صحافة دولية

الغارديان: معضلة غياب الأهداف في حروب أميركا

الغارديان: ثمن عدم توضيح الأهداف يظل تصعيدا مستمرا للعنف - أرشيفية
كتب سبنسر إكرمان مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية في نيويورك، عن الثمن الذي دفعته الولايات المتحدة جراء الحروب، والفشل الذي وقعت به عندما خاضت حروبًا دون أهداف واضحة. 

وقال إكرمان إن الدرس الأهم الذي تعلمته جراء هذا أن "الأهداف غير المحددة للحرب تدعو دائما للتصعيد"؛ فالحرب العراقية الثالثة هي أصدق دليل على هذا، فهناك 1.700 مستشار عسكري أميركي في العراق، أي أكثر بـ 1.600 من العدد في حزيران/ يونيو، بعد اجتياح "تنظيم الدولة" المعروف بـ "داعش" مدن الموصل وتكريت، واقترابه من عاصمة الأكراد أربيل في كردستان. 

ويضيف: "لا يطلق عليهم قوات برية، فهم يوصفون بالمستشارين الأمنيين للسفارة الأميركية في العراق"، وهذا الوصف يزعزع إصرار الرئيس الأميركي باراك أوباما على عدم عودة القوات البرية مرة أخرى للعراق، وهي الرسالة التي أكدها أوباما أمام الجنود أمس. 

ويرى الكاتب أن تزايد عدد الجنود الأميركيين ليس الملمح الوحيد  للتصعيد، فقد توسع مجال الغارات من شمال العراق إلى جنوب- غرب بغداد، وسيشمل قريبا الأراضي السورية. فقد اعترف وزير الدفاع تشاك هيغل أن الدفعة الأولى من المقاتلين السوريين، الذين سيتلقون تدريبا أميركيا، لن يكونوا قادرين على حرف مسار الحرب، ولم تستطع الولايات المتحدة بعد تأكيد تحالف دولي وضمان تعاون الدول العربية في التحالف لضرب "داعش".

ويتابع إكرمان أن أوباما حدد الأسبوع الماضي معالم استراتيجيته المتمثلة في "إضعاف وتدمير" داعش، وهو هدف يؤشر لعملية حتى النهاية، لكن تحقيقه غير ممكن. فبحسب الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، تدمير "داعش" سيحدث عندما ترفض الدول العربية السنية أيديولوجية "داعش"، مما يطرح أسئلة حول الوقت الذي ستوقف فيه الولايات المتحدة ضرباتها الجوية. وهو سؤال كانت الولايات المتحدة بارعة في تأجيل الجواب عنه وبثمن كبير من الأرواح والأموال.


ففي أفغانستان كان هدف أوباما من زيادة أعداد القوات الأميركية المقاتلة هناك، في الفترة ما بين 2010-2011، "كسر زخم تقدم طالبان"، وكانت النتيجة تراجع قوة التمرد، فيما استمر الوجود الأميركي هناك إلى عام 2016 وربما 2024.

وبنفس السياق كان هدف أوباما في حربه للقاعدة "تشويش، وتفكيك وهزيمة" التنظيم في الباكستان وأفغانستان. وفي الوقت الحالي يعتبر ما حققه أوباما نجاحا، بعد أن أصبح التنظيم غير مهم، منذ مقتل أسامة بن لادن في عام 2011، ومع ذلك لم تتوقف الغارات الجوية عبر الطائرات الموجهة (درون)، حسب ما أوردته الصحيفة.

ويرى الكاتب أن رد الولايات المتحدة على بروز القاعدة في  اليمن والصومال مغلف بالسرية، بشكل لا يدعو الولايات المتحدة الكشف عن استراتيجيتها وأهدافها هناك.

وعندما قاد جورج بوش قواته لغزو العراق، تحول الهدف من تدمير أسلحة الدمار الشامل إلى الإطاحة بصدام حسين، إلى حماية شيء يشبه الديمقراطية. 

ويقارن الكاتب كل هذا مع استراتيجية أميركا في شبه الجزيرة الكورية؛ حيث بدأ الجنرال دوغلاس ماك أرثر الحرب بهدف حماية حليف أميركا في سيؤول وتحول إلى تدمير بيونغيانغ، وانتهى الصراع إلى حالة من انسداد الأفق. 

وفي فيتنام أدت الضمانات غير الواقعية للقوى الوكيلة وتفضيل خيار الحرب على التحديات السياسية إلى التصعيد المأساوي. 

ويجد إكرمان أن نهاية الحروب الأميركية تكون في العادة من خلال عوامل خارجية، عوضا عن استخدام القوة العسكرية، مثل قتل الثوار الليبيين للزعيم معمر القذافي.

والمثال الوحيد الاستثنائي هو حرب العراق الأولى، التي كان هدفها  إخراج الجيش العراقي من الكويت، والتي حصلت بسرعة، لكن مأساتها جاءت فيما بعد، من خلال جعل الإطاحة بصدام حسين سياسة، وهو ما غرز الولايات المتحدة أكثر في الشأن العراقي. 

ويختم إكرمان بالقول إن ثمن عدم توضيح الأهداف يظل تصعيدا مستمرا للعنف في وقت يبتعد فيه منظور النصر.