سياسة عربية

التوترات في الخليل تصل إلى نقطة الغليان

انسحب الجيش من مدن الضفة واتجه للحرب على غزة - الأناضول
ذكرت صحيفة الميدل إيست آي البريطانية في تقرير لمراسليها شيرين خليل وماثيو فيكيري أن الأجواء في الخليل قد "وصلت إلى نقطة الغليان" على الرغم من أنها تبدو طبيعية للوهلة الأولي.

ويوضح التقرير أن المحال التجارية الآن مفتوحة وتعمل بشكل طبيعي، واختفت نقاط التفتيش من الشوارع وتراجع الوجود العسكري الذي سيطر على المدينة أثناء العملية الإسرائيلية التي تلت اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل الشهر الماضي، فبعد التوتر الذي ساد المدينة بعد اختفاء المستوطنين، بدى وكأن الأمور هدأت قليلا بعدما تم العثور على جثث المستوطنبن في 30 يونيو. 

وحتى بعدما اندلعت الاحتجاجات في البلدات العربية في اسرائيل والضفة الغربية في أعقاب مقتل الصبي الفلسطيني محمد أبو خضير وبعد العدوان على غزة تم رفع الحواجز في الخليل.

ولكن التقرير يؤكد أن الخليل لازالت في توتر بالرغم من مظاهر الحياة الطبيعية في المدينة، والسبب في ذلك ليس التظاهرات التي لازالت مستمرة بشكل يومي، ولكن السبب الأكبر هو تخوف سكان الخليل من الاعتداءات الانتقامية من قبل جيرانهم من المستوطنين.
 
ويقول سكان الخليل أنه بعد الانسحاب الجزئي لجيش الاحتلال صعد المستوطنين من هجماتهم على المواطنين الفلسطينيين ولم يعد السكان العرب يشعرون بالأمان.

 وأجرت الصحيفة حوارا مع أحد السكان، ويدعى عابد محتسب، وهو يمتلك متجرا للهدايا التذكارية قبالة شارع الشهداء في الخليل، وهو شارع مزدحم ويقطن حوله مئات المستوطنين الاسرائيليين بشكل غير شرعي.

والخليل هي المدينة الوحيدة في الضفة الغربية التي يقطن بها المستوطنين الاسرائيليين جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين في قلب المدينة. وقد اعتادت المدينة على الاشتباكات المتكررة بين الفلسطينيين والمستوطنين منذ أن بدأ اليهود في احتلال البلدة القديمة، ولكن السكان يعتقدون أن التوترات التي تشهدها المدينة الآن هي غير مسبوقة.

ويضيف التقرير أنه حتى في الأوقات الأقل حساسية يقوم المستوطنون بإلقاء القمامة والمياه القذرة والحفاضات أمام الفلسطينيين والسياح، ومؤخرا أصبح هناك تصعيدا خطيرا حيث بدؤوا في قذف المارة والسيارات بالحجارة، وقد تزايدت حدة الهجمات الانتقامية في أعقاب العثور على جثث المستوطنين الثلاثة، وهو ما يؤكد أن مقتل الفتى أبو خضير كان عملا انتقاميا متعمدا. 

ويقول محتسب أن الحي الذي يقيم به اضطر لأخذ احتياطات إضافية مثل عدم مشي السكان بمفردهم أو الخروج ليلا، والأطفال الذين كانوا في السابق يجرون بحرية في السوق القديمة أصبحوا الآن لا يبتعدون عن منازلهم، حيث يخشى الآباء من تكرار حوادث الاختطاف.

ويعتقد محتسب أن الجنود أفضل من المستوطنين "لأن الجيش على الأقل من المفترض أن يلتزم بقواعد معينة." ولكن المشكلة تتمثل في أن الحكومة الإسرائيلية تعطي المستوطنين الحق لفعل أي شيء، وحتى الجنود لا يستطيعون السيطرة على المستوطنين، على حد قوله.

ويضيف أن الفلسطينين لا يستطيعون التظاهر بالقرب من المستوطنات: "إذا حاولنا ذلك فسوف يتم إطلاق النار علينا بكل تأكيد من قبل المستوطنين وليس الجنود، سوف يطلقون النار علينا وسوف يكتفي الجنود بالمشاهدة."

ويتابع أن سيادة القانون منعدمة في الخليل، بشكل أسوأ من مناطق أخرى في الضفة الغربية، ويعيش سكانها دائما في حالة غياب القانون.

وفي عام 1997 تم تقسيم المدينة وفقا لاتفاق الخليل إلى مقاطعتين مختلفتين، وهما (هـ1) و(هـ2). بالنسبة ل(هـ1) فهي تخصع لسلطة الفلسطينيين، أما (هـ2) فهي تابعة للجيش الاسرائيلي، ويقيم محتسب في البلدة القديمة وهي تابعة للمنطقة (هـ2)، وبها فلسطينيين واسرائيليين. ولكن الجيش الاسرائيلي لا يحمى سوى المستوطنين، على حد قوله، فالسكان الفلسطينيين لا يتمتعون بحماية ضد الهجمات التي يتعرضون لها من قبل الاسرائيليين.

ويختم التقرير بالقول أن استمرار القتال في غرة إلى أجل غير مسمى يجعل سكان الضفة الغربية يشعرون أنهم كذلك لن يتمتعوا بالهدوء سوى بعد وقف إطلاق النار. كما يتوقعون أن القادم أسوأ في الخليل وفلسطين بشكل عام.