سياسة عربية

"الموت البطيء" يقتل عشرات المعتقلين في سجون الانقلاب

سلطات الانقلاب تهمل أوضاء السجناء حتى الموت - أرشيفية
"لقي سجين مصرعه، داخل سجن كذا أو قسم شرطة كذا بسبب التكدس والحر الشديد أو بسبب الإهمال الطبي".

أصبح مثل هذا الخبر معتادا في مصر في الأسابيع الأخيرة التي شهدت وفاة العشرات من السجناء السياسيين والجنائيين جراء الإهمال المتعمد والأوضاع المزرية داخل أماكن الاحتجاز.

وكان آخر هذه الحوادث وفاة سجين جنائي في قسم شرطة جمصة بمحافظة الدقهلية بعد معاناته من ضيق في التنفس، ومصرع شخص داخل قسم الرمل بالإسكندرية، بعد ساعات فقط من اعتقاله الجمعة الماضي أثناء مشاركته في مظاهرات لجماعة الإخوان المسلمين، كما لقي ثلاثة محتجزين جنائيين بقسم شرطة شبرا الخيمة وأربعة محتجزين داخل سجن الوادي الجديد مصرعهم خلال الأسبوع الماضي.

"نحن نموت ببطء"

وروى أبناء "عصام العريان" نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي بالإخوان المسلمين، المعتقل في سجن العقرب، تفاصيل الحالة المأساوية التي يعيشها والدهم والآلاف من معتقلي الجماعة داخل السجون.

وقال "إبرهيم العريان" - عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" - إن "المعتقلين في السجون يتعرضون لعمليات "موت بطيء"، موضحا أن "العنبر الذي كان والده محتجزا فيه شهد وفاة اثنين من المعتقلين، قبل أن يتم نقله في رمضان الماضي إلى زنزانة انفرادية شهدت أيضا وفاة الشيخ "نبيل المغربي" القيادي بجماعة الجهاد.

وقالت "أسماء العريان"، إن "والدها يعاني من الهزال شديد ولا يسمح له بتناول الأدوية على الرغم من إصابته بأمراض مزمنة، ونقلت عنه قوله إن الأجهزة الأمنية داخل السجن "يقتلوننا ببطء" ويتعمدون حبسهم في زنازين انفرداية ليس بها حتى دورة مياه"، وأضافت أنها تشعر أن هذه الزيارة هي زيارة الوداع لوالدها.

وحذرت قيادات الجماعة الإسلامية من الأوضاع المأساوية التي يعاني منها معتقلو الجماعة داخل السجون، حيث أكد رئيس حزب البناء والتنمية التابع للجماعة "طارق الزمر" أمس الأحد، تدهور الحالة الصحية للمعتقل "عصام خيري" القيادي بالحزب بسبب ما أسماه "القتل الطبي" والإهمال المتعمد بسجن طرة.

ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من وفاة اثنين من قيادات الجماعة الإسلامية في المعتقلات نتيجة الإهمال الطبي وهما "عصام دربالة" رئيس مجلس شورى الجماعة، و"عزت السلاموني" القيادي بالجماعة. 
وأعلن "أحمد الإسكندراني" المتحدث باسم الحزب، نقل "نصر عبد السلام" الرئيس السابق للحزب، المعتقل احتياطيا منذ أكثر من عام في سجن العقرب، إلى مستشفى "قصر العيني" بعد تدهور حالته الصحية بشكل حاد.

انقلابيون متعاطفون

وأثارت هذه الأوضاع التي يعاني منها المعتقلون في مصر تعاطف الكثيرين ومنهم مؤيدون للانقلاب، ومن ضمنهم رئيس تحرير صحيفة "الشروق" المقربة من الانقلاب "عماد الدين حسين"، الذي طالب الحكومة بإطلاق سراح كل المعتقلين المرضى وكبار السن في ظل ظروف التكدس الشديد والطقس الحار الذي يضرب البلاد.

وأضاف "حسين" - في مقال صحفي- أن مبادرته تشمل كل المساجين السياسيين والجنائيين، على أن يتم وضع الأشخاص الذين يمثلون خطرا على الأمن القومي تحت الإقامة الجبرية المشددة، موضحا أن تطبيق هذا الإقتراح سيمكن الحكومة من الرد على كل من يتهمها بالمشاركة فى قتل بعض المعتقلين المرضى أو التسبب في تفاقم أمراضهم بسبب أوضاعهم السيئة في السجون".

واعترف الإعلامي "وائل الإبراشي" بوجود عمليات تعذيب وقتل متعمد داخل السجون عن طريق الإهمال الطبي، أدت إلى وفاة عدد من المعتقلين، مؤكدا أن وزارة الداخلية تمارس الإرهاب وتغذيه بهذه الممارسات، وتعتبر مسؤولة عن قتل المحتجزين داخل السجون عبر تعريضهم لظروف غير إنسانية.

وأذاع "الإبراشي" في برنامجه مقاطع فيديو من داخل سجن قسم شبرا الخيمة تظهر مصرع أحد المحتجزين نتيجة التعذيب والتكدس الشديد داخل الحجز، حيث يحتجز أكثر من 160 شخصا في غرفة تحت الأرض ولا يوجد بها وسائل تهوية وتتسع فقط لـ 30 سجينا.
    
مليار جنيه لتطوير السجون

وبحسب بيان سابق للمجلس القومي لحقوق الإنسان التابع لسلطات الانقلاب، فإن نسبة التكدس داخل أماكن الاحتجاز في أقسام الشرطة المصرية بلغت 300 بالمئة، فيما وصلت داخل السجون إلى 160 بالمئة.

وطالب الناشط الحقوقي "جمال عيد" - عبر حسابه على موقع "تويتر" - بإقالة وزير الداخلية ومحاكمته بعد وفاة 11 محتجزا بأقسام الشرطة المختلفة في الأيام القليلة الماضية من الاختناق بسبب الحر الشديد، كما دعا إلى دفع تعويضات لأسر الضحايا.

وبدلا من إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا أو مراجعة أوضاع المعتقلين ظلما، -كما وعد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عدة مرات-، نقلت صحيفة "الشروق" عن مصادر أمنية قولها إن وزارة الداخلية تدرس بناء عدد من أقسام الشرطة والسجون الجديدة للحد من الزحام الشديد فى أماكن الاحتجاز!.

وأعلنت المصادر أن الداخلية طالبت مجلس الوزراء منذ أكثر من عام بتوفير الإعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ هذه الخطة التي تتكلف مليار جنيه، إلا أنها لم تتلق موافقة حتى الآن.