبحسب مصادر أمنية، تواصلت الاشتباكات حتى ساعة متأخرة من الليل، ما اضطر الشاحنات التي رافقتها الشرطة، إلى سلوك طريق آخر للخروج من الميناء.

والجمعة، كانت آثار المواجهات كالحجارة والعجلات المحترقة لا تزال ظاهرة في شوارع قرقنة.

وقالت مسؤولة بمستشفى قرقنة لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة إن المستشفى استقبل ليلة أمس خمسة شرطيين مصابين بجروح "طفيفة" جراء تعرضهم للرشق بالحجارة، وثلاثة مدنيين بينهم اثنان "اختنقا بالغاز" المسيل للدموع وثالث أصيب في رأسه بحجارة.

وأوضحت المسؤولة أن كل المصابين غادروا المستشفى بعد تلقيهم الإسعافات الضرورية.

من جهتها قالت وزارة الداخلية إن مجموعة يناهز عددها 250 شخصا هاجمت، ظهر الجمعة، الوحدات الأمنية المتمركزة في محيط ميناء "سيدي يوسف" بالجزيرة مستعملين الحجارة والزجاجات الحارقة "المولوتوف".

وأضافت الداخلية في بيان لها، الجمعة، أن الهجوم تسبب في حرق سيارتين إداريتين وشاحنة أمنية، فيما تم إلقاء سيارة أمنية أخرى في البحر بالميناء.

وأضافت أن المجموعة "تعمدت حرق مركز الأمن الوطني بالعطايا بالإضافة إلى حرق مكتبين تابعين للحرس الوطني بمقر ميناء سيدي يوسف".




شغب وعنف

وقال أحد أهالي جزيرة قرقنة، رفض الكشف عن اسمه، لـ"عربي21" إن قوات الأمن انسحبت، الجمعة، من بعض المراكز الأمنية المتمركزة بالجزيرة والتحقت بمنطقة الأمن الوطني بـ"أولاد بوعلي"، مضيفا أن عددا كبيرا من أبناء الجزيرة توجهوا نحوها بهدف محاصرتها.

وكانت الداخلية التونسية أوضحت في بيان سابق، الجمعة، أن "مجموعات من الأشخاص عمدت الليلة الماضية إلى التجمهر على مستوى ميناء سيدي يوسف بقرقنة وقطع الطريق الرابطة بينه وبين شركة "بتروفاك"، وذلك بغاية منع وصول ست شاحنات إلى هذه الشركة"، وفق نص البيان.

وقالت الوزارة إن أعمال شغب وعنف حصلت خلال التجمهر "من ذلك رمي الوحدات الأمنية بالحجارة والمقذوفات الصلبة وقطع الطريق بإشعال النار في العجلات المطاطية وحرق جذوع النخيل، بالإضافة إلى دحرجة قوارير غاز في حالة اشتعال في اتجاه الوحدات الأمنية".

وأفاد الناطق باسم وزارة الداخلية ياسر مصباح أنه تم تسجيل ست إصابات في صفوف الأمنيين متفاوتة الخطورة جراء رشقهم بالحجارة و"المولوتوف"، حسب تصريحه الجمعة لإذاعة "موزاييك" الخاصة.

وتابع أن مواطنين اثنين تعرضا للاختناق بالغاز، حيث تم نقلهما إلى المستشفى، مؤكدا إيقاف عدد من المحتجين بعد مواجهات ليل الخميس.

الاعتداء على معتصمين

ونقلت الصفحة الرسمية للاتحاد الجهوي للشغل بمحافظة صفاقس (270 كلم جنوب العاصمة) على "فيسبوك" عن الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بقرقنة محمد علي عروس أن وحدات من الأمن وفرق التدخل "قامت ليل الخميس بالاعتداء على معتصمين من المعطلين عن العمل مستعملة الغاز المسيل للدموع والهراوات في حركة مفاجئة أثارت استغراب واستياء الأهالي".

وأضافت أن رسائل تهديد "وصلته عبر هاتفه الجوال تدعوه للابتعاد عن التحركات الاحتجاجية بقرقنة وعدم مساندة الأهالي في نضالاتهم من أجل التنمية وفك العزلة عن الجزيرة"، وفق صفحة الاتحاد الجهوي للشغل.

وتابعت نقلا عن محمد علي عروس أن أهالي قرقنة "كانوا ينتظرون التهدئة خاصة بعد الاتفاق الأولي صباح الخميس على أرضية بين مختلف الأطراف المتدخلة لنزع فتيل التوتر وإعادة الهدوء إلى الجزيرة"، مشيرا إلى أن محافظ صفاقس "لم يكن متعاونا البتة في المفاوضات ولم يتعامل بإيجابية مع أي نقطة من نقاط التفاوض".

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن متظاهر يدعى صالح قوله: "يتعاملون معنا كما لو كنا غير تونسيين. الشركات النفطية تستغل ثرواتنا ولا تعطينا شيئا".

ضعف الدولة

وتشهد جزيرة قرقنة منذ حوالي ثلاثة أشهر حراكا اجتماعيا، حيث اعتصم عدد كبير من أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل بشركة "بتروفاك" العاملة في مجال النفط والغاز، مانعين موظفي الشركة من الالتحاق بعملهم ومطالبين بالتشغيل.

ويرى مراقبون أن "أزمة قرقنة" كشفت مرة أخرى ضعف الدولة في إدارة الأزمات خاصة أن الاحتجاجات انطلقت قبل حوالي ثلاثة أشهر في حين لم تحرك الحكومة ساكنا طيلة هذه المدة، حيث امتنعت عن التواصل مع المحتجين أو فتح قناة حوار معهم، مُخيرة المعالجة الأمنية التي انطلقت فيها قبل أيام قليلة.