ملفات وتقارير

"رئاسة" شمال العراق محط صراع نفوذ بين أحزاب الإقليم

تطالب الأحزاب بأن يكون منصب رئيس الإقليم رمزيا - أ ف ب
تتصدر أزمة الرئاسة التي يشهدها إقليم شمال العراق، أجندة الأحزاب السياسية في المنطقة، رغم إعلان مجلس شورى الإقليم، أن مسعود بارزاني سيبقى في منصبه محتفظا بكامل صلاحياته لحين التوصل إلى اتفاق سياسي أو إجراء انتخابات، في خطوة تمثل حلا قانونيا مؤقتا لأزمة الرئاسة التي يشهدها الإقليم.

وتعكس القضية صراع النفوذ بين أحزاب الإقليم، حيث يرغب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يعد قريبا من السياسة الإيرانية، في جعل ملف الرئاسة موضوعا للمساومة، في موقف يتماشى مع مواقف حركة غوران (التغيير)، و حزب المجتمع الإسلامي، حيث تصر هذه الجهات على تقليص صلاحيات رئيس الإقليم بارزاني مقابل تمديد رئاسته لمدة عامين.  

وتطالب الأحزاب الثلاثة بأن يكون منصب رئيس الإقليم رمزيا مثل منصب رئيس الجمهورية العراقية، حيث تسعى غوران لتعزيز مكانتها، إذ أن نفوذها السياسي على أرض الواقع يعد ضعيفا بسبب عدم وجود وحدة بيشمركة تابعة لها، رغم العدد الكبير من النواب الذي تمتلكه في برلمان الإقليم.

وتريد الحركة أن تعزز من سلطات الحكومة الائتلافية التي تشارك فيها، ودور البرلمان، حيث يضم الإقليم في هيكلته الإدارية ثلاثة مناصب هامة، تتمثل في رئاسات "الإقليم"، و"الحكومة" و"البرلمان".

وتصر غوران على ضرورة انتخاب رئيس الإقليم من قبل أعضاء البرلمان وليس الشعب، في خطوة قد تتيح لها الفوز بأحد منصبي رئاسة الإقليم أو الحكومة اللذين بيد الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا. 

التحالف الذي غيَر المعادلة.

أدى تطابق مواقف الأحزاب الثلاثة المذكورة المطالبة بتقليص صلاحيات رئيس الإقليم، إلى قلب التوازنات السياسية في الإقليم رأسا على عقب، حيث تمتلك غوران 24 مقعدا من أصل 111 إجمالي مقاعد البرلمان، في حين يمتلك حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، 18 مقعدا، وحزب المجتمع الإسلامي، ستة مقاعد.

أما الحزب الديمقراطي الكردستاني فيمتلك 38 مقعدا بمفرده، ويسعى لكسب تأييد بقية الكتل السياسية، في مواجهة الأحزاب الثلاثة، حيث تتطلب الأغلبية في البرلمان، الحصول على تأييد 56 نائبا.

وبحسب المعادلة الحالية في البرلمان، فإن الجهة التي يمكنها الحصول على تأييد حزب الاتحاد الإسلامي، رابع أكبر حزب في البرلمان بـ 10 نواب، ستحقق الأغلبية، في أي تصويت يجري بخصوص مسألة رئاسة الإقليم.

إلا أن ما يزيد تعقيد المشهد السياسي الانقسام الذي يشهده حزب الاتحاد الإسلامي، حيث يدعم  جناح الحزب في أربيل ودهوك المعروف باسم "باديني"، رئيس الإقليم بارزاني، في حين يقف جناح السليمانية المعرف بـ"صوران"، إلى جانب الأحزاب المنادية بتقليص صلاحياته.

ونجح "الديمقراطي الكردستاني" جزئيا في جذب "حزب الاتحاد الإسلامي" إلى صفه، حيث قدم ديندار دوسكي الشخصية الهامة في الحزب استقالته في دهوك، من أجل دعم بارازني، إلا أن إدارة الحزب رفضت استقالته، في حادثة أدت إلى زيادة الدعم في أوساط هذا الحزب لرئيس الإقليم.
 
أما الأقليات التي لها عدد محدد من المقاعد بنظام الحصص في برلمان الإقليم، فيقفون بصف بارزاني،  نظرا لسياسته التي يعتبرونها إيجابية تجاه الأقليات العرقية والدينية في الإقليم.

وتمتلك الأقليات 11 مقعدا، ستة منها للتركمان، واثنان لكل من الأشوريين والسريان، ومقعد لكل من الكلدانيين والأرمن.

ووصل الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، إلى مدينة السليمانية بإقليم شمال العراق، الإثنين، للتوسط لحل أزمة الرئاسة التي يشهدها الإقليم.

وقال معصوم في تصريحات للصحفيين، لدى وصوله مطار السليمانية، إنه "سيلتقي جميع الأطراف السياسية والقادة في الإقليم كل على حدة"، معربا عن اعتقاده بضرورة تبادل وجهات النظر، من أجل التوصل إلى حل لأزمة الرئاسة في الإقليم.

وطالب، مسعود بارزاني، الأحد، الأحزاب السياسية في الإقليم، بالاجتماع قبل يوم 20 آب/ أغسطس الجاري، للعمل على التوصل إلى حل لأزمة الرئاسة التي يشهدها الإقليم. 

وتولى مسعود بارزاني رئاسة الإقليم عام 2005، باختيار البرلمان، وتم تجديد ولايته في انتخابات مباشرة جرت عام 2009، حصل فيها على 69% من أصوات الناخبين، وفي 2013، تم تجديد ولايته لمدة عامين، عقب خلافات بين الأحزاب الكردية حول إجراء استفتاء على مشروع دستور للإقليم.‎

وتأسس مجلس شورى الإقليم، وفق القانون رقم 14 والمشرع من قبل برلمان إقليم شمال العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2008، وهو يرتبط إداريا بوزير العدل، والهدف من تأسيسه النظر في المنازعات الإدارية، وضمان وحدة التشريع، وتوحيد أسس الصياغة التشريعية.

ويختص المجلس بالتقنين وإبداء الرأي والمشورة في الأمور القانونية والقضاء الإداري في إقليم شمال العراق، ويعتبر رأيه ملزما في المسائل التي تعرضها عليه الجهات العليا.