سياسة عربية

"حذر".. مخطط أمني مغربي يستهدف الإرهاب وإيبولا

قوات "حذر" تنتشر في المطارات والموانئ - أرشيفية
رفع المغرب درجة استعداداته الأمنية والاستخبارية، إلى مستوى غير مسبوق، تجلى في اعتماد مخطط "حذر" الأمني، الذي شرع الاثنين في تنفيذ أولى خطواته داخل مطارات وموانئ المملكة، وسط حديث عن تخصيص وحدات خاصة من الجيش للقيام بمهام المراقبة داخل المدن.

وأكدت مصادر متطابقة، أن قيادة القوات المسلحة الملكية ستخصص وحدات من فرقة قوات التدخل السريع، المعروفة اختصارا بـ"البلير"، لتمثيل الجيش في المخطط الأمني الجديد "حَذَر"، الذي يشرف عليه الملك محمد السادس شخصيا، "لمواجهة التحديات الأمنية وحماية المملكة من المخاطر المحتملة".

وستعمل وحادت التدخل السريع، بحسب مصادر لـ"عربي21"  بموجب المخطط الأمني الجديد الذي يروم مكافحة المخاطر التي تهدد البلاد، وتوفير الحراسة لمختلف مصالح الدولة الحساسة والمواطنين والأجانب، في النقاط الحدودية، والمواقع الحساسة كالمطارات والموانئ.

وأشارت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها إلى أن تلك الوحدات ستكون جنبا إلى جنب مع باقي الأجهزة المنوط بها تنفيذ المخطط من درك ملكي وشرطة وقوات مساعدة.

وكشفت المصادر أيضا، أن إشراك وحدات فرقة "البلير" في تنفيذ مخطط "حَذَر"، سيتم تنزيله بشكل تدريجي لحماية الوطن والمواطنين والمواقع الحساسة، وأنها باشرت عملية نشر هذه الوحدات تدريجيا انطلاقا من مطار محمد الخامس، بمدينة الدار البيضاء، قبل تعميمها على المطارات والموانئ، والمنشآت الحساسة.

وأعلن وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد، من مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، عن القرار "من أجل تعزيز المخطط الوطني الجاري العمل به حاليا لمكافحة مختلف المخاطر التي تهدد البلاد"، في لقاء حضره وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك، بتفعيل آلية جديدة للأمن، تحت اسم "حذر"، تضم القوات المسلحة والدرك والشرطة والقوات المساعدة.

وكان لافتا مشاركة مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار في هذا اللقاء، على رأسهم المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الجنرال دو كور دارمي.

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني، والباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، عبد الرحمن مكاوي، أن "مخطط حذر جاء بأمر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، بما يعني أن المغرب ومن خلال رئيس الدولة، يتحسب لمخاطر متعددة، وأنه وضع جميع مؤسساته الأمنية والعسكرية على درجة عالية من التأهب والاستعداد".

وتابع مكاوي، في تصريح لـ"عربي21"، بأن "المغرب مهدد بمخاطر متعددة، متمثلة في الخطر الإرهابي بمختلف تعبيراته وامتداداته وتحالفاته، وعصابات الجريمة المنظمة العابرة للقارات، وتهديدات البوليس أروي الأخيرة بحمل السلاح على المغرب، والخطر الذي يهدد الحدود المغربية الجزائرية، ولا ننسى أيضا الخطر الذي يمثله فيروس الإيبولا".

وتوقف مكاوي، عند التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الجزائري قايد صالح، التي أعلن من خلالها، تعويض وحدات الدرك الموجودة بين المغرب والجزائر بوحدات الجيش، معتبرا أنه "تصريح خطير، في ظل الانسداد السياسي الحاصل في الجزائر، والذي يزداد تعقيدا من خلال الصراع بين الرئيس بوتفليقة وبعض قيادة الجيش الجزائري".

