ملفات وتقارير

تونس.. ماذا وراء انسحاب مرشحين من سباق الرئاسة؟

يشير مراقبون إلى تصاعد شعبية المرزوقي في الأيام الأخيرة- ا ف ب
شكّك مراقبون في الأسباب التي تحدث عنها المرشّحان المستقّلان نور الدين حشّاد ومصطفى كمال النابلي، مساء الاثنين، والتي دفعتهما للانسحاب من انتخابات الرئاسة التي ستُجرى في تونس في الثالث والعشرين من الشهر الجاري تشرين الثاني/ نوفمبر.

ووصف المراقبون تزامن إعلان نور الدين حشّاد، نجل الزعيم النقابي "الشهيد" فرحات حشّاد، ومصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي سابقاً، عن مغادرتهما السباق بـ"الانسحاب التكتيكي الذي وقع الإعداد له مسبقاً لفائدة مرشّح حزب نداء تونس الباجي قايد السبسي".

المال المشبوه والاستقطاب

وبرّر المرشح المنسحب نور الدين حشاد، خلال البرنامج الحواري "شكراً على الحضور" على القناة الوطنية الأولى، قرار انسحابه بما تعيشه تونس من "استقطاب ثنائي ومال سياسي" خلال الحملة الانتخابية الرسمية.

كما عبّر عن مخاوفه وعدم تفاؤله بما ينتظر تونس خلال الفترة الرئاسية القادمة التي تمتدّ لخمس سنوات "بسبب الدور الغامض الذي يلعبه المال المشبوه والاستقطاب في الحياة السياسية" بحسب تعبيره.

وانتقد حشّاد ما وصفها بـ"التصرّفات المتدنّية" التي ميّزت الحملات الانتخابية في الأسبوعين الماضيين، وما صاحبها من تراشق بالكلام بين السياسيين، "الأمر الذي لا يشرّف أيّ مرشّح لرئاسة تونس"، معلناً رفضه أن يكون "جزءاً مما سيحدث بتونس في المستقبل".

عدم تشتيت الأصوات

من جانبه؛ ربط مصطفى كمال النابلي قرار انسحابه من الانتخابات بالرغبة في "عدم تشتيت الأصوات، وضمان عدم عودة المرزوقي إلى الحكم"، مطلقاً صيحة تحذير من "دعوات العنف، وتفشي المال السياسي في الحملات الانتخابية".

واتهم النابلي في البرنامج الحواري المباشر "الطريق إلى قرطاج" على قناة نسمة الخاصة، حملة المرشّح محمد منصف المرزوقي، الرئيس الحالي، بـ"التحريض على العنف، بعد أن تأكد مشاركة وجوه من رابطة حماية الثورة المحظورة" رامياً إياها بـ"السعي لإفساد الديمقراطية".

وشبّه النابلي، الذي أقاله المرزوقي من منصب محافظ البنك المركزي منذ أكثر من سنتين، المناخ الحالي بـ"ما كان سائداً خلال سنتي 2012 و2013 حينما طغى العنف والإرهاب والاغتيالات" على حد قوله.

تصاعد شعبية المرزوقي

مراقبون قالوا لـ"عربي21" إن انسحاب النابلي "يأتي رغبة منه في مضاعفة حظوظ الباجي قايد السبسي أمام المرزوقي".

وقال مصدر مطلع من حملة أحد المرشّحين، رفض الكشف عن اسمه، لـ"عربي21" إنّ أسباباً كثيرة تقف وراء انسحاب المرشحين حشّاد والنابلي، من بينها تصاعد شعبية المرزوقي خلال الأيام الأخيرة؛ بما حتّم اتخاذ قرار الانسحاب لفائدة السبسي.

وأضاف المصدر نفسه أن الخوف من تشتّت أصوات العائلة الدستورية، وصعوبة مرور حشّاد والنابلي إلى الدور الثاني، أمام تضاعف حضور المرزوقي في الفضاء العام، وبروزه كمرشّح الثورة؛ عجّل باتخاذ القرار.

وتابع: "الأيام القليلة القادمة قد تشهد انسحاب سبعة أو ثمانية مرشّحين آخرين لفائدة قايد السبسي".

وحاول موقع "عربي21" الاتصال بأحد أعضاء فريق الحملة الانتخابية للمرشح الباجي قايد السبسي لمعرفة موقفه من هذه الانسحابات، إلاّ أنه لم يتمكّن من ذلك.

لم يكن قراراً اعتباطياً
من جهته؛ نفى معزّ الغريبي، المسؤول الإعلامي في حملة المرشّح المنسحب نور الدين حشاّد لـ"عربي21" أن يكون لقرار حشّاد مغادرة السباق الرئاسي علاقة بالمرشّح الباجي قايد السبسي، وقال: "لم يكن قراراً اعتباطياً، وإنما هو قناعة ترسّخت لدى السيّد حشّاد بعد أنشطة مُكثفة ومتابعة دقيقة لما يحدث في الساحة السياسية".


وأضاف الغريبي أن حشّاد لن ينسحب من الحياة السياسية، وسيواصل العمل من أجل تحقيق الأهداف التي رسمها في برنامجه الانتخابي، وخاصة في ما يتعلّق بهشاشة الوضع الاجتماعي وما تعانيه الفئات الضعيفة من خصاصة وتهميش".

رئيس ضد الاستبداد والفساد

وكانت حركة النهضة نفت الاثنين على لسان القيادي عماد الحمامي؛ صحّة الوثيقة التي تمّ تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي على أنها وثيقة سرّية تحمل دعوة من "النهضة" لأنصارها للتصويت للمرزوقي في الانتخابات الرئاسية.

كما دعا حمادي الجبالي، الأمين العام السابق لحركة النهضة وأوّل رئيس حكومة للترويكا، إلى انتخاب رئيس للجمهورية من حزب آخر غير الحزب الأغلبية في مجلس نواب الشعب.

وقال في بيان له أمس الاثنين: "انتخبوا رئيسا خَبِرنا نضاله في العسرة ضد الاستبداد والفساد، ديمقراطياً فكرا وممارسة، رئيساً جامعاً لكل أبناء شعبه، حكيماً مبدئيا في مواقفه، قوياً في تحمل أعباء الحكم".

وبلغ عدد المرشحين المنسحبين من سباق الانتخابات الرئاسة إلى غاية اليوم الاثنين 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، أربعة من جملة 27 مرشّحا، وهم: مرشّح الحركة الدستورية عبدالرحيم الزواري، ومرشح التحالف الديمقراطي محمد الحامدي، إضافة إلى المرشحين المستقلين نورالدين حشاد، ومصطفى كمال النابلي.