مقالات مختارة

رغم إرهابهم .. حياة إنسان لن تكون رخيصة

1300x600
كتب علي بيرام أغلو: كنتُ في جنازة أحد الصحفيين، وأتتنا صاعقة خبر احتجاز المدّعي العام محمد سليم كيراز. ومثل الجميع كنتُ قلقاً على حياة المدعي العام، هل سينجو؟ لكن للأسف! تم قتل المدعي العام على أيدي الإرهابيين.. الإرهابيين المنتسبين إلى حزب جبهة التحرر الشعبي الثوري الإرهابي! من هؤلاء؟ باسم من يقومون بإزهاق الأرواح؟ لا شكّ أنهم يتوعّدون الدولة بعمليات أكبر وأكثر، لأن إزهاق حياة مدعٍ عام لها دلالات سياسية كبيرة. الحزبُ الإرهابي لديه سيرة ذاتية طويلة، تمتد من اليسارية إلى العلوية المتطرفة إلى العمالة الخارجية.
 
هذا الرجل الذي برز من عامة الشعب، تعب واجتهد ليصل إلى هذا المكان في الدولة، ليأتي هؤلاء الإرهابيون ويزهقوا روحه؟ المحزن أنهم قتلوه باسم الشعب على حد تعبيرهم! أيّ حياةٍ يضعون حدا لها باسم الشعب! والمعيبُ جداً أن تقوم الحكومة والمعارضة على حد سواء باستغلال الحادثة في مآرب سياسية. يجب الوقوف ضدّ هذا العمل الشنيع، يداً وجسداً واحداً.

ورأينا مهزلة سياسية من زعيم المعارضة كمال قليجدار أغلو حينما قال: "لقد استفادت الحكومة من هذه الحادثة، لو لم تكن الاستخبارات منشغلة بأمر آخر لما قتل المدعي العام"، في إشارة منه إلى العمليات التي تقوم بها وحدات المخابرات التركية تجاه أفراد وخلايا الكيان الموازي الذي يتزعمه فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية. كنا نتمنى أن يصرّح كمال قيليجدار أغلو بانحيازه وبيعته لليسارية، سيما أن كل ما ينطق به في الآونة الأخيرة يدل على ذلك.
 
أعود إلى صاحب الجنازة التي كنت فيها، الصحفي سيروبيان.. ذاك الصحفيّ الذي تحدّث عنه أحد الأصدقاء راوياً لنا عن مسيرته الحياتية. لقد كان سيروبيان يفتخر بدخوله الحياة العملية مبكراً، حيث بدأ بالعمل كمصلّحٍ للأدوات المنزلية. كان يتقن عمله جيداً. وبعد وقتٍ طويل من نضاله العملي اجتمع مع أصدقائه وأسسوا صحيفة أغوس الأرمنية في إسطنبول. ذلك الرجل الذي لم يستسلم حينما اغتيل صديقه هرانت في أحد شوارع إسطنبول، كما أننا لن نستسلم أمام الإرهابيين الذي أزهقوا روحاً بلا حق. وقال سيروبيان حينها إننا لن نستسلم ولن نغلق الصحيفة دفاعاً عن هرانت وسنستمر في عملنا. هذه هي حياة الإنسان.. ليست رخيصة ولا يمكن أن تكون كذلك.

(عن صحيفة يني شفق- ترجمة وتحرير: تركيا بوست)