سياسة عربية

مصر تواجه عجزا مائيا وتبحث عن حلول لا تغضب إثيوبيا

شكك مراقبون وخبراء في قدرة مصر على إجبار إثيوبيا على احترام حقوقها المائية - ا ف ب
في اعتراف رسمي مصري بتأثر البلاد بسد النهضة الإثيوبي، قال وزير الري حسام مغازي، الثلاثاء، إن "مصر تواجه عجزا مائيا في ظل الزيادة السكانية المضطردة".

وأضاف مغازي، في تصريحات صحفية عقب مشاركته في حملة لإزالة التعديات على نهر النيل بالقاهرة، أن الحصة الحالية لمصر من مياه النيل أصبحت غير كافية لسد احتياجات المصريين من مياه الشرب والزراعة والصناعة.

حلول بعيدا عن إثيوبيا

وأوضح الوزير أن مصر تحاول التغلب على مشكلة محدودية الموارد المائية عن طريق التعاون مع دول حوض النيل لتنفيذ مشروعات مائية للاستفادة من فواقد مياه نهر في أعالي النيل لتحقيق مصالح تلك الدول جميعا، وحصول مصر على حصة إضافية من النيل لسد هذا العجز.

ويقول مراقبون إن تفكير الحكومة المصرية في حلول لمواجهة العجز المائي بعيدا عن إيقاف سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، يعد اعترافا رسميا بعدم قدرة مصر على وقف المشروع أو حتى التقليل من آثاره السلبية حصتها المائية.

وحول مفاوضات سد النهضة، أشار مغازي إلى أنه من المتوقع أن يتم خلال أسبوعين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا توقيع التعاقد مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين اللذين سيتوليان تنفيذ الدرسات الفنية حول السد، وبعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية من المفاوضات بشأن تلك الدراسات لتحديد الآثار السلبية للمشروع على حصتي مصر والسودان من مياه النيل، وهي المرحلة التي ستظهر مفتاح حل القضية، على حد قوله.

وأضاف الوزير أن مصر تجري مفاوضات مع المكتبين لتقليل المقابل المالي الذي يطالبان به مقابل إجراء الدراسات الفنية والذي يقدر بنحو 4.5 ملايين يورو، مشيرا إلى أن الدول الثلاث اتفقت على احترام نتائج الدراسات والملاحظات الفنية التي ستنتج عنها، وفقاً لإعلان المبادئ الذي وقع عليه رؤساء الدول الثلاث في مارس الماضي بالخرطوم.

قلة حيلة


إلى ذلك، طالب النائب محمد العرابي، عضو مجلس النواب ووزير الخارجية الأسبق، النظام بالتعامل مع أزمة سد النهضة باعتباره أمرا واقعا لا يمكن تغيير، والاعتراف بأن إثيوبيا مستمرة في بناء السد دون توقف، وأن وجوده أصبح أمرا مفروغا منه.

وأضاف العرابي، في تصريحات صحفية، أنه حال التأكد من عدم جدوى المفاوضات الفنية والسياسية التي تجريها مصر مع إثيوبيا فإن عليها أن تلجأ إلى الحل القانوني عبر اللجوء للمنظمات الدولية لإثبات حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، مشيرا إلى أن الطرق القانونية تستغرق وقتا طويلا يمكن أن يمتد لأعوام.

ويشكك مراقبون وخبراء في قدرة مصر على إجبار إثيوبيا على احترام حقوقها المائية في نهر النيل، مشيرين إلى أن القاهرة تتعامل مع الأزمة بقلة حيلة واضحة تعكسها عدم امتلاك أي أوراق ضغط على الجانب الإثيوبي.

وكانت مصر والسودان وإثيوبيا قد وقعتا في كانون الأول/ديسمبر من عام 2015 على "وثيقة الخرطوم" التي وضعت آليات العمل بشأن حل الخلافات حول سد النهضة، وتضمن التزام الدول الثلاث الكامل بوثيقة "إعلان المبادئ" التي وقع عليها رؤساء الدول الثلاث في آذار/مارس 2015،  كما حددت مدة زمنية لتنفيذ الدراسات الفنية حول السد بما لا يتجاوز عاما واحدا.

مطالبات بإقالة الوزير

من جانبه، طالب النائب البرلماني سمير غطاس بإقالة وزير الري المصري متهما إياه بالفشل والإضرار بمصالح مصر المائية وإضعاف موقفها في المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.

وأوضح غطاس أن وزير الري أعلن منذ عدة أيام اكتشاف خزان ضخم للمياه الجوفية يكفي مصر لمدة 100 عام مقبلة على حد قوله، مشيرا إلى أن هذا التصريح الخطير قلل من الجهود التي تبذلها مصر لإظهار قلقها من تأثير السد على حصتها المائية. 

ودعا الناب إلى تغيير الإستراتيجية التي تتبعها مصر في علاج هذه الأزمة المصيرية في ظل فشل مسار المفاوضات وتصلب الموقف الإثيوبي وإعلان أديس أبابا البدء في ملء خزان السد في شهر تموز/ يوليو المقبل قبل صدور التقارير الفنية للمكتبين الاستشاريين، مطالبا بالتهديد باللجوء إلى أي خيار يضمن الحفاظ على حصة مصر المائية. 

وتقول مصر إن سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل سيؤثر بشدة على حصتها من المياه البالغة  55.5 مليار متر مكعب سنويا، وتبدي مخاوف عميقة من حدوث جفاف مائي يهدد بخسائر في الزراعة والصناعة في ذلك البلد الذي يبلغ يزيد عدد سكانه عن 90 مليون نسمة، ويعتمدون بشكل كامل على نهر النيل في تلبية احتياجاتهم من المياه النظيفة.