وبخصوص إطلاق اسم "حذر" على المخطط الأمني، أضاف الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن "حذر" تعتبر درجة من درجات الاحتياط والاستعداد الأمني والعسكري، وتعكس درجة التأهب لدى مختلف جيوش العالم، "يقابلها مثلا استعمال بعض الألوان، التي تنتقل بشكل تدريجي وبحسب الخطورة من الأخضر إلى الأزرق إلى البرتقالي فاللون الأحمر"، على حد وصفه.

وتابع مكاوي، بأن "الإعلان عن الخطة، يكشف اعتماد المؤسستين الأمنية والعسكرية خطابا شفافا وواضحا في علاقته مع المواطنين، عبر إشراكهم بواسطة المعلومة ضمن إجراءات الوقاية والحماية، بأوامر الملك وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة المغربية".

في ذات السياق، سجل الباحث في الشؤون الأمنية في شمال إفريقيا، إسماعيل حمودي، أن "للاجتماع الذي أعلن فيه المغرب عن وجود مخطط أطلق عليه اسم حذر سياقا عاما يمكن من خلاله قراءة القرار المغربي في هذا الظرف تحديدا".

وأضاف إسماعيل حمودي، في تصريح لـ"عربي21" أن هناك "ثلاثة أمور تقلق المغرب في الفترة الأخيرة، وهي أولا، فيروس إيبولا، والذي وضعت خطة بشأنه يسهم فيها أيضا كل من الجيش والمخابرات والشرطة والدرك الملكي، وترمي إلى الوقاية من تسرب المرض إلى المغرب، وثانيا مغاربة داعش، خاصة وأن الحدث الأخير كشف أن المغرب قد يكون نقطة عبور من أوربا نحو سوريا والعراق غبر تركيا"، على حد قوله.

وشدد الباحث على أن "الخطر الثالث يكمن في، إمكانية استغلال المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش، لتسلسل رجال القاعدة الى المغرب قادمين من أفريقيا، وهو الأمر نفسه الذي يمكن أن يقع في حالة استقر الأمر على تنظيم كأس أفريقيا".

وأوضح حمودي، أن "المخاوف الثلاثة تشير إلى أن الخطر قد يتسرب أساسا من الحدود، أي قادما من الخارج، ولهذا السبب كان الحضور لمسؤولي الحدود مميزا، بدء من وزير النقل، إلى مدير الجمارك، إلى والي الدارالبيضاء، وصولا إلى عوامل منطقة النواصر التي يوجد فيها مطار محمد الخامس"، على حد قوله.

وسجل الباحث، أن "إعلان المخطط الغرض منه -وهذا تحول جديد في العمل الأمني بدا منذ الصيف الماضي- التواصل وأطماع الرأي العام في الانشغالات الأمنية للمملكة، وهذا تحول يشير إلى فكرة إشراك المواطن في قضايا تتعلق بأمنه، وتحيل في العمق إلى فكرة أن الأمن هو خدمة عمومية، وهو تحول جوهري حصل في العقيدة الأمنية للأجهزة"، وفق تعبيره.

وتأتي مشاركة عناصر من الجيش في مخطط "حَذَر" بعد نحو ثلاثة أشهر من مشاركته للمرة الأولى في الإشراف وصيانة الأمن بعيدا عن مهامه العسكرية في مراقبة الحدود والأجواء، ونشر لبطاريات صواريخ في عدد من المدن والمواقع الحساسة لمواجهة الأخطار الإرهابية.
   
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، السبت الماضي، عن تبني استراتيجية أمنية جديدة تحت اسم "حَذَر" بناء على تعليمات ملكية لمختلف الأجهزة الأمنية بالمملكة، من أجل تفعيل آلية جديدة للأمن.

وأعلنت السلطات المغربية في آب/ أغسطس الماضي، عن مخطط استثنائي لمواجهة المخاطر التي تحدق في المغرب، ونشرت بطاريات ومدافع لمواجهة خطر الطائرات المدنية التي يفترض أنه جرى اختطافها في ليبيا، واحتمال توظيفها ضد دول مغاربية أو أوروبية.