كتاب عربي 21

تنظيم القاعدة .. هل هو خير أم شر؟

1300x600
حاولت جهدي أن أتابع كل ما يكتب عن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فتابعت مؤيدين لها ومعارضين، وشاهدت العديد من الأفلام التي تبثها والتي يبثها أعداؤها، وجعلت من معاييري نوعية الناس التي تبث هذه الأخبار وتوجهاتهم وقرأت بعض ما كتبته وسائل الإعلام الغربية عنهم، وقرأت عن تاريخ نشأتهم فدعوني أشارككم بخلاصة قد لا تكون النهائية.

بدأ التنظيم في العراق مع بداية عام 2004 تحت مسمى جماعة التوحيد والجهاد، وفي أكتوبر من نفس العام غير اسمه إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ولكن وسائل الإعلام وعامة الناس بقيت تعرفه بتنظيم القاعدة في العراق، وفي يناير 2006 تجمعت تحت التنظيم السابق عدة تنظيمات صغيرة أخرى فأطلق على نفسه مجلس شورى المجاهدين، وفي أكتوبر من نفس العام أيضا، أطلق على نفسه دولة العراق الإسلامية، وفي أبريل من عام 2013 غير اسمه مرة أخرى إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

 ولكن وسائل الإعلام الأجنبية مازالت مختلفة على اختصار هذه التسمية، فتسميه أحيانا ISIS وأحيانا أخرى ISIL، والاختلاف في الحرف الأخير سببه أن البعض يختصر الشام في حرف S والبعض مازال يسمي الشام Levant.

 خلال الأيام الأخيرة أيدت الولايات المتحدة وإيران وروسيا رئيس الوزراء العراقي المالكي في حربه ضد الإرهاب في الأنبار، بل إن إيران والولايات المتحدة بدأتا في إرسال الأسلحة المتطورة له، فقد أعلنت واشنطن أنها أرسلت صواريخ Hell fire وعشر طائرات بدون طيار ستتبعها بحوالي خمسين أخرى لمراقبة الثوار وتدميرهم من الجو.

 وعلى ذلك فقد أصبح كل سنة العراق يدخلون تحت مسمى الإرهاب، وتناسى العالم أن المالكي فشل فشلا ذريعا في إدارة دولة غنية بمصادرها الطبيعية والزراعية والبشرية وأدارها على أساس طائفي مقيت لم يعهده العالم الحديث من قبل، ومع هذه الفشل يعاني سنة العراق من تهميش وإقصاء وإفقار وتشريد وقتل بشكل منهجي في محاولة لجعلهم يعيشون على هامش الحياة أسوة بأخوتهم العرب والكرد والبلوش في إيران "الإسلامية".

ولكن ما هو حجم تنظيم القاعدة في العراق؟ وهل هو فاعل كما يدعي البعض إلى درجة أن روسيا وأمريكا وإيران أعلنوا الطوارئ لمساندة المالكي في معركته؟ أم أن الأمر غير هذا؟ .

قدر مركز دراسات تابع لوزارة الخارجية الأمريكية في عام 2007 عدد عناصر تنظيم القاعدة في العراق بحوالي ألف مقاتل، ولكن منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق في أواخر 2011 زاد عدد عناصر التنظيم إلى حوالي 2500 مقاتل، وأعلنت الاستخبارات الأمريكية في عام 2007 أن 15% من أعمال العنف في العراق من تنظيم القاعدة ولكن مركز دراسات تابع للكونغرس أعلن أن نسبة أعمال العنف التي تنسب للقاعدة هي حوالي 2 % فقط، واتهم إدارة بوش بتزوير الحقائق لأغراض سياسية، فقد نسبت مراكز معنية بمتابعة نشاط التنظيم 43 هجوما من أصل 439 هجوما على الجيش العراقي ومليشيات شيعية لنشاط القاعدة في حين أن 17 هجوما من أصل 357 هجوما على عناصر الجيش الأمريكي نسب للقاعدة.

وعلى ذلك فإن نسبة عمليات القاعدة هي هامشية بالنسبة للأحداث الدموية في العراق، ولو أسقطنا هذه النسب على أعمال العنف في تلك الدولة المنكوبة فسنرى التالي: 

ففي عام 2013 أعلنت وزارتا الدفاع والصحة في العراق أن 12 ألف شخص قتل خلال ذلك العام وأصيب ضعف هذا العدد، فلو استخدمنا إحصائيات بوش التي هي 15% فإن عدد العراقيين الذين قتلوا على يد القاعدة هو 1800 شخص من إجمالي 12 ألف شخص، ولو استخدمنا إحصائيات الكونغرس فإن عدد القتلى على يد القاعدة هو 240 شخصا فقط.

أعلن وزير العدل العراقي (شيعي) يوم الإثنين الماضي: أن هناك رؤوسا كبيرة في الدولة سهلت هرب سجناء من تنظيم القاعدة من سجني أبو غريب والتاجي في بغداد، وقال حسن الشمري في تصريحه: إن الغرض من تسهيل عملية الهرب هذه كان تقوية النظام السوري من خلال تقوية داعش وتخويف الولايات المتحدة من أن البديل القادم لنظام بشار الأسد هو ذلك التنظيم، مبينا أن قوات حماية السجن انسحبت قبيل اقتحام عناصر القاعدة لهما وإطلاق رفاقهم.

وأضاف، بأن تسهيل عملية الهرب جاءت قبل اتخاذ الكونغرس الأمريكي قرارا بإعطاء التخويل للرئيس الأمريكي باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية لسويرا في حينه التي تم إلغاؤها لاحقا. انتهى .

والآن، يحق لنا أن نتساءل عن الدور الذي يقوم به تنظيم القاعدة في المنطقة، فوجوده لم يعد مرغوبا به، بل إن وجوده أصبح مبررا إما لضرب السنة أو لعدم ضرب أعدائهم، وعليه فإن على التنظيم عبئا أخلاقيا اتجاه السنة يتطلب منه تفكيك التنظيم وحله والاندماج في الكتائب والحركات الموجودة سواء في الشام أو في التشكيلات القبلية في الأنبار، فإصراره على موقفه تجعل أصابع الاتهام تشير إليه بالعمالة والتبعية.

لقد صرح عضو البرلمان الأوروبي السيد ستروان ستيفنسون والذي يرأس وفد البرلمان للعلاقة مع العراق أن الهجوم على إرهابيي القاعدة في 6 محافظات عراقية ليس أكثر من غطاء لإبادة السنة المعارضين للسياسات الشيعية الطائفية على نحو متزايد من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي. انتهى 

فهل سنرى تنظيم القاعدة يعرف الخطر الذي يشكله على السنة في العراق؟ أم أنه سيبقى مصرا على أنه حامي حمى الإسلام وأهله مهما كلف ذلك من أرواح وأعراض وأموال؟.

(الشرق